Wednesday 14th April,200411521العددالاربعاء 24 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رأي إقتصادي رأي إقتصادي
ثمن الديمقراطية
د. محمد اليماني

تمتاز الدول الديمقراطية بقدرة شعوبها أو من يمثلونهم على محاسبة أجهزتها الحكومية على أدائها بوسائل متنوعة سواء كان ذلك وهم لايزالون في مناصبهم أو بعد تركهم لها.وهم يستخدمون في ذلك الحق الذي أعطتهم إياه الديمقراطية، من كون الشعب هو الذي يختار من يحكمه وله الحق في مراقبته ومحاسبته والتأكد من قيامه بمهامه على أكمل وجه وإلا فإن للشعب الحق في معاقبته واستبعاده من المنصب الذي منحه إياه.
وتنطلق شعوب المجتمعات الديمقراطية في عملها هذا من فكرة بسيطة جداً مؤداها أن المواطن هو الذي يمول الإنفاق على تنفيذ سياسات وبرامج الحزب الحاكم من حصيلة الاقتطاعات الضريبية التي تقتطع من دخله، وهو الذي يدفع رواتب هؤلاء الموظفين الذين يتوقع منهم أن يسعوا لتحقيق مصلحته وحمايتها. فمتى رأى أي انحراف أو تقصير فإنه يسعى لممارسة حقه القانوني والانتخابي في محاسبة حكامه. وتشكل هذه الممارسة أحد مقتضيات العملية الديمقراطية.
وبما أن الديمقراطية والرأسمالية متلازمتان وكلاهما يدعم اقتصاد السوق، فإن لهذا الحق ثمنا يتمثل في اعتبار الشعوب مسؤولة مسؤولية كاملة عن الممارسات والسياسات الداخلية والخارجية التي يتبعها ساستها. إذ انهم يتصرفون وفق إرادة ورغبات شعوبهم، وهم مدركون أنهم متى خالفوها أصبحوا عرضة للمساءلة أمام المجالس التشريعية والنيابية وربما للمساءلة القانونية، وفي جميع الأحوال للمحاسبة المباشرة من قبل الشعب أمام صناديق الاقتراع.
ذلك أن الناخب الذي يملك حق تعيين من يحكمه هو أيضاً من يملك حق إعفائه من منصبه متى أراد ذلك. والفكرة هنا أيضاً بسيطة وواضحة، فكل حزب يطرح برنامجه الانتخابي الذي ينوي تنفيذه في حال انتخابه من قبل الشعب وعن طريقه يسوق الحزب نفسه على أنه القادر على تحقيق مصالح الشعب وغاياته العليا وحمايتها، وأن هذا البرنامج هو الذي يحقق للمجتمع وأفراده ما يطمحون للوصول إليه من مستوى معيشي ملائم. والناخب الذي سيصوت لهذا الحزب أو ذاك والذي هو دافع الضرائب يعلم أن برنامج الحزب الفائز سيمول من الضرائب التي يدفعها ، بغض النظر عما إذا كان هذا الحزب هو حزبه المفضل أم لا. ولذلك هو حريص أن يذهب في يوم الانتخابات إلى مراكز التصويت والتصويت لصالح الحزب الذي يرى أنه أكثر تحقيقاً لمصالحه لأنه إن لم يفعل ذلك فربما يفوز الحزب الآخر الذي لا يرى مناسبة برنامجه.
وسيكون والحالة هذه خاسراً لأنه سيكون مجبراً على شراء السلع التي يسوقها هذا الحزب على الرغم من عدم رغبته فيها. وتبعاً لذلك تأتي نتائج الانتخابات في الدول الديمقراطية الحقيقية معبرة عن الرأي العام للشعب تجاه القضايا المهمة في حياته.
وتتأكد مسؤولية شعوب الدول الديمقراطية عن ممارسة ساستها عندما يعاد انتخاب الحزب الحاكم مرة أخرى، إذ ان قرارها هذا يعني مساندتها ومؤازرتها لهذا الحزب وسياساته بعد تحولها إلى واقع واستعدادها للإنفاق عليها لأنها ترى في ذلك تحقيقاً فعلياً لمصالحها.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved