Tuesday 20th April,200411527العددالثلاثاء 1 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شيء من المنطق شيء من المنطق
رسالة مطولة إلى معالي وزير العمل
الدكتور مفرح بن سعد الحقباني

يسرني يا صاحب المعالي أن أبارك لكم الثقة الملكية الكريمة بتعيينكم وزيراً للعمل لتكون بذلك على هرم المسؤولية الكبيرة التي يفرضها واقعنا الاقتصادي بشكل عام وواقع سوق العمل السعودي بشكل خاص، ومما لا شك فيه فإن اختياركم لهذا المنصب المهم لم يأتِ من فراغ وإنما جاء متوافقاً مع التطلعات الكبيرة لحكومة هذا البلد الكريم التي لخصها خادم الحرمين الشريفين في الجد والاجتهاد والإخلاص في العمل من أجل توفير الخدمة اللائقة للمواطن السعودي الكريم. ولعلي لا استبق الأحداث إن قلت بأنكم بما تملكونه من رصيد علمي وعملي قادرون بإذن الله على تحمل المسؤولية على الوجه الذي يرضي الله سبحانه وتعالى أولاً ثم يرضي ولاة الأمر -حفظهم الله- ويرضي المواطن السعودي المتطلع لوزارة جديدة في ثوب إداري وعملي جديد يتناسب مع أهميتها الكبيرة.
صاحب المعالي وزير العمل: لا أعتقد أنه يغيب عن ذهنكم العشوائية التي يتصف بها سوق العمل السعودي مما ولّد واقعاً صعباً وغريباً سيطر فيه وبموجبه العامل الأجنبي على معظم فرص العمل المتاحة حتى أضحى الشاب السعودي يصارع في وطنه على حقه المشروع، كما لا أعتقد أنه يغيب عن إحساسكم الوطني المحاذير الأمنية والاجتماعية والاقتصادية الملازمة لوجود العمالة الأجنبية بالكثافة الحالية مما يجعل العمل على سعودة فرص العمل أمراً حتمياً وواجباً وطنياً وهدفاً استراتيجياً يجب العمل على تحقيقه.
صاحب المعالي: لقد أنهكت تحويلات العمالة الأجنبية النقدية كاهل اقتصادنا الوطني حتى أضحت تستنزف ما يقارب ثلث ميزانيتنا السنوية مما يضعف من قدرتنا الاستهلاكية والادخارية والاستثمارية ويربك السياسة النقدية في البلد ويضعف من موقف عملتنا الوطنية في مواجهة العملات الأجنبية الأخرى.
صاحب المعالي: لعلك خير من يقدر التباين الكبير بين عادات وتقاليد ومبادئ مجتمعنا السعودي وتلك الخاصة بالعمالة الأجنبية. لقد شاع الكثير من العادات الاجتماعية المكتسبة التي حولت غير اللائق لائقاً وغير المقبول مقبولاً مما دفع بالكثير إلى تتبع الفرص لمحاولة التوسع في الكسب بغض النظر عن مشروعية المنهج والأسلوب.
إن التعايش مع بعض العمالة الأجنبية التي جاءت محملة بطموحات كبيرة دفعتها في النهاية إلى محاولة الكسب السريع وبطرق ربما تكون غير مشروعة وغير أخلاقية كمحاولة نشر المخدرات وغيرها من الممارسات غير الأخلاقية قد أثر بشكل أو بآخر في سلوك بعض المواطنين الفاقدين للحصانة الدينية والاجتماعية..كما أن الزيادة الكبيرة في العمالة الأجنبية قد أدت إلى زيادة في الإنفاق الحكومي خاصة في المجال التعليمي والصحي والأمني، فمزاحمة العمالة الأجنبية وأسرهم للمواطن السعودي في الطرق والمستشفيات والمدارس والجامعات وغيرها من مرافق الحياة الضرورية يتطلب التوسع في الإنفاق والتوظيف، كما أن ارتفاع أعداد العمالة الأجنبية وعشوائية إقامتها يتطلب توظيف أعداد أكبر من رجال الأمن للمراقبة والعناية الأمنية.
صاحب المعالي: لا أشك لحظة بأنك تعي المخاطر الكبيرة المترتبة على بقاء الشاب السعودي القادر على العمل والراغب فيه خارج أسوار سوق العمل ولكنني أجدها فرصة لعرض أخطرها على النحو التالي:
1 - الخسارة الكبيرة في الناتج القومي المحلي.
2 - ارتفاع نسبة الجريمة في المجتمع مما يكلف الدولة الأموال الطائلة لمكافحتها وخاصة أن الجريمة لها آثار متعدية قد تطال الجميع.
3 - عجز الآباء العاطلين عن العمل عن تربية أبنائهم وتعليمهم التعليم المناسب مما يخلف جيلاً غير قادر على المحافظة على المكتسبات الوطنية.
4 - انتشار الانحراف الفكري والأخلاقي بين الفئة العاطلة والذي قد يسبب الكثير من المشاكل السياسة والأخلاقية.
5 - ارتفاع نسبة التسرب العلمي بين أبناء العاطلين عن العمل قبل إنهاء دورة تعليمية كاملة للمساهمة مع الأب في تحمل المسؤولية والذي قد يضاعف من الجريمة والانحراف الأخلاقي والفكري.
كل ذلك قد يؤدي إلى مشاكل سياسية واجتماعية وفكرية واقتصادية عديدة ربما لا نستطيع محاربتها ومكافحتها بعد حدوثها.
صاحب المعالي: لعلك كغيرك من المواطنين تسمع الكثير من المعوقات التي يطلقها القطاع الخاص في مواجهة الدعوة إلى توظيف العمالة السعودية حيث يتذرعون بأسباب معظمها واهية وإن كانت من النظرة الاقتصادية الضيقة منطقية. لقد ساهمنا من خلال سياسة الاستقدام المفتوحة في خلق بيئة تنافسية غريبة لا أعتقد أن الشاب السعودي قادر على مواجهتها وبالتالي فإن القصور ليس في الشاب السعودي ولكن في سياساتنا العمالية والاقتصادية التي عجزت عن تقدير الواقع والتخطيط للمستقبل. أين يذهب شبابنا وعماد مستقبلنا إذا كان القطاع الخاص قد أقفل كل الأبواب وإذا كان التعليم العام والتعليم المهني لم يؤهلهم التأهيل المناسب وإذا كان الإعلام مقصراً في توعيته وإذا كان المجتمع متحاملاً عليهم؟ ألا تعتقد بأن طرق الجريمة والانحراف ستكون هي البديل المتاح الذي ربما لا يجد له بديل سواه؟
صاحب المعالي: إن مكاتب العمل تحتاج إلى عناية خاصة لتؤدي الدور المطلوب بدلا من كونها باباً من أبواب الاستقدام المشرعة.
يجب أن تكون مركزاً للمعلومات المتعلقة بفرص العمل المتاحة في سوق العمل السعودي لتساهم في مساعدة معاليكم على صناعة القرار الإداري المناسب. ويجب أن تكون لكل شيء يخدم سياسة الإحلال المنشودة بدلا من أن تكون وسيلة مساعدة للحد من وجود عنصر العمل السعودي.
صاحب المعالي: أعتقد أنك من خلال وزارة العمل تستطيع أن تقدم الكثير للوطن ولأبناء الوطن، فجميع الفرص متاحة وأنت أهل لها بعد توفيق الله، فهل نرى وزارة عمل جديدة تلامس حاجة المواطن وتعمل على تلبيتها، وهل نرى وزارة عمل جديدة لها وزن اجتماعي فعلي يوازي الوزن الاجتماعي المفترض ويحمي المجتمع من تداعيات الواقع السلبية على مرتكزنا الأمني الوطني؟ نتمنى ذلك.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved