Friday 23rd April,200411530العددالجمعة 4 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ابن لادن.. ابن لادن..
هل يبحث عن شرعية له أم ماذا؟!
مساعد الخميس

(الوعي الانتقائي) هو ما تراه العين ويريده الدماغ أو هو السيناريو المرسوم بدقة لقصة لا يمكن إلا من خلالها رسم خيوط هذا السيناريو، وقد لعب (أسامة بن لادن) في تصريحه الأخير وبذكاء شديد على هذه الجزئية، وبدا كما يقول أهل القانون والضالعون فيه.. كالمحامي - المحتال - الذي يسعى إلى ان يقود القضية حيث يريد لا حيث من المفترض ان تكون، وظهر - بلوك جديد - كمن تخلى عن كل شعاراته - الجيفارية - ليدلل على انتقاله لمرحلة جديدة من التخطيط والتفكير مبتعداً هذه المرة عن اختطاف الطائرات أو تشريك السيارات ومقترباً من أسلوب استراتيجي يعتمد على تفخيخ العقول.
إن دعوة (بن لادن) للشعوب أو الحكومات الأوروبية إلى هدنة وسلام بحجة أن عدوه الأساسي (أمريكا) دعوة يبدو أنها قد خطط لها جيداً.... ويجب ان لا تمر هكذا دونما تدقيق أو دراسة لمعرفة أسلوب تطور فكر هذه الشخصية - الازدواجية - التي تسعى بكل ما لديها من أوراق إلى إحباط حزم قادة هذه الدول على مطاردته والقضاء عليه وعلى تهديداته، إنه يحاول ان ينقل أسلوبه الذي اعتمده مع المجتمعات العربية والإسلامية والذي وبشفافية شديدة نجح في خداع بعض من فئاته وكسب تعاطفهم معه بحجة أنه مجني عليه لا جانٍ إلى الشعوب الأوروبية.... وهنا أصل القضية.
إننا إذا ما تجاوزنا قليلاً الأسلوب الذي يطارد به (بن لادن) وجماعته، وكذلك إذا ما تجاوزنا ردة الفعل الأمريكية والعربية واتفاقهما في القضاء على كل ما له صلة بالإرهاب، وأسقطنا من تفكيرنا - قليلاً - كافة السيناريوهات المتعلقة بهذا الشأن من حرب أفغانستان ثم العراق ثم.... لا أحد قادر الآن على تحديد جغرافية الصراع الدائر أو حصره في نطاق معين... إذا ما تجاوزنا قليلاً كل ذلك وبحثنا في أصل المشكلة وسبب انطلاقها وسبب هذا الهوس العالمي في القضاء على كل ما هو إسلامي أو عربي بحجة دعمه للإرهاب لاكتشفنا ان السبب في ذلك هو ان جميعنا يذكر تصريحاته عقب أحداث 11 سبتمبر وتبجحه على شاشات مثل الجزيرة ولهاث محرريها ومراسليها الباعث على السخرية والاستغراب في وقت واحد للحصول على رسالة صوتية أو مرئية تؤكد ارتباط (بن لادن) ومن ثم ارتباطنا نحن كسعوديين ومن بعد كمسلمين بهذه الجريمة وكأنه فتح عظيم ليجعلنا نتساءل... وماذا بعد؟ وما الذي يريده هذا الرجل الذي صنع على أعين أمريكا وبإذن منها.. ما الذي يسعى إليه وما هو الهدف الذي يحاول من خلاله إلى ان يكون ذريعة بسببها يتم التدخل هنا أو هناك بل والقضاء على مجتمعات بأكملها ورميها وسط دائرة من الحروب والصراعات كنا وكان العالم كله في غنى عنها، لماذا كل ذلك؟!
لقد قدم لنا القرن العشرون دروساً بليغة في الحفاظ على أمن وسلامة الشعوب فرأينا مجتمعات قوية تمتلك أسلحة نووية وذرية لم تنجح في حماية نفسها وانهارت مثل الاتحاد السوفييتي ومجتمعات أخرى جدباء لا قوة لها ومع ذلك تصعد كاليابان، أما مجتمعاتنا نحن فلم تمتلك لا القوة الكفيلة بإسقاطها ولا الضعف الضامن لصعودها، فبدت راقصة متوترة على شفا جرف بسبب جماعات تقتات على إفشال كل محاولات النهوض برداء إما ديني أو ليبرالي كالإخوان المسلمين في مصر وما انبثق عنها من جماعات مثل التكفير والهجرة أو جماعات منحرفة أخلاقياً تقتل وتسرق باسم الدين في الجزائر أو أخرى مثل تلك التي حاولت الوصول إلى السلطة في السودان وفي نهاية الأمر اكتشف الجميع انها أحزاب تميل إلى العدوانية منها إلى السلام والتعامل بتسامح وعمق مع الآخر الذي يختلف معها.
إن (بن لادن) وكل من معه جماعة تلهو بأمن المنطقة وإذا ما ترك له المجال وبسط له في كل شاشة كف تنقل ما يقوله فان النهاية الحتمية هي الصراع العسكري القاسي والمدمر على الجميع..... إنه شخص لا يتعدى كونه مجرماً ولا يجب ان يعامل بأكثر من ذلك ومهما قدم من مبررات وخطب ومواعظ ومهما ألبس كلماته رداء الدين يظل في النهاية جرثومة وفيروسا قضى على نماذج حكومات كان من الممكن ان تكون داعية للخير والسلام بدلاً من القتل والإرهاب وزراعة الحشيش والأفيون، لذلك لا خطاب مع مجرم ولا مجال تفاوض معه أساساً لأنه في النهاية شخص مارق ولا يمثل أي سلطة سوى الانحراف وهو ما لا يمكن لأحد ان يحاوره فالحوار إقرار بشرعية من أمامك وهو ما لا يمكن بحال من الأحوال قبوله لشخص مثل بن لادن أو من هم على شاكلته.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved