Sunday 2nd May,200411539العددالأحد 13 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الشيخ الفوزان خلال لقائه المشاركين في المسابقة المحلية لجائزة الأمير سلمان : الشيخ الفوزان خلال لقائه المشاركين في المسابقة المحلية لجائزة الأمير سلمان :
القرآن الكريم مصدر حوائج المسلمين في جميع أمورهم والحكم بينهم في النزاع

* الرياض - الجزيرة:
أكد فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء عضو اللجنة الدائمة للإفتاء أن العناية بكتاب الله حفظاً، وتلاوة، وتدبرا، وعملا هو المطلوب من الأمة، قال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}، وقوله: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}، وإن من عناية الله بهذا القرآن بأنه قيض له حملة يعتنون به في كل وقت، ولا سيما في هذا الوقت الذي كثرت فيه المشاغل، وكثرت فيه الأهواء والانحرافات، وكثرت فيه كل الأمور التي ملأت دنيا البشر، إلا أن هذا القرآن، وهذه السنة النبوية بقيا خالدين ثابتين صامدين، لأن هذا القرآن رحمة وهدى وبيان للناس، يهدي للتي هي أقوم، فمن رحمته - جل جلاله - أن نزل هذا القرآن، وتعهد بحفظه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.
جاء ذلك خلال لقاء معاليه بالمشاركين في المسابقة المحلية على جائزة الأمير سلمان بن عبد العزيز لحفظ القرآن الكريم للبنين والبنات في فندق قصر الرياض أمس السبت.
وأبدى الشيخ الفوزان سعادته بلقاء المتسابقين في هذه المناسبة المباركة، وقال: إنها فرصة طيبة ثمينة لهذا اللقاء الذي منّ الله به علي في هذه اللحظات المباركة مع المشايخ المقرئين حفاظ كتاب الله عز وجل، ومع الطلبة، في هذا الاجتماع الذي نرجو أن ينطبق عليه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده)، واصفا فضيلته هذا اللقاء، وإن لم يكن في مسجد، فهو يشبه الاجتماع في المسجد، من حيث الشكل، ومن حيث الغرض المقصود منه، فإنه العناية بكتاب الله عز وجل حفظا، وتلاوة، وتدبرا.
وأبان فضيلة عضو هيئة كبار العلماء أن لقاءه بالمتسابقين هو من باب التذكير، والله جل جلاله يقول: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}، ثم هو أيضاً من باب البشارة لكم، لأنكم - ولله الحمد - على عمل جليل، وثغرة عظيمة من ثغور هذا الدين، فأنتم الذين يعتنون بالمصدر الأول من مصادر هذا الدين، وهو القرآن، ويا لها من مهمة عظيمة تقومون بها، سائلا الله أن يعينكم عليها، وأن يثبتكم عليها، وأن يزيدكم عناية بكتاب الله وحبا له وقربا له.. فإن هذه علامة السعادة.
وأفاد فضيلته أن من حفظ الله لكتابه أن يعتني المسلمون بحفظه وتلاوته وإتقانه، ممتثلين قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألم حرف، لكن أقول أل حرف، ولام حرف، وميم حرف)، وقال عليه الصلاة والسلام: (الماهر في كتاب الله مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران)، مما يدل على أن العناية بتعلم القرآن، وتعليمه، وتلاوته، وتدبره، والعمل به، إن هذا أمر يهم الأمة المحمدية، وما هذه الجمعيات التحفيظية، وهذه الندوات، وهذه المسابقات، كهذه المسابقة الجليلة التي هي من طرف سمو الأمير سلمان بن عبد العزيز - وفقه الله وحفظه - هذا كله تحقيق لقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.
وشدد على أن من حفظ الله لكتابه الكريم أن يهيئ له حملة، وحفظة يتلونه، ويتدبرونه، ويعلمونه لغيرهم، فما بقي هذا الإسلام فإن هذا القرآن سيبقى - بإذن الله - إلا أن يشاء الله رفعه في آخر الزمان، وقال: إن الله جل جلاله بخراب هذا العالم، ونهاية الدنيا، حينئذ يرفع القرآن، لكن ما دام هذا القرآن بأيدينا، وما دامت هذه العناية به موجودة، فهذه علامة خير للأمة، وعلامة هداية وثبات على هذا الدين، ونسأل الله - سبحانه وتعالى - لمن فرغوا أنفسهم للعناية بكتاب الله أن يجزيهم خير الجزاء، وأن يوفي لهم الأجر والثواب، لأن عملهم هذا هو أشرف الأعمال، لأنه رأس طلب العلم.
وقال فضيلته: إن طلب العلم هو أفضل الأعمال على خلاف بين العلماء، هل الجهاد أو طلب العلم أو صلاة النافلة على خلاف بين العلماء أيها أفضل؟، لكن كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (إن الناس مواهب كل يعطيه الله موهبة من أجل تكامل مصالح البشر الذي يجد عنده الهمة في طلب العلم وحفظ القرآن يتجه هذا الاتجاه، والذي عنده الهمة في تعلم الطب لمنفعة المسلمين، والذي عنده الهمة للجندية يتعلم الجندية. والتدرب على القتال والجهاد، والذي عنده الهمة في تعلم الصناعة يتجه لذلك، كل له موهبة.
وأبرز فضيلته ولكن لا شك أن خير هذه المواهب، وخير هذه التوجهات هو موهبة العناية بكتاب الله عز وجل، وحفظه، وتلاوته، وتدبره، لأن هذا بقاء للعلم، وبقاء لهذا الدين، لأن الدين يبقى ما بقيت أصوله وما بقيت أساساته، وهذا القرآن هو الدعامة العظيمة لهذا الدين، فالمسلمون يرجعون لهذا القرآن في حل مشاكلهم، وكل يجد فيه بغيته، فالعالم يجد فيه بغيته، والواعظ يجد فيه بغيته، واللغوي يجد فيه بغيته، من اللغة العربية الفصحى، والمؤرخ يجد فيه بغيته من أخبار الماضين، وأخبار المستقبل، وكل يجد في هذا القرآن ما يشبع رغبته، لأن الأمة بحاجة إلى هذه التخصصات كلها ليقوم عليها دينهم، وعلمهم بربهم، وعلمهم بالأحكام الشرعية التي هم بحاجة إليها، فهذا القرآن متضمن لجميع ما يحتاجه البشر، كما قال - سبحانه وتعالى -: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا}، وقال تعالى: {فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}، يعني بالقرآن.
وأشار الشيخ الفوزان إلى أن القرآن الكريم مصدر حوائج المسلمين في جميع أمورهم وتخصصاتهم، هو الحكم بينهم في النزاع، قال تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}، والرد إلى الله جل جلاله، هو الرد إلى كتاب الله، والرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، إلى سنته، بهما تحل جميع النزاعات، سواء في العقائد، أو في العبادات، أو في المعاملات، كل النزاعات، فإن في هذا القرآن، وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم حل النزاع، قال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}، الله جل جلاله يقول: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ} {فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ}.
وقال فضيلته: إن هذا القرآن هو مناط سعادة الدنيا والآخرة للبشرية، وهو المنقذ من الفتن، كما جاء في الحديث لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم حصول الفتن، وأنها كقطع الليل المظلم، قالوا: ما المخرج منها يا رسول اله؟ قال: كتاب الله، وهو الحياة، وهو الروح، وهو السعادة، وهو الصراط المستقيم، هو حبل الله المتين الذي بينه وبين خلقه، من تمسك به وصل إلى الله، ومن أفلتت يده منه فإنه يهلك مع الهالكين.
ومضى فضيلته يقول: فلذلك هذه العناية بكتاب الله من ولاة الأمور من العلماء والحفاظ، ومن الطلبة ذكورا وإناثا، العناية بذلك علامة خير لهذه الأمة، لأن خيرها وسعادتها في التمسك بهذا القرآن، ولا يمكن التمسك به إلا بتعلمه، وتعليمه، والعناية به، ومدارسته، وهذا القرآن لا يشبع منه العلماء وكل يأخذ منه على قدر ما وهبه الله، كما قال عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - إن تفسير القرآن على أربعة أنواع: نوع يعلمه العامة، ونوع يعلمه العلماء، ونوع اختص الله جل جلاله بعلمه، ونوع لا يعذر أحد بجهله، فتفسير القرآن لا يخرج عن هذه الأنواع.
واستطرد الشيخ الفوزان قائلا: إنه لا يمكن التمسك بالقرآن إلا بتعلمه، وتعليمه وتدبره، والتفقه في معانيه، حتى يكون هاديا ودليلا، القرآن لا شك أن فيه المحكم وفيه المتشابه، وفيه الناسخ وفيه المنسوخ، وفيه المطلق وفيه المقيد، وفيه العام والخاص، وفيه المجمل وفيه المبين، هذه تسمى علوم القرآن، ولا يعرفها إلا العلماء الذين لهم عناية بكتاب الله، وطرق الاستدلال، لكن قبل ذلك، وقبل الدخول في هذه العلوم لابد من حفظ القرآن، فإن حفظ القرآن هو المفتاح للدخول إلى هذه العلوم العظيمة، العناية بحفظه وتقويمه كما أنزله الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، العناية بتلاوته، وتحسين الصوت به، والتغني به، هذا أمر مشروع وأمر مطلوب، كذلك ترتيل القرآن على الوجه المطلوب هذا أمر مطلوب، حسن الأداء في التلاوة هذا أمر مطلوب، وهو مما يرغّب الناس في القرآن، والاستماع إليه، فالقارئ الذي يعتني بكتاب الله يعتني بحروفه، ويعتني بتجويده، ويعتني بأدائه، لا شك أن يؤدي عملا جليلا يشكر عليه عند الله سبحانه، إذا صلحت نيته.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved