Tuesday 20th April,200411527العددالثلاثاء 1 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لن نبكي (أسد فلسطين)..!! لن نبكي (أسد فلسطين)..!!
عادل أبو هاشم

جريمة جديدة ضمن مسلسل الإرهاب المنظم والمستمر من قِبل الكيان الصهيوني ضد أبناء شعبنا الفلسطيني..!
وعملية اغتيال أخرى تقوم بها عصابات القتلة.!
ومرثية أخرى نكتبها على صفحات الحزن اليومي الفلسطيني.!
فعلى الطريق إلى الوطن الكبير سقط المجاهد والقائد والرمز المناضل (أسد فلسطين) الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي شهيداً داخل الوطن الذي فرض عليه في جريمة أخرى لدولة (المافيا)..!!
ومع ذلك فلن نبكي شهيدنا (أسد فلسطين)!!
فشهيدنا في الجنة وقتلاهم في النار بإذن الله.
ولن نندب قدرنا..!
فهذا هو قدرنا.. قدرنا الفلسطيني..!
قدر الفلسطينيين أن يقاوموا.. ويقاوموا.. ويجاهدوا.. ويستشهدوا..!!
قدر الفلسطينيين أن يواجهوا - لوحدهم - هذه الهجمة الصهيونية التي لم يسلم منها الأطفال الرضع والفتية والنساء الحوامل والشيوخ والشباب حتى الحجر والحيوان والطير..!!
ترجل الفارس (أسد فلسطين) عبدالعزيز الرنتيسي وهو الذي وقف شامخاً صامداً في وجه العدو الصهيوني وكل مؤامرات المتآمرين والعملاء.
كان لا يخشى الاستشهاد في سبيل الله والوطن، فقد كان يعلم تماماً ان لا خيارات أمام الشعب الفلسطيني سوى الفوز بإحدى الحسنيين النصر أو الشهادة، وأدرك تماماً أنه (مشروع شهادة) منذ صغره، وان درب فلسطين معبد بالدم، محفوف بالمهج والأرواح، وعلى هذا الدرب يمضي كل يوم شهيد وتتعاظم التضحيات، وكلما سقط شهيد حمل الراية من بعده مجاهد يمضي على درب الشهادة، ففلسطين ملء القلوب ومحط السائرين إلى الحرية والاستقلال.
لقد أدرك عبدالعزيز الرنتيسي أن فلسطين طوال عهود التاريخ يحفر أبناؤها خندق التحرير بدمائهم، ويروون التراب، ويسقون نبت الجهاد والفداء والنضال، فشلال الدم الذي يتدفق على الأرض الفلسطينية المقدسة هو الدم الطهور الذي يحفر في الأعماق خندق الانتصار الكبير.
لقد طلب (أسد فلسطين) الاستشهاد بنفسه ،وعمل له، وسعى إليه، فمنحه الله الشهادة. لم تختلف نهاية الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي عن بدايته إلا بمدى ما تختلف مراحل تطور مأساة الإنسان الفلسطيني..!
ولا تتصل نهاية الرنتيسي ببدايته إلا بمدى ما تتصل حلقات هذه المراحل..!!
من هنا لا تكون هذه النهاية قفزةً أو تحولاً وإنما هي تسلسل طبيعي بكل ما تحمله هذه الكلمة من مآسٍ.!!
لن تجدي الكلمات في رثاء أسد فلسطين.
فكل كتابة عنه ستكون ناقصة.. لأن قضيته لم تكتمل بعد.
ولن تجدي الحروف في التعزية.
ولن تجدي العبارات الحزينة في الإسهاب في فلسفة استشهاده.
فقد اختار عبدالعزيز الرنتيسي بين التساقط او السقوط شهيداً.
وقد اختار..!!
عندما اختار (أبو محمد) طريق الجهاد والنضال فقد اختار طريق الشهادة..!
ولأننا أمة من الشهداء، وشعب الشهداء، وكل فلسطيني هو مشروع شهيد..
علينا أن ندرك أن كل الشعب الفلسطيني مطلوب للقتل عند الإسرائيليين..!!
على الجميع أن يفهم أنه مطلوب للعدو..!
اطفالنا.. نساؤنا.. شبابنا.. شيوخنا.. قادتنا..!!
حتى الهواء الفلسطيني مطلوب لعصابات القتلة..!!
فلنتحول إلى قنابل بشرية تنفجر في عمق هذا العدو لنثبت له أن دماءنا ليست رخيصة وأن دماء الشهيد عبدالعزيز الرنتيسي وجميع الشهداء لن تذهب هدراً.!!
وإذا كانت حكومة العدو الإسرائيلي قد قررت فتح أبواب جهنم على شعبنا، فإن نيران جهنم لن يكتوي بها شعبنا وأطفالنا ونساؤنا فقط بل سيكتوي بها أطفالهم ونساؤهم وجنودهم..!!
وإذا كان قاتل الأطفال والنساء والشيوخ مجرم الحرب شارون قد أعلن بأنه سيفتح بيت عزاء في كل بيت فلسطيني، فإننا نعلن أننا لن نقبل العزاء في الشهيد عبدالعزيز الرنتيسي، ولن نقبل العزاء في جميع شهدائنا..!!
ولن نبكي أسد فلسطين، ولن نبكي شهداءنا..
لن نبكيهم لأنهم معنا لأنهم فينا.. وسيظلون معنا لأنهم سيظلون فينا..
لذلك نحن لا نرثيهم.. ولا نبكيهم.. ولن نلبس السواد.. ولن نتقبل التعازي..
عزاؤنا هو في الثأر لشهدائنا من قتلتهم.
عزاؤنا هو في مواصلة طريق الجهاد الذي رسمه لنا الرنتيسي وجميع شهدائنا الأبرار.
عزاؤنا في دحر العدو عن أرضنا الغاصبة.
عزاؤنا في ألا تذهب دماء عبدالعزيز الرنتيسي ودماء جميع الشهداء هدراً..عزاؤنا في مجابهة عدونا الأبدي والأزلي متكاتفين متحدين، لأن أهدافنا واحدة حتى ولو اختلفت فينا السبل.وليكن دم الشهيد الرنتيسي ودماء الشهداء منارات نهتدي بها في طريقنا إلى الحرية والاستقلال.
ومع ذلك يجب علينا الاعتراف بأن التخاذل الذي أبداه البعض من أبناء جلدتنا تجاه أعدائنا هو الذي جعل هذا العدو يتجاسر على محاولاته المتكررة لإلغائنا وإبادتنا..!
يبدأ التخاذل عندما نقوم بتلوين أعدائنا ونختار اللون الذي يناسبنا..
فلنتوقف عن تصنيف أعدائنا.. ولنخلع هذه الملابس الجميلة والبذل التي نلبسها من أرقى المحلات العالمية.. ولنبس ملابس الحرب والأحزمة الناسفة أمام هذا العدو المتغطرس الذي يقتل أطفالنا ونساءنا وشيوخنا، وينسف البيوت على رؤوس سكانها من المدنيين العزل ويجتاح أرضنا الفلسطينية يومياً، ولنثأر لأطفالنا ونسائنا وشيوخنا وشبابنا ونقتص من قتلتهم..!
ولنموت واقفين كالأشجار الباسقة في مواجهة هذا العدو الجبان..
فنجعل نساءهم تبكي على قتلاهم كما تبكي نساؤنا على شهدائنا.. ولنثبت لهم أن دماءنا غالية وليست رخيصة..!فنحن أصحاب ثأر، ومن كان صاحب ثأر كان الأقدر على الصبر على شدائد الحروب..!
ان ثأرنا عند كل إسرائيلي مقيم على أرض وطننا الحبيب..!
فمقابل كل شهيد يسقط لنا يجب أن تكون هناك عملية استشهادية في قلب العدو الإسرائيلي.
ومقابل كل قائد يجب أن تكون هناك مئات العمليات الاستشهادية.
ومقابل كل جريح.. وكل معتقل.. وكل بيت يدمر يجب أن يقابله عملية استشهادية داخل الكيان الصهيوني.!
لن نصدق بعد اليوم أنهم أبناء العمومة.. بل هم أعداؤنا..!
ولن نوهم أنفسنا بأنهم أصدقاؤنا الجدد.. بل هم قتلتنا..!
ولن نتحسر على عرب يتلهون بآلامنا، وعجما يعبثون بدمائنا..!
وكفانا استغاثة بالأمة العربية التي بلغ الاستسلام فيها المدى، والذي اعتبر البعض منهم بأن الانتفاضة ما هي إلا ترهات كبيرة لابد من تجاهلها تخفيفاً للأعباء.!
فعصابة القتلة في تل أبيب لم يتركوا لنا من خيار سوى المقاومة بالعبوات الناسفة وبصواريخ القسام وبأجسادنا وبعظام أطفالنا ونسائنا وبقوتنا اليومي.!
لن نبكي شهداءنا بعد اليوم..ولن نحصي جثث شهدائنا بعد اليوم بل سنجعلهم يحصون قتلاهم.!وإن كان رصيد الفلسطينيين من الشهداء في تزايد مستمر فقد اعتاد أبناء هذا الشعب المناضل على ملاقاة الموت في كل لحظة وكل يوم.حق الانتفاضة ودماء الشهداء علينا ألا نبكي (أسد فلسطين) حق الرنتيسي علينا أن نغبطه شرف الاستشهاد، إنما الحقيقة القاسية والبشعة تبقى: لقد خسر الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية هذا الرجل بإيمانه وإخلاصه وقدرته وجرأته.
لقد خسرنا القائد والمجاهد والرمز والأب والأخ والصديق..
ولسوف نفتقده كثيراً.. ولسوف نفتقده طويلاً.

مدير تحرير جريدة الحقائق - لندن


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved