Thursday 8th April,200411515العددالخميس 18 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

( الجزيرة ) تستطلع تجارة الأرصفة وبيع النعناع بالسيارات في جدة ( الجزيرة ) تستطلع تجارة الأرصفة وبيع النعناع بالسيارات في جدة
حملة لملاحقة الباعة الجائلين والبلدية تحدد مواقع البسطات والوانيتات
الزبائن يسألون عن مصدر النعناع والشاي الأخضر خوفا من الأسمدة الكيميائية ومياه المجاري

*تحقيق - عبدالرحمن إدريس :
ظاهرة استهلاكية بدأت في الانتشار بجدة تجذب الناس للمنتجات الزراعية ذات الخاصية المعروفة بعلاقتها بالوقاية والعلاج من الأمراض والمشكلات الصحية، إنها المنتجات العشبية التي يتزايد عليها وخاصة إذا عرف المستهلك أن مصدرها مدينة المصطفى - عليه الصلاة والسلام - وهذه البضاعة من عائلة النعناع والشاي الأخضر الطازج وجميعها يصل في نفس اليوم حسب العاملين في هذا المجال كانت من الأمور اللافتة في شوارع البيع، حيث اختارت مجموعة من المواطنين مواقعها في زوايا الأرصفة بأعداد قليلة لتكون سيارات (الوانيت) دكاكين متخصصة في عائلة النعناع المديني فقط تفاديا لمشكلات المنافسة مع الوافدين من العمالة المتخلفة التي تتزاحم في مبيعات المنتجات بالأرصفة من جميع المصادر وبضائعها (المهربة) من حلقة الخضار حيث حصار الإجراءات البلدية فأخذت مواقعها بالعربات المتحركة لتكون جزءا شبه مألوف من معالم شوارع (جدة) التي اشتهرت بخروج البضائع إلى أرصفة الشوارع متعددة الأصناف والمتنوعة في طرق العرض العشوائي، فهي لم تتوقف عند مبيعات (المنتو) والبطاطا المقلية أمام أبواب المدارس، والأغرب أن تجد بائعات (اللوز والحب) أرصفة متاحة أمام مداخل وبوابات أفخم المراكز التجارية حتى في الشوارع الأجمل التي تنافس في حضارتها أرقى الواجهات في المدن العالمية المتقدمة ومن الأمثلة على ذلك (شانزيلزيه) التحلية في الجزء الغربي من شارع الأمير محمد بن عبدالعزيز المعروف بالتحلية.
أمام أبواب المستشفيات باعة وبائعات من هذا النوع، والأرصفة متاحة بكل سهولة وجائلون يتسولون البيع عند إشارات المرور ، الماء البارد متاح في هذه الأجواء والبضائع المحمولة مختلفة، ودراجات (المنتو) واللوز والفصفص المحروق بالنكهة الهندية تجول الشوارع في الأحياء الشعبية والشوارع العامة.
وسط هذا الزحام المكتظ بالبضائع المختلفة كما يقول أصحاب السيارات لم يكن المجال مناسبا لدخول المنافسة الصعبة فكان طبيعيا الاهتداء إلى منتج يصعب دخول غير أصحاب الأرض فيه.
استطلاع (الجزيرة) كان محاولة للإجابة عن كثير من التساؤلات حول الممكن والمتوقع باقتصار التجارة على المواطنين والجانب الآخر حديث عن الظاهرة الطارئة لارتفاع نسبة مبيعات النعناع.
واللافت في الجولة الميدانية حديث الشباب الذين يتعاملون في مبيعات النعناع في تأكيد كثافة الإقبال التي استدعت زيادة توفير كميات مضاعفة ويتم تصريفها أولا بأول في نهاية كل أسبوع.
هل تكتفي سيارات النعناع بالبضاعة الواحدة أم تتحين فرص الاستثمار في الشوارع بإضافة منتجات زراعية من فواكه وخضراوات وذلك بعد القرار الصادر باقتصار مزاولة هذا النوع من البيع على السعوديين؟
وماذا تفعل البلدية لمراقبة السوق التي وجدتها العمالة الوافدة مجالا للفوضى في الطرقات بكثافة واضحة وانتشار مقلق.
من أبيار الماشي إلى جدة
الوصول إلى بعض الاجابات كان في هذه اللقاءات حيث تعتبر سيارات البيع واجهة مألوفة في جدة فما يحدث كما يقول (حمدي الجهني) أنه لا يرتبط بدخول الربيع وذلك لأن هذه المنتجات من بساتين (طيبة) في (أبيار الماشي) التي تبعد عن المدينة المنورة بـ(40) كم خصوصيتها الفريدة بين الواحات الزراعية بعدم الانقطاع على مدار الفصول الأربعة.
إضافة إلى ذلك- كما يقول (الجهني) - فهي إن كانت بمعنى البدائية في أسلوب زراعتها فهذا أضاف ميزة غير متوافرة في كثير من المنتجات لأنها لا تخضع للتسميد الكيماوي ومعرفة زبائننا بخواص المصادر الطبيعية يجعلهم يقبلون علينا وخاصة الذين يحرصون على الجودة ويقدرون هذه المزايا.
ويؤكد هذا المواطن الذي يواصل دراسته صباحا ويتناوب البيع في الوانيت عصرا أن النشاط الجديد في الشهور القليلة الماضية هو بالاكتشاف من التجربة الأولى وذلك ما يقوله كثيرمن المتعاملين معنا فنحن نقدم لهم معلوماتنا البسيطة بشكل غير دعائي للترغيب في الشراء فمكاسبنا متواضعة وأسعار هذه المنتجات زهيدة جدا والمثال هو أنها تفقد فائدتها بالتخزين لأكثر من يوم والبعض يسأل عن الفوائد وآخرون عن المصدر وهم زبائن المرة الأولى ومن خلال التخصص وهذه العلاقة الحميمة بنوع بضاعتنا نكتشف كل يوم جديدا من فوائدها العلاجية.
زيادة الإقبال
(نايف الصحبي) شاب آخر في هذه المهنة المقبلة من بساتين الريحان والنعناع والحبق والشاي الأخضر يشارك في الحوار فيقول:
الحقيقة أننا نواجه زيادة في الإقبال وكنا نعرف أن نهاية الأسبوع تكثر فيه المناسبات والأفراح وجرت العادة أن يكون النعناع مشروبا بعد الوجبات الدسمة وهذا ما يتبعه الكثيرون في المجتمع السعودي منذ زمن بعيد، وأحيانا يقدم لنا الزبائن معلومات عن فوائد النعناع ومنهم عملاء دائمون وأصدقاء وبذلك يتضح لنا تفسير ظاهرة كثافة الإقبال لأن وعي الناس وصل إلى هذه المعرفة فاتجهوا للمصادر الطبيعية.
المنافسة الصعبة
أما عن إمكانية التوسع في تجارة السيارات المتحركة فيقول الصحبي :إنه كان في السابق وإلى شهور قريبة تجربة صعبة لأن العمالة الوافدة تملأ الشوارع بالفواكه والخضراوات وهذا لم يكن يتيح للمواطنين الفرصة للمنافسة وحاليا بدأنا نلمس متابعة من البلدية للقضاء على هذه الظاهرة واقتصار البيع في الشوارع على السعوديين.
لاشك أنها فرصة متاحة للتكسب ولكن لا أعتقد أن نشاهد شبابنا يدفعون العربات ويحملون المنتجات الزراعية بنفس الحالة التي تقوم بها العمالة الأجنبية وعلى البلدية أن تقوم بتخصيص مواقع مناسبة وتضمن عدم المنافسة غير الشرعية فإذا حصل ذلك فالكثيرون لديهم الرغبة في هذا العمل وخاصة من المزارعين وأبنائهم لأن علاقتهم أقرب إلى ممارسة مهنة كهذه.
النعناع وحده لا يكفي
(محمد الرميلي) قال :إن أفضل طريقة للبيع في الشوارع هو ما يتم بالسيارات ويجب أن يسمح لها إلى جانب النعناع بالبضائع الأخرى والحقيقة أن الحملات البلدية على الباعة الجائلين وأصحاب البسطات والعربات الخشبية كانت جيدة وكشفت كثيرا من المتخلفين الذين يزاحمون في تجارة الشوارع كما يشوهون المنظر العام وإذا استمرت هذه الحملات فلا شك أن فرص العمل تتاح للمواطنين للاتجارفي الفواكه والخضراوات.
(الرميلي) بخبرة السنوات الطويلة مع نعناع المدينة يقول:إن سكان جدة علاقتهم قديمة جدا بهذا النبات وكان يأتي هدايا مع الزوار ولم تنجح طريقة التجفيف في إقبال الناس لأن الطازج يختلف طعما وأكثر فائدة كدواء.
والملاحظ حاليا اختلاف فهم الناس باستعماله فقد كان للنكهة الفواحة الجميلة أما بعد انتشار المعرفة بفوائده في علاج الجهاز الهضمي وغيره من الأسرار التي وضعها الله في هذه النباتات، فهذا ارتبط بحرص شديد على الاستفادة منه وخاصة نعناع المدينة.
لماذا الشاي الأخضر؟
أثناء الوقوف مع هذه الحوارات كان الزبائن يأخذون احتياجاتهم بكميات محدودة وبعضهم يتناول طلبه وهو في السيارة ويأتي آخرون
(علي الأحمد) لفت انتباهه الحديث عن هذه الأعشاب فتداخل في الحوار وهو يحاول انتقاء قبضة من الشاي الأخضر ويضعها في الكيس فقال إنه منذ فترة تقترب من العام وهو يحصل على طلبه من الشاي المديني الأخضر بعد أن توقف عن السائد في استعمال الناس للشاي الأحمر.
ومن علاقته الدراسية في تخصص علم النبات يوضح أن الاتجاه للطب البديل هو التفكير العقلاني الذي أزاح من الأذهان الاعتقاد الخاطئ بأن الأعشاب للصحة مسألة بدائية وهذا ليس لدينا بل في العالم أجمع، فهي عودة الى الطبيعة بثقة في تجارب القدماء، وأعطيك مثالا مع الشاي الأخضر فقد أشارت دراسة حديثة الى مفعوله المباشر في الوقاية من الإصابة بالسرطان الرئوي وخرجت هذه الدراسة في تقرير معلن قبل سنوات قريبة على شاشة ال(CNN) الأمريكية حيث الاستدلال في ذلك من حب الشعب الصيني للشاي الأخضر وندرة الإصابة أو هم الأقل تعرضا للأمراض السرطانية، وتواصلت الدراسات فظهرت النتيجة نفسها بأنه يحمي أيضا وبإذن الله من سرطان الكبد والمعدة وبشكل علمي متفق عليه فإن الشاي الأخضر له دور مباشر في وقف انتشار الخلايا السرطانية بنسبة تصل لأكثر من 50%.
وإذا كان هناك مئات الأنواع من الشاي فإن التجربة اليابانية التي أخذها الغرب مفيدة ولكن الدور الإعلامي التوعوي مطلوب لدينا فليس من شك بأن الاعتدال مطلوب والإفراط في أي شيء يؤدي إلى الضرر.. ولك أن تشير إلى أنهم لا يضيفون السكر للشاي (ونحن غير) مع الأسف.
هذا لا يمنع استمرار التعريف بما يعني الطب البديل ولكن كجانب وقائي أيضا ويتضح هنا في مبيعات الشاي الأخضر أن الإقبال عليه أقل مقارنة بالنعناع بينما الإسراف في تناول الشاي الأحمر إضافة إلى ذلك الأخطاء الشائعة التي قد تكون سببا في المرض بالدواء أي من استعمال الشاي فالأغلبية يشربونه ساخنا ومباشرة بعد الأكل وعلى معدة خالية ويكون التأثير السيئ.
وقبل أن أودعكم - يقول علي - : إن هذه السيارات لبيع النعناع والشاي الأخضر وإن كان عددها قليلا إلا أنها تقدم خدمة لسكان جدة وأردت المشاركة في حواركم للتأكيد على ضرورة الاهتمام بها لأنها ظاهرة صحية ولا أنسى أخيرا من وضع المقارنة بين المجفف والأخضر الطازج وذلك لأن الشاي يحتوي على مركبات طيارة مفيدة وهي النكهة التي نكتشفها مباشرة مع الأخضر وقد تكون الفوائد أقل نسبة في المتوافر بالأكياس.
حملات البلدية لمكافحة الفوضى
وجود هذه السيارات وفقا للإجراءات البلدية يدخل حاليا في مرحلة التنظيم وتمكينهم من مزاولة هذه التجارة كما هو في البضائع الأخرى باشتراطات معينة وفي التوضيح من أمانة جدة فإن هدف الحملة التي بدأت قبل أسبوعين هو مكافحة فوضى البيع في الشوارع بما في ذلك متابعة الباعة الجائلين بشكل مكثف ونتج عن هذه الحملات المكثفة اتلاف ما يقارب (500) عربة خشبية وحديدية وبسطات لبيع الخضار والفاكهة وغيرها إلى جانب احتجاز عدد من سيارات الشحن الصغيرة.
وحسب رأي مسؤولي البلديات فإنها أيضا حملات تتيح المجال أمام السعوديين فقط في هذه المبيعات ولكن ضمن إطار شروط تكفل المحافظة على عدم الإساءة لجماليات الشوارع وتتضمن مهام البلديات الفرعية في هذا الشأن تحديد مواقع مناسبة للبيع في السيارات الخاصة والمتابعة بإلزامهم عدم تشغيل عمالة وافدة.
أما بالنسبة لافتراش الساحات أمام المساجد فهو غير مسموح للسعوديين أو غيرهم وتعمد جهات الاختصاص بإزالة البسطات العشوائية في الشوارع والميادين، كما تستمر هذه الحملات في مراقبة السيارات التي توزع السلع المختلفة للعمالة المتجولة عند الإشارات المرورية وغيرها والتنسيق في ذلك مع إدارة المرور،والعمل في هذه المهمات كما قال المسؤولون مستمر بفترات صباحية ومسائية يوميا ويتحقق لها النجاح والتوفيق في حملاتها بإذن الله إذا تعاون المواطنون بالوعي والتجاوب بعدم الشراء مع الباعة الجائلين لما في ذلك من تشجيع لهم على المخالفات كما أن وجود الأماكن المصرحة بها من البلدية للسيارات أو المواقع التي يتم تحديدها هو ما يعني الدور الوطني الذي يسهم في مكافحة الظواهر السليبة.
نعناع المدينة غير
أحد مراقبي البلدية قال إن سيارات نعناع المدينة تمثل وضعا آخر ومواقعها لا تتجاوز الخمسة وهي مستمرة منذ سنوات فإذا توسعت في نوع بضاعتها فهذا شأن آخر وقد يتاح لأكثر من سيارة على أن تكون ضمن المواقع التي تحددها البلدية والشروط المتبعة في ذلك.
مقترحات
- نهاية الجولة في هذا الاستطلاع من جدة تكشف عن احتياج حملات البلدية لمتابعة باعة المأكولات أمام أبواب المدارس فهي الأكثر انتشارا وترتبط بظروف وعي أقل للمتعاملين من الطلبة وقد لا يكفي القول إن هناك آلاف المدارس لأن التنسيق مع إدارات هذه المدارس لمكافحة هذه الظاهرة هو من جملة الاقتراحات الأفضل عمليا بتوفير الجهد والوصول إلى الأهداف المنشودة.
- مع العربات والسيارات التي تظهر هنا وهناك في أنحاء جدة ويعرف أصحابها بالتجربة برنامج مرور المراقبين فإن الحملات تنجح بشكل أفضل بالمباغتة والخروج من الدور الروتيني كوظيفة في إعلان مكافحة هذه الظاهرة.
- ومكافحة أخرى (للتسول بالبيع) كما هو مع بائعات الفصفص واللوز والحلوى وألعاب الأطفال وأطفال العلك والماء والمناديل فهذا أيضا مقترح لتعاون البلدية مع مكتب مكافحة التسول والجهات المعنية لوضع حد للانتشار بهذه الكثافة.
- وكيف لعراقيل الروتين أن تنجح مع هؤلاء إذا عرفنا أن نظام مكافحة التسول لا يجيز منع الباعة الجائلين لأنهم يمارسون مهنة تجارية ثم هم يعرفون بالتوقيت المناسب امكانية عملهم بعيدا عن الرقابة وبالتالي تضاف لقائمة المقترحات أمام هذه الحملات فكرة الجدية في تفعيل التنسيق وبالطرق التي تعالج المشكلات من خلال الوصول إلى أسبابها ومن ذلك المتخلفين من الحج والعمرة وخبراتهم في اختيار مواقع أو أساليب يعتقد بعدها عن المتابعة كما يحدث في الكورنيش على سبيل المثال فقط.
تفعيل النشاط بتقييم الأداء
أخيرا فإن ملامح التفاؤل تزداد بالنظر إلى نشاط أمانة جدة في مكافحة هذه الظاهرة وتكثيف جهودها في واحدة من المهام المرتبطة بالمحافظة على واجهة أجمل لهذه المدينة السياحية المميزة، يبدو أنها خطوات على الطريق بحرص على اختصار زمن الإنجاز الذي لن يكون مستحيلا أو من الصعوبات فهي عمليات مدروسة خاصة وأن الإدارة العامة للأسواق بالأمانة تستعد حاليا لتقييم الأداء العملي في نشاط البلديات الفرعية، الأمر الذي يوفر العوامل المساعدة لتلافي الجوانب السلبية ووضع البرامج المناسبة لآليات التنفيذ مع الاستفادة من مناقشة المقترحات التي ترصد مستوى الأداء في هذه المهمات.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved