Sunday 2nd May,200411539العددالأحد 13 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رحم الله أبا عبدالله رحم الله أبا عبدالله
د. عبدالعزيز بن عبدالله الخويطر

أبو عبدالله محمد بن عبدالله الجميح، رجل أحببناه لموقعه الوطني، ولما هو عليه من خلق فاضل، وسيرة حسنة، وتصرف محمود، رجل جادٌّ في عمله، مخلص في مهنته في حدود ما يستوجبه دينه ووطنه، وهو نموذج صادق لأسرة عريقة، عُرِفَتْ بصدق الولاء، والمساهمة فيما فيه عزٌّ للوطن، ورفعةٌ لشأنه.
لم أره، أو أي من أعضاده أبناء اخيه عبدالعزيز - رحمه الله - وأبنائه، إلا وتمثلت النجاح في العمل، واللحمة المثالية في التعاون والتكاتف، وصدق الاتجاه في سلامة القصد، ونبل الهدف، بعمق أدى إلى بروز أقر لهم به كل مراقب دقيق النظر، ودقيق الملاحظة، سليم البصيرة، عادل الحكم على التجارة والاقتصاد.
لقد اختارت هذه الأسرة الكريمة النجاح بقصد، وبوعي، لأسبابه، فبدؤوا بدءاً طبعياً، مختارين ما أودعه الله في كونه، أدرك الفقيد، وأخوه عبدالعزيز - رحمهما الله - وكثيراً ما سمعت والدي - رحمه الله - يثني عليهما، لما بينه وبينهما من صداقة، بُنِيتْ على تقدير الرجال للرجال، أدركا - رحمهما الله - أن النجاح في العمل التجاري لا ينزل من السحاب، ولا يأتي فجأة، ولا يُحازُ بالتمني، ولا يأتي طفرة، أدركا، وهما من تكتحل عيناهما صبحاً ومساءً بالنخلة أنها نبتت من نواة صغيرة، ونمت مع العناية الدائمة، والرعاية الحانية، ومع اختيار الغذاء الصحيح، والصبر الطويل، والحماية من الآفات، وتعويضها عما يأتي به القحط والجدب، ومع نباهة لا تعتريها الغفلة، ويقظة تامة، لما قد يأتي مالم يتوقع، فتصورا - رحمهما الله - التجارة مثل النخلة، تبدأ صغيرة، ثم تخضع للقاعدة الطبيعية.
بدأت تجارتهما صغيرة، يستطيع أي فرد أن يبدأ مثلهما، ولكنها بَزَّا كثيرين، فَسِرُّ اتساعهما جاء من توفيق الله ثم ما بذلاه من تحرك حذر، ودراسة عميقة، وأناة متبصرة، يواكب ذلك خطو مقدر، يتم فيه فحص حال السوق، ومراقبة قاعدة العرض والطلب، دون إقدام خطر متهور، أو تردد مضر، لقد سارا بخطو محمود العواقب، في سبيل واضح مستقيم، نحو هدف نبيل، بدأ عملهما في تجارة توفر لقمة العيش، مع جهد لتوفير ما يكون نواة لتجارة نامية، تُواكِبُ هذا العملَ نيةٌ حسنةٌ، وأملٌ في الله كبيرٌ، وثقةٌ في أنه لا يضيع أجر من أحسن عملا.
***
وقد أَحْسَنَا العملَ، وَهَدَفَا أنْ يكونا قدوةً حسنةً في نهجهما في التجارة، مع التفاتةٍ حانيةٍ لسبل البر، وإصرار ملحٍ في أن يكون لهما رصيد في الآخرة مثلما أنعم الله عليهما في هذه الدنيا، وأثابهما الله على عملهما بأن فتح أمامهما سبل الخير، فولجا أبوابه بثقة وعزم، لا ينقص من هذا خور، ولا يعتري عملهما تهاون.
يشعر من راقب عمل هذه الاسرة وكأن، أفرادها يعدون أنفسهم مسؤولين عن سنِّ سنة حميدة في التجارة، يكون لهم أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ولقد كانوا فعلاً نعم المثل في كل سبيل اتخذوه، وكل طريق سلكوه.
وانتقل عبدالعزيز - رحمه الله - إلى رحمة ربه، ووقع عبء الحمل الثقيل على ابي عبدالله محمد، (فارتكأ) له، وحمله بكفاية ومقدرة، فلم تشعر أسرتهم التجارية بفقده، لأن محمد لم يرد لها ذلك، لا في سيرها في عملها، ولا في تلاحمها، فقد عَدَّ أبناءَ أخيه أبناءَه، فجاءت سواعدهم له خير عضد، وسار بالسفينة فكان خير ربان، أسرع بها والبحرُ رهوٌ، وتأنَّى والامواج تصطخب، فحاز السبق، وقطف الثمرة، وبدأت دوائر التوسع تنداح بانتظام، بعضها يتبع بعضاً، سد بمشاريعهم ثغرات في التجارة تحتاج إلى سد، ورأى أن الوطنية تستوجب ذلك.
***
نفردت أسرة الجميح، وهو حامل اللواء، ببعض الأعمال التجارية، وشاركت آخرين، و(تثاقلت) مع غيرها أحمالاً جعلتها ملء سمع المقدرين وبصرهم.
وبسقت النخلة، وآتت أكلها ثماراً يانعة، وشقت الدوحة عنان السماء، ولم يترك أبو عبدالله هذه الدنيا إلا قرير العين بما أنجزه، سعيداً بما أدى لوطنه، مبتهجاً بما وفقه الله من حزم الأسرة برباط المودة والتآخي والتعاضد، مطمئناً إلى أنه أوجد تجارة ناجحة، في قلعة حصينة، هي فخر لبلده، ومثالٌ يُحْتَذَى.
رحم الله أبا عبدالله، وأسكنه فسيح جناته، وأثابه على ما فعل من أعمال الخير، التي بدأها واستمر فيها، وأعمال الخير التي ساهم فيها، وأسبغ على أسرته صغيرها وكبيرها، ذكرها وأنثاها، نِعَمَهُ ظاهرةً وباطنةً، وأَلهمَ أهله الصبر، ورحمَ فقيدهم.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved