Tuesday 20th April,200411527العددالثلاثاء 1 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شدو شدو
في العنف العائلي
د. فارس الغزي

قرأت خبرا في إحدى الصحف منذ ما يقارب الأسبوع مفاده قيام أحد السعوديين بضرب زوجته - المذيعة التلفزيونية - ضربا كاد يفضي بها إلى الموت. بعد ذلك بأيام ذات مساء يوم طويل مرهق بالمحاضرات وبينما كنت أهم بمغادرة مواقف أعضاء هيئة التدريس في الكلية أدرت مؤشر الراديو لأفاجأ بالمذيعة - الضحية ذاتها في مقابلة اذاعية على الهواء مباشرة، حيث إنها قد أفاقت لحظتها من غيبوبتها في غرفة الانعاش لتبادر - بصوت متهدج وجريح - بتوصيف بشاعة ما حدث لها الى الدرجة التي ذكرت أنها قد تلقت (13) كسرا في الوجه فقط، ولا أكتمكم سرا بأنني لحظتها لم أتملك دمعة طفحت من عيني أسى وحزنا على حال هذه السيدة، ولا سيما انها في موقف لا تحسد عليه حيث انها من ناحية ضحية لظاهرة اجتماعية يغلفها دائما المجتمع بالكتمان خشية العيب والوصم ووخز ألسنة الناس، كما أنها من جهة أخرى ضحية لمن يمثل أقرب الناس اليها ألا وذلك هو زوجها ووالد أبنائها.
وبكل صراحة فهذه المرة لن أجاري الركب الاعلامي الذي اعتاد على أن يلبس مثل هذه الظاهرة ثوب الفردانية والشذوذ، والسبب وراء موقفي هذا يتمثل في حقيقة أن غياب المعايير الضرورية واللازمة لتحديد ما اذا كان مثل هذا الفعل البشع يرتقي إلى مستوى الظاهرة الاجتماعية - كالاحصاءات مثلا - قد يجعلنا نساهم من حيث لا ندري في تهميشه في الذهن الاجتماعي فنغفل علاجه وبالتالي ندفع به إلى مراحل الاستفحال والتأجج.
وفي الحقيقة فخطورة العنف العائلي تكمن في سريته وحساسية التبليغ عنه حين حدوثه؛ الأمر الذي حدا بسلطات الأمن الأمريكية إلى سن قانون يلزم بمحاكمة المعتدي حتى ولو لم تقر أو تبلغ الضحية عن ذلك، إذن فحبذا لو تعاملنا من الآن مع أية جريمة فردية سمتها السرية وحساسية التبليغ عنها.. بوصفها ظاهرة، فنهج كهذا إن لم ينفع فبكل تأكيد لن يضر، ويكفينا من الأخذ به تحقيق فضيلة التثبت والأخذ بزمام المبادرة وضمان الحد من ازدياد حدته مستقبلا في حال كان سلوكا فرديا، أو مواجهته بما يستحق من العلاجات المناسبة، وذلك في حال تبين أنه يصل إلى مستوى الظاهرة الاجتماعية.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved