Sunday 2nd May,200411539العددالأحد 13 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شدو شدو
الوعظ بالترهيب
د.فارس محمد الغزي

يحكى أن أحدهم دخل في أحد المجالس المكتظة بالمدعوين وما أن بدأ بالسلام على أولهم إلا وصاح به أحدهم ( لا تكب البياله! ) فما كان منه الا ان انحرف عن الهدف (البياله) ليتعثر (ويكب!) ابريق الشاي.. اما التفسير (العلمي) لما حدث هنا فيتمثل في ان الشخص الذي أراد إرشاد هذا الفرد صاح عليه بطريقة خلقت لديه توتراً مفاجئاً افقدته توازنه ولاسيما انه كان ارشادا خاليا من الحل او البديل المناسب الامر الذي ادى الى ما ادى اليه.. ولكم ان تتخيلوا الحال فيما لو تم توجيهه بطريقة هادئة بأن ينحرف (عن الهدف!) يميناً او شمالاً او ما الى ذلك.
لهذا السبب يقول العلم ان من اخطر الامور ما يتمثل في اللجوء الى اثارة عواطف الافراد عن طريق التخويف حيث ان ذلك كفيل بتخليق التوتر الذاتي في كياناتهم واثارة مشاعر الذنب المكبوتة في مراكز اللاشعور منهم مما يصرفهم بالتالي عن اتباع ما يتوجب عليهم اتباعه، ولمنهجية الوعظ بالترهيب والتخويف عدة مسارات او نتائج من ضمنها احتمالية ان يثور الفرد ضد نفسه او ان يثور ضد الرسالة التي اريد له تفهمها او قد يثور ضد المرسل.. صاحب الرسالة حيث لا يخفى هنا ان كراهية صاحب الفكر ليست الا رفض لفكرته، وتسمى الحالة الاخيرة هذه ب(آلية البومرنغ Boomerang) وهي قطعة من الخشب تُرمى على الحيوان المراد صيده وتتسم بأنها سرعان ماترتد الى صاحبها بعد رميها، وبالطبع فهي تستخدم في هذا السياق كناية عن ارتداد الغضب الى نحر مثيره.
وكما استهللت هذه المقالة بطرفة دعوني اختتمها بدراسة علمية أجراها عالمان من العلماء (جانيس وفيشباخ )(2001) حيث عرضا على ثلاث مجموعات من طلبة المرحلة الثانوية ثلاث (نصائح) محورها أضرار تسوس الاسنان الاولى كان مستوى (التخويف) فيها مرتفعاً وفي الثانية متوسطاً اما في الثالثة فكان معتدلاً، وهذا وبعد دراسة تتبعية وجد الباحثان ان نسبة من زار طبيب الاسنان من المبحوثين كالتالي: ( 8% ) من طلاب النصيحة المخيفة و( 22% ) من أفراد النصيحة المتوسطة، و ( 36% ) من ذوي النصيحة المعتدلة.

هامش: انظر (عبدالله، م وخليفة، ع، 2001، علم النفس الاجتماعي، القاهرة، دار غريب للنشر.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved