Sunday 25th April,200411532العددالأحد 6 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

حسَناً فعلت (جَامعة الإمام)..و(لكِن)! حسَناً فعلت (جَامعة الإمام)..و(لكِن)!
حمّاد بن حامد السالمي

نظمت جامعة (الإمام محمد بن سعود الإسلامية) نهاية الأسبوع الفارط، مؤتمراً دولياً، حول (موقف الإسلام من الإرهاب). وحسبما وصلني من عميد كلية الدعوة والإعلام، ورئيس اللجنة الإعلامية للمؤتمر، الدكتور (عبدالله بن ناصر الحمود)، فإن هذا المؤتمر الكبير، نظِّم لكي يتناول قضايا (الإرهاب والعنف والغلو)، وسعى إلى دراسة جذور الإرهاب ومسبباته ومتطلبات مواجهته، ثم تجلية موقف الإسلام، من التهم التي تلصق الإرهاب به، وكذلك بيان حقيقة موقف المملكة العربية السعودية من الإرهاب. وقد شارك فيه عدد من العلماء والباحثين والمفكرين، من دول غربية وعربية وإسلامية، ومن داخل المملكة.
* ثم إني رأيت فيما تلقيت من أوراق حول هذا الحدث المهم في العاصمة،ان المنظمين قد وضعوا له، سبعة أهداف رئيسة هي: (كشف جذور الإرهاب - بيان وسطية الإسلام - الرأي الشرعي حول الأحداث الأخيرة - الإسهام الفكري في الدفاع عن مواقف المملكة - تقديم مقترحات علمية وتربوية وغيرها - توضيح موقف الجامعة من الفكر المنحرف - تشكيل جبهة داخلية مع باقي الجهات).
وهذه الأهداف مجتمعة، غطتها محاور البحوث الستة، وهي في مجملها، تحمل عناوين كبيرة ومفصلية، مثل: (حقيقة الإرهاب والعنف والتطرف - الإرهاب والعنف والتطرف في ميزان الشرع - الإرهاب والعنف والتطرف تاريخه وأسبابه ونتائجه - التعامل مع الإرهاب والعنف والتطرف - وسطية الإسلام وسماحته ودعوته للحوار - موقف المملكة العربية السعودية من الإرهاب والعنف والتطرف ماضياً وحاضراً).
* أما جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وهي تنظم وترعى هذا المؤتمر الدولي المهم، فهي الجديرة بتبني هذا المشروع، الذي جاء في وقت عصيب، تعاني فيه الأمتان العربية والإسلامية، بسبب الإرهاب العالمي، من فتن ومحن شتى، ومن ضغوط نفسية واجتماعية واقتصادية وثقافية كبيرة. و(جامعة الإمام) نفسها، تواجه حملات شرسة، على خلفية العمليات الإرهابية الأخيرة، وما أفرزته من طروحات فكرية عبر وسائل الإعلام.
* أود حقيقة، أن أشكر هذه الجامعة الرائدة، على تبنيها على الفكرة، التي تطمح من خلالها، دفع شبهة الإرهاب عن الإسلام، الذي تنسب نفسها إليها أولاً، وتعمل على تبرئة ساحة المملكة العربية السعودية، من دعاوى حضانة وتفريخ أدواته، ودعم مؤسساته وعناصره. ثم إن جامعة الإمام نفسها، لا تخفي عزمها، على تأكيد دورها الإسلامي المناهض لكل عمل ينافي مبادئ الدين الإسلامي الحنيف، والدفاع عن نفسها، خاصة وأنها أصبحت بين عشية وضحاها ودون وجه حق، مفردة في قوائم المؤسسات التي تتهم، بأنها تفرخ مغالين ومتزمتين، أو متشددين وإرهابيين.
* أقول بعد ذلك: إن هذا المؤتمر، بما توصل إليه من نتائج علمية، وتوصيات عملية، إنما هو حلقة جديدة من حلقات كثيرة تدور وتكر، في عالمنا الإسلامي هذا، بكل ما أوتي هذا العالم من حسن نية.. ذلك أننا بأقوالنا المكررة، وبطروحاتنا المتعددة، وتأكيداتنا المستمرة، على ان الإسلام هو (دين تسامح وتعايش، لا دين عنف وكره، وانه بعيد عن الإرهاب، فلا يقره ولا يؤيده بحال من الأحوال).. إنما نقرر واقعاً معروفاً عن ديننا منذ قرون، فنحن إذن لا نأتي بجديد، بل قد يذهب الظن ببعض المعادين لهذه الأمة، أن المسلمين وهم يؤكدون بين وقت وآخر، حقائق معروفة عن دينهم، لأنها مشمولة في النصوص القرآنية والحديثية، كأنما يشكون في هذه الحقائق، أو أنهم غير مدركين لكنهها، ولا مستوعبين أبعادها.
* بمعنى أوضح أقول: الإسلام دين محبة وتسامح وتعايش ووفاء، فهو ضد الكره والنبذ والإرهاب.. هذا أمر لا جدال فيه، ولا خلاف عليه. أمر نعرفه نحن أبناء هذا الدين، ويعرفه عنا غيرنا من أبناء المسيحية واليهودية وغيرهم، فما فائدة التعريف بما هو معروف، والتأكيد على ما هو مؤكد، والإشهار بما هو مشهور أصلاً ؟!
* هذا بطبيعة الحال، لا يقلل من قيمة مؤتمر عالمي كبير، يعقد في عاصمة عربية كبيرة هي الرياض، في حضن جامعة إسلامية رائدة هي جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. بكل تأكيد.. هناك فوائد جمة، ولكنها يمكن ان تكون أعظم، لو التفتنا في هذا المؤتمر، إلى لب المشكل، ورأس البلاء، وأصل المرض، الذي جعل الإسلام في هذا العصر، يُتّهم بالإرهاب وهو منه براء، ويوصم بأنه دين يدعو لكره الآخر، ويحرض على القتل، ويدفع أصحابه إلى أعمال التدمير والتخريب.
* إن بلاء الإسلام، ليس في الإسلام، ولكنه في (بعض) أبناء الإسلام..! ومن الخير لنا، أن نعترف بهذه الحقيقة المرة، قبل أن نكره على تجرع سمها من الآخرين، وان نعالج قضية الإرهاب المعاصر على ضوئها، فلا نجهد أنفسنا أكثر مما مضى، في تقرير حقائق معروفة عن الإسلام، كدين عبادة ودين حياة، ونتعامى عن حقائق مستجدة في حياتنا، يعمل (بعضنا) من الشواذ، على إلباسها لبوس الدين، وإظهارها مظهر الدين، وتحميلها على مناهج شرعية وفق تفسيرات شاذة، ثم تلصق بالإسلام والمسلمين زوراً وبهتاناً.
* كان بودي، ان يبرز دور جامعة الإمام في هذا المؤتمر العالمي، في إطار مشروع شفاف شجاع، بحيث يطرح قضية جوهرية هي: (موقف المسلمين من الإرهاب)، وليس (موقف الإسلام من الإرهاب) فقط..! على اعتبار ان (موقف الإسلام من الإرهاب)، معروف للقاصي والداني، بينما ظل (موقف المسلمين من الإرهاب)، موضع شك عند الأمم المتضررة من أعمال العنف والقتل والتدمير، التي نفذتها شرذمة محسوبة على هؤلاء المسلمين في أكثر من مكان، ثم قالوا بعد ذلك إنهم يفخرون بهذه الأفعال النكرة المشينة، وأنهم بذلك يدخلون الفرح على مليار مسلم في كافة أنحاء المعمورة
* من حق جامعة الإمام، أن تدافع عن الإسلام بالطريقة التي تراها مناسبة، فهذا واجبها، وكذلك من حقها، أن تدفع عنها شبهة الإرهاب، وتدفع عن نفسها تهمة تفريخ متزمتين ومتشددين وإرهابيين باعتبار ان ما يقال حول ذلك غير صحيح، ولأن ظهور أعداد قليلة من خريجيها بأفكار غير منسجمة مع الواقع المعاش، وخاصة في مسألة التصدي للإرهاب، والعلاقة مع الآخر، لا يمثل رأي الجامعة، ولا يعني ان هذا هو منهج الجامعة في الدرس والبحث، ولو سعت هذه الجامعة إلى تقنين مصادرها البشرية من المعاهد العلمية وغيرها، لحصدت نجاحات أفضل في المستقبل.. هذا من حقها هي.. أما حقنا على الجامعة - كمتابعين وأفراد في أمة - أن تكون أكثر وضوحاً في مسألة معالجة ظاهرة الإرهاب العالمي. فهي ظاهرة لم تعد مقصورة على بلد أو أمة، ولكن ينبغي ان ندرك بكل مسؤولية، أن العرب والمسلمين، هم المتضرر الأول والأخير من هذا العمل النكير، لأن المتصدرين لمشروعه الخطير، هم من أبناء العرب والمسلمين، والمتصدين لتنفيذه كذلك، هم من أبناء العرب والمسلمين.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. لهذا وجب أن نقول بكل فم ملآن: إن موقف المسلمين من الإرهاب، هو موقف إسلامهم منه، رفض ونبذ وحرب ضده، وما أتاه بعض المسلمين من إرهاب هنا أو هناك، هو فعل شائن لا يمثل المسلمين، ولا يحسب عليهم بحال، وليس من العدل في شيء بعد ذلك، أن تزر وازرة وزر أخرى.

fax:027361552


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved