Al-jazirah

مذكرات متقاعد (5 - 20) مذكرات متقاعد (5 - 20)
إبراهيم بن عبد الله الشريف

رغم أن الإجابة حارت في جوفي إلا أنني ما لبثت وأنا امام جلالة الملك سعود، إلا أن قلت: أنا ولد فلان؛ أي الشخص الذي أعيش في كنفه بعد وفاة والدي رحمه الله وأنا طفل لا أكاد افقه شيئاً، وكان مرد ذلك هو التفكير القاصر وعدم الرشد إذ كان عمري بين 13 و14 سنة. أأقول لجلالته: أنا ولد فلان! وهو ميت؟!
وعندما اخبرت جلالته قال: وين القصيدة؟ فأعطيته الكلمة بقصيدتها..
ولعل القراء الكرام في حاجة لسماع بعض أبيات القصيدة التي زينت الكلمة وأعتقد أن نظمها جاء من بين ثلاثة أشخاص لا رابع لهم:
الأستاذ معين أبو شناق، الأستاذ عبد الله أحمد شباط، الأستاذ سعد البراهيم وكلهم كانوا يشاركون في التدريس في المدرسة المار ذكرها وهاكم شيئاً منها:

دمام أمست تباهي الكون من طرب

إذ إنك البدر جلا في دياجيها

والبشر يبسم فيها عن صفار دُرر

تزدان في نظمها الزاهي لآليها

لا زال كوكبك العالي يضيء على

كل البرية قاصيها ودانيها

وعطفك الممنوح في كل آونة

نفوق به الدُّنا رباها وواديها..

وأستميحكم العذر فإنني لم احفظ منها سوى ما ذكرت لتقادم العهد وكبر السن بفعل الزمن (ختم الله أعمالنا واعمالكم بالصالحات)،
وعند انتظامنا في المدرسة بناء على دعوة من الإدارة حملها العم سعيد على ما أظن نقدت بخمسمائة ريال كانت تعادل في ذلك الوقت أكثر وأبرك من خمسة آلاف الآن.
وكانت فرحة عارمة أن تقبض يدي هذا المبلغ لأول مرة في حياتي، ولم نعد للبيت بعد القبض، إنما ذهبت للسوق فامتطيت بجزء منها دراجة والجزء منها هدايا لوالدتي وبعض إخوتي وأخواتي الذين يقطنون الدرعية ثم الرياض، وأعطيت والدتي رحمها الله رحمة واسعة مبلغاً منها، وكان صدى دعائها لا زال يتردد في مسمعي إلى اليوم (أول خير)، وكنت آتي للرياض أو الدرعية أثناء العطل المدرسية، وكنا نسكن في المريّح بجانب الشيخ محمد بن خميس غفر الله له ولوالديه، الذي كان من أبنائه البررة الشيخ عبد الله بن خميس العلامة المعروف، والأستاذ عبد الرحمن الراشد مدير عام مؤسسة (الجزيرة) والأستاذ راشد الفهد الراشد أخو عبد الرحمن والاثنان يكون الشيخ خالاً لهما فكان لي ذكريات معهما ونحن أطفال لم تجتز أعمارنا (14 - 15) سنة، وكان عبد الرحمن أكبرنا على ما أظن (والزعل مرفوع)، ونوادر الطفولة ورحلة الجمل سأتحدث عنها في الحلقة القادمة.

(*) الرياض