Sunday 9th May,200411546العددالأحد 20 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الإرهاب.. وبناء الشخصية الإرهاب.. وبناء الشخصية
فواز زايد الشمري

تمر الأيام وتسير الأحداث الجسيمة بما لا تشتهيه الأنفس الزكية ولا يقره دينٌ ولا ثقافة ولا عاقل مدرك.
تتسارع الأحداث الإرهابية في بلد الأمن والإيمان بلد الحرمين ومهفى الأنفس المسلمة الكل يتسارع يريد أن تطأ قدمه هذه الأرض المباركة وما زالت الأفئدة تردد دعاء إبراهيم الخليل: {رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًا} ، في هذا الخضم المتسارع والمتلاطم وعبر وباء فكري مدمر جدير بنا أن نقف وقفة متأمل ومدقق ومحلل موضوعي بعيداً عن الحسابات الجانبية التي لا تقدم ولا تؤخر في حل هذه المعضلة الجسيمة ومن وجهة نظري فإنني أحب أن أسلط الضوء في هذا الموضوع على بناء الشخصية لا غير.
فقد يتعجب المرء كثيراً من أن بعض المطلوبين هم من أهل الشهادات الجامعية بل بعضهم يترشح للقضاء ومجموعة منهم كانت تعمل في ميادين شرف كالتعليم وغيره بل إن بعضهم من كان بديع زمانه على خشبة المسرح الجامعي تنتظره الجموع بكل لهفة وشوق.
إن المتأمل في تنشئة الأجيال يلحظ أن هناك خللاً كبيراً في صنع جيل قويم متفتح متسامح في ظلال دينه الحنيف.
إن مراكز الإشراف على الشباب عانت من إيجاد القيادي المحنك الذي يتمتع بثقافة عالية وخبرة طويلة وتعامل حضاري مبدع ينتج لنا أجيالاً تحمل ثقافة إسلامية واعية وهادفة غير منغلقة لرأي معين أو اتجاه واحد.
إن المشكلة تكمل في أن من يعتلي عرش توجيه الشباب للأسف هم مشكلة في حد ذاتهم فالكثير منهم يفتقر للعلم الشرعي والثقافة الواعية وعدم الإلمام بحمل مشكلات الشباب وقبل ذلك عدم إيجاد لغة الحوار أو التحاور معهم فالكل يطبق ما يقول القائد الأوحد.
ومن يخالف يهجر والويل والثبور على من يتعدى على توجيهات القائد المهيب مما نتج عنه جمود لدى عقول الشباب وتحجير أفئدتهم وتحيز فئة لأخرى.
بل إن كثيراً منهم يعتمد على طرحه في إثارة عواطف الشباب على ما تواجهه الأمة من أزمات ومصائب جمة فما أن تنطفئ مصيبة وإلا والأخرى بعدها كفلق الصبح.
وكان جديراً بهم أن يذكروا لهم التاريخ وما حل بالأمم قبلنا من ضعف ووهن وما جاء بعد ذلك من نصر ربك المؤزر وفتحه للعباد المؤمنين الصادقين وكان الأجدر بهم أن يوجهوا حماسة الشباب لهذا القرآن البين الواضح وإلى السنة المطهرة وإلى الربانيين من العلماء المخلصين.
كان الواجب عليهم تعزيز الشباب بدينهم والتفقه فيه وتعليمهم سنن الله في هذه الدنيا وتدعيم ذلك بسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وأصحابه الأطهار
خير من فتح مسائل التكفير والجهاد لشباب لم يفرقوا بين شروط الصلاة من أركانها فكيف لا حينما نمنح بعضاً من أبنائنا الشباب الذي هم في ريعان أعمارهم وزهرة حياتهم وقلة علمهم دوراً أكبر منهم ثم نلبسهم لباس الشيخ الوقور ونرفعه عن مقصد الخطأ بكيل المدائح والرأي الراجح ثم نريد منه أن يتقبل الرأي الآخر أو أن يكون محاوراً جيداً أو مستمعاً منصتاً أو مطوراً مبدعاً.
إن تقفيل العقل وتحجيره في وقت مبكر لهو خطر قاتل يجر لصاحبه بل لمجتمعه الويلات والحماقات الفكرية القاتلة.
بل إن غياب البحث العلمي والاطلاع ساهم في حد كبير في اعتمادهم على غيرهم في نقل الرأي وتنفيذه دونما تحريف أو تعطيل وانظر لهؤلاء الشباب الذين خرجوا على التلفاز ممن تأثروا بهذا الفكر كيف أن القائد لا يقبل منك سؤالاً أو إيضاحا ومن يفعل يُبعد حينما يريد الله به خيراً.
وإليك بعضاً مما جنته تلك القيادات وما حصدته أيدي أبنائنا الشباب: شابٌ على مقاعد الدراسة الجامعية وإن شئت قل جامعة إسلامية وفي كلية إسلامية يترك الجامعة معقل العلم والهدى ثم يتفرغ لطلب العلم على يد شيخه الأريب الرمز على الإنترنت ويتخرج بتقدير الدرجة العالية ولكن في مجال التكفير لكل من هب ودب بداية من العلماء حتى أقصى القوم وهو لا يمانع من أن يكفر أباه أو أخاه.
وآخر يترك البيت ويعيش في خيمة لأنه في بلاد الكفر وساحة قتال وآخر يشرد بناته ويختفي ليظهر اسمه مع المطلوبين.
إن تحرك كثير من العلماء والمصلحين لتبيين خطر هذا الفكر القاتل لهو خطوة مباركة وعمل جريء ولكن الأجدر من ذلك تحرك العلماء نحو هؤلاء الشباب ومحاورتهم وخاصة من يقوم عليهم والاهتمام كل الاهتمام في حسن اختيار من يقود هؤلاء الشباب سواء في مدارسهم أو نشاطاتهم اللاصفية أو حلقات القرآن الكريم. وأخيراً نذكر بأن هناك رجالاً أوفياء لدينهم ووطنهم يقودون الشباب إلى كل خير فلا ننسهم في قلة خارجة عن دينها وعن أمتها.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved