Sunday 9th May,200411546العددالأحد 20 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ذلك لهم خزي في الدنيا ذلك لهم خزي في الدنيا
أحمد بن عبدالله العرفج

يقول الله تعالى:{ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } يذكر أغلب المفسرون- رحمهم الله جميعا- في معرض تفسيرهم لهذه الآية الكريمة معنى الخزي: وهو العار والنكال والذلة والعقوبة العاجلة في الدنيا قبل الآخرة، وبعد ذلك (لهم في الآخرة عذاب عظيم).
حيث ذكر سبحانه وتعالى ذلك في حد من يسعون في الأرض فساداً، وفي أعظم صور الفساد الخروج على ولي الأمر، وعلى جماعة المسلمين، فقال تعالى:{أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ} قال ابن طلحة عن ابن عباس في الآية، من شهر السلاح في قبة الإسلام، وأخاف السبيل ثم ظُفِر به وقُدِر عليه، فإمام المسلمين فيه بالخيار: إن شاء قتله، وإن شاء صلبه، وإن شاء قطع يده ورجله، أو نفيه خارج البلاد.
ونحن نشهد هذه الأيام حوادث عنف وإرهاب تصديقاً لنبوته صلى عليه وسلم بأنه سوف يخرج في آخر الزمان أناس يتمظهرون باسم الدين، لكنهم وبفعلهم المشين يمرقون من الإسلام كما تمرق السهم من الرمية.
ولأن خطرهم على حياض الدين رهيب، وضررهم على أمن الوطن كبير، حيث انكشف ما تبقى عن وجوههم الكريهة اللعينة البغيضة، بعد حادثة مبنى الإدارة العامة للمرور بالرياض، فصار المقصود من تلك الجرائم كلها هو المواطن وأمن الوطن بعد أن كانوا يروجون لمقولة قتال الكفار وإخراجهم من جزيرة العرب، جاء الدور على (المواطن) وإلا فما الذي يعنيه ذلك ؟ غير أنهم أخرجوا المواطنين والمقيمين عن دائرة الحماية التي هي في تصورهم هو اعتقاد ما يعتقدون.
إن ذلك التفجير الآثم ولا شك هو هتك لحرمات الإسلام المعلومة بالضرورة وهتك لحرمة الأنفس المعصومة، وهتك لحرمات الأمن والاستقرار وحياة الناس الآمنين المطمئنين في مساكنهم ومعايشهم، وغدوهم ورواحهم وهو هتك للمصالح العامة التي لا غنى للناس في حياتهم عنها، وما أبشع وأعظم جرم من تجرأ على حرمات الله، وما أبشع جريمة من ظلم عباد الله وأخاف المسلمين والمقيمين بين ظهرانيهم، لهذا كان الواجب علينا كمواطنين صالحين- وفي أبسط درجات الصلاح - الامتثال للتوجيه الرباني في تحقيق هذا الخزي على هذه الفئة الضالة بنبذهم ومقتهم في مجالسنا والدعاء عليهم بين المسلمين والتشهير بهم والإنكار على كل من يحاول إيجاد الحجج والأعذار لهم لأن الواجب في هذه المرحلة هو استنفار طاقات المجتمع لمقت هذه الفئة الضالة، وهو كذلك السلوك النبوي الذي أرشدنا إليه عليه الصلاة والسلام، فحينما خرج سلفهم (ذو الخويصرة) على رسول الله ليعلن تصوراً وفكراً في عقله لا يقبل شريعة محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال: (يا محمد اعدل)، هذا الخروج قابله النبي بشحذ عموم أفراد المجتمع لمواجهته، فقد كان بإمكانه عليه الصلاة والسلام أن يأذن للفاروق أن يدحرج رأسه من على كتفيه وينتهي الأمر، لكنه عليه الصلاة والسلام أراد أن يبني منهجاً في التعامل مع هذا الفكر المنحرف من خلال بناء توجه اجتماعي يرفض هذا النوع من التعامل، بالإضافة أن المواجهة ليست حكراً بين الحاكم أو ولي الأمر وبين رواد هذا الفكر بل إن المواجهة ستشمل فيما تشمل لا حقاً الأطفال والنساء والعجزة ومن في حكمهم، وما الأحداث التي نسمع عنها في بعض الدول الشقيقة عَنَّا ببعيد، فلقد بدأت تلك الجماعات بدعوى إخراج الغربيين من بلادهم وبعدها أتى الدور على رجال الأمن ثم رجال الحكومة ولم ينتهِ عند تذكية ونحر أفراد أسر بأكملها، بل أبعد من ذلك وهو استحلال دماء وأعراض وأموال من لا يعتقد عقيدتهم.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved