Sunday 2nd May,200411539العددالأحد 13 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

في صورة جسدت تأكيد تطبيق الشرع الإسلامي على الجميع وعكست تكافل مجتمعنا في صورة جسدت تأكيد تطبيق الشرع الإسلامي على الجميع وعكست تكافل مجتمعنا
أسرة القاضي تعفو عن قاتل ابنها (منذر) وتعتق رقبة الأمير (فهد) قبل لحظات من تنفيذ القصاص

* الرياض - أحمد القرني:
جسَّد والد الشاب (منذر القاضي) الذي لقي وجه ربه قتيلاً إثر خلاف مع زميله الأمير فهد بن نايف بن سعود أسمى صور التراحم والرجولة والتكاتف بين أفراد المجتمع الواحد في بلادنا، حينما أعلن وقبل لحظات من تنفيذ حكم القصاص بحق الأمير فهد في ساحة قصر الحكم صباح أمس بمدينة الرياض عن تنازله وعفوه لوجه الله تعالى دون أي مقابل، محتسباً الأجر للمولى عز وجل، ودون أي ضغوط أو تدخل من أحد بشأن الإعفاء.. بعدها قامت أسرة القاضي التي تكونت من والد المقتول الشيخ سليمان وأعمامه واخوانه وأبناء عمومته بالذهاب لصاحب السمو الملكي الامير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض الذي استقبلهم في مكتبه بقصر الحكم داعياً لابنهم بالرحمة، مؤكدا لهم ان الدولة ليس لديها فرق ما بين أمير ومواطن، وان شرع الله هو الفاصل فيما بينهم وتطبيق أحكامه بدون تمييز، وقدم لهم الشكر على عتقهم للرقبة محتسبين أجرهم عند الله سبحانه وتعالى، هذا وقد شاهدت (الجزيرة) منذ الساعة التاسعة صباح أمس احتشاد جموع المسلمين في ساحة قصر الحكم وكذلك رجال الأمن الذين طوقوا ساحة العدل تمهيداً لتنفيذ حكم القصاص، وحضر والد المقتول الشيخ سليمان القاضي وأشقاؤه وأبناؤه وبحضور القاضي المشرف على التنفيذ ومسؤولي السجون والقصاص استعدادا لتنفيذ الحكم، وجرت عدة محاولات من الحضور في موقع القصاص مع والد المقتول لعفوه عن القاتل بحضور الوسيط صاحب السمو الملكي الامير منصور بن ناصر بن عبدالعزيز دون ضغوط أو اكراه، إلا انه لم يستجب وتكررت المحاولات أكثر من مرة، ومن ثم تم انزال الجاني صاحب السمو الملكي الامير فهد بن نايف بن سعود بن عبدالعزيز لساحة العدل لتنفيذ الحكم الذي صدر من المحكمة بتنفيذ حكم القتل لقتله المواطن منذر بن سليمان القاضي تنفيذاً لشرع الله تعالى، وعند نزوله إلى الساحة جرت أيضاً عدة محاولات للعفو من والد المقتول، إلا انه رفض مطالباً بتنفيذ شرع الله، فقام رجال الأمن باجثاء الجاني على ركبتيه استعدادا لتنفيذ الحكم، فعاود المتواجدون مع الشيخ سليمان القاضي بالمحاولة في الاعفاء والصلح إلا انه لم يستجب، فقرب السياف من الجاني متهيئاً لتنفيذ الحكم، فعلت أصوات من بين الحشود المتواجدة في ساحة الحكم تنادي (فهد) ومنهم الكثير يكبرون الله، فعادت المحاولات خاصة من صاحب السمو الملكي الأمير منصور بن ناصر بن عبدالعزيز وبحضور أغلب أسرة القاضي بالعفو عند المقدرة، فتراجع الشيخ سليمان القاضي وقام بأداء صلاة الاستخارة في ساحة الحكم وعلى يمينه بمسافة (10) أمتار الجاني الذي كان يناشد بعتقه لله، وبعد أدائه لصلاة الاستخارة قام فنظر إلى الجاني ثم من حوله، وجرت مشاورات قصيرة بينه وبين أقربائه وصاحب السمو الملكي الأمير منصور بن ناصر بن عبدالعزيز، بعدها أعلن الشيخ سليمان القاضي بعفوه عن قاتل ابنه لوجه الله تعالى دون إكراه أو ضغوط أو دفع من أحد، لا من الحاضرين ولا غيرهم وباختياره، فعلت الأصوات من الجميع: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر. وقاموا بالدعاء لوالد المقتول ولأسرة القاضي بالأجر والمثوبة عند الله وان يحتسبها لوجه الله تعالى.
وامتزجت دموع الكثير منهم بالفرحة ومنهم بالحزن لما شاهده من موقف إنساني نبيل احتسبه الشيخ سليمان القاضي عند الله بعتقه رقبة صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن نايف بن سعود بن عبدالعزيز الذي قام بعد ان كان يجثو على ركبتيه لتنفيذ حكم القصاص فرحا بعد ان عانى هذا الموقف العصيب وقبّل رأس والد المقتول معتذراً عما بدر منه، داعيا له وشاكرا له هذا الصنيع الإنساني الذي لن ينساه مدى عمره.
فقام رجال الأمن باصطحاب الأمير فهد بن نايف مرة أخرى لسيارة السجن والذهاب به إلى السجن لحين الانتهاء من الإجراءات الرسمية لاخلاء سبيله، كما قام الشيخ سليمان القاضي وأقرباؤه بالذهاب إلى المحكمة الكبرى للتصديق شرعا على تنازله بعفوه عن قاتل ابنه الأمير فهد بن نايف بن سعود بن عبدالعزيز.
هذا ومن جهة أخرى التقت (الجزيرة) بصاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن سعود بن عبدالعزيز الذي قال: الحمد لله، وأجمل ما فيها ان العدل اثبت انه يسود الجميع لا فرق بين هذا وذاك، وولدنا حط في الصفاة لتطبيق شرع الله عليه، وهذا شيء لا يزعجنا، كتاب الله وسنة نبيه بنيت عليهما هذه الدولة، ولكن الشكر كل الشكر بعد الله للشيخ سليمان القاضي ولأسرته الكريمة على تنازلهم، ولا هي بغريبة على أسرة القاضي، سبق لهم أن ضحوا ب (12) نفرا من رجالهم في معركة توحيد هذا الكيان في روضة المهنا ومواقفهم الرجولية والبطولية ليست بغريبة عليهم، والشكر كل الشكر من أسرتي أنا ومن كل إنسان على هذا الموقف النبيل الغالي الذي يسود المحبة ويثبت المحبة والاخوة والتآلف والتكاتف بين أبناء هذا المجتمع وتطبيق العدل على الجميع أو في التسامح والشكر لسيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض الذي أمر بتطبيق الشرع على الجميع.
من جانبه أوضح صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن سعود بن عبدالعزيز والد الجاني قائلاً: لا أستطيع أن اعبر عن فرحتي الكبيرة هذه إلا ان أقول الحمد لله على عطائه وكرمه وحكمه ان سخر لنا، بعد توفيقه، الشيخ سليمان القاضي وعائلته الكريمة باعفائهم عن ابني فهد، وأسأل المولى عز وجل ان يجعل ذلك في موازين أعمالهم، وهذه البادرة الإنسانية النبيلة ليست بغريبة على أسرة القاضي الذين أهدوني ابنا بحياته بعد أن انزل إلى ساحة العدل لتنفيذ شرع الله فيه، ونحمد الله كثيرا ونسأل المولى عز وجل ان يرحم ابنهم، وادعو الله العزيز ان يجزيهم خير الجزاء، والشكر بعد الله سبحانه وتعالى لكل من ساهم في الاعفاء ولسمو سيدي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض الذي يطبق أحكام شرع الله على الجميع دون استثناء، ونحمد الله تعالى في كل شيء.
ومن جانب آخر تحدث ل(الجزيرة) عبر الهاتف صاحب السمو الملكي الأمير جلوي بن سعود بن عبدالعزيز قائلاً: الحمد لله على الإسلام وشرع الله الذي جعلنا محكومين به وتطبيق أحكامه والذي جعلنا سواسية في الإسلام. وكما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: (لو سرقت فاطمة لقطعت يدها) فلينظر الجميع إلى ديمقراطية الإسلام وليس ديمقراطية الغرب المزيفة، فلو ان ما حدث في أمريكا أو أوروبا وقتل أحد أبناء الأثرياء لاخرجوه بالمال وبأساليب ملتوية، كما هو يحدث مرارا وتكرارا هناك، ولكننا نحمد الله تعالى في هذه البلاد الطاهرة ان حكم فينا شرع الله وجعلنا سواسية تحته، راجيا من اخواني وابنائي من شعبنا العزيز ان يلتفوا حول قيادتهم ودستورهم السماوي الذي وضعه الله ولم يضعه البشر، ولا يلتفتوا إلى السفهاء الذين يزاولون سفاهتهم من بلاد أعداء الدين، كما انه لشرف لي ان اتقدم بالشكر الجزيل للشيخ سليمان القاضي وعائلته الكريمة في عفوهم وعتقهم رقبة الابن فهد من القصاص بعد ان انزل لساحة العدل لتنفيذ حكم شرع الله فيه دون تمييز بين هذا أمير وهذا مواطن، فشرع الله فوق كل شيء، أسأل الله تعالى أن يجزيهم خير الجزاء، وان يخلف عليهم بالخير، وانني أقدم أبنائي الثلاثة للشيخ سليمان القاضي عوضا له في ابنه، ونحن الشعب السعودي كلنا اخوان بعض وأبناء بعض، والحمد لله على قضائه.
ومن جانب آخر تحدث ل(الجزيرة) الأمير عبدالمحسن بن فهد بن مشاري آل سعود قائلاً: نحمد الله على ما تيسر من العفو بين المسلمين وتمكنهم من ذلك.
إن هذه البلاد ولله الحمد التي فخرها الأول بعد الحرمين الشريفين منذ قيامها هو تطبيق شرع الله سبحانه وتعالى على الصغير والكبير، رضي من رضي وأبى من أبى، تثبت للعالم يوما بعد يوم صدق وقوة عزائم قادتها بربط الأقوال والأفعال وكرم أهلها وطيب قلوبهم وحسن تكاتفهم وتكافلهم وكريم عفوهم عند المقدرة وعظيم اواصر الاخوة والوئام والتسامح بين أفراد المجتمع، ويثبت ذلك ما حدث بالأمس عندما تنازل ولي الدم الشيخ سليمان القاضي عن القصاص لابنه منذر - رحمه الله - من الأمير فهد بن نايف بن سعود آل سعود أمام الألوف من الحاضرين والشهود في ساحة الصفاة بالرياض بعد ان سل السيف لينفذ الحكم فأعلن الشيخ عفوه الله، اسأل الله ان يعفو عنه ويغفر له.
وأضاف: العفو في هذا الوقت بالذات ليس مستحيلاً على رجال شرفاء مسلمين أرادوا حقهم بتطبيق الشرع الإلهي الذي أمر به الله، وبعد ان أمكنهم ولي الأمر من تطبيق شرع الله دون أي مماطلة أو تأخير، وهو الأمر الذي لو نفذ فلم يكن أحد ليلومهم كائنا من كان، ولكن النادر من الرجال هو الذي يعفو عند المقدرة، وليعلم الناس انهم هم الذين عفوا لوجه الله ولم يفرض عليهم شيء، فالحمد لله الذي يسر للمؤمنين سبيلا للعفو والتسامح، وليكون ما حدث أمام الملأ حجرا يلقم في أفواه الحاقدين المرجفين ضد هذه البلاد وقيادتها وشعبها بوجود فروقات في تطبيق شرع الله، فحسبنا الله ونعم الوكيل.
وأدعو الله سبحانه ان يجزي الشيخ سليمان وعائلته خير الجزاء ويخلف عليهم بخير ويبارك لهم في أعمارهم وأعمالهم وذرياتهم ويأجرهم على عفوهم كما وعد سبحانه: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved