Sunday 9th May,200411546العددالأحد 20 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

(هبة الريح) استثمرها الملك عبدالعزيز (هبة الريح) استثمرها الملك عبدالعزيز
حمد بن محمس : هذا البيت أنموذج رائع في التأكيد على الصفات المميزة بين الحاضرة والبادية

* كتب - محرر الوراق:
لا يختلف اثنان في أن تنوع السكان في الجزيرة العربية من بين بادية وحاضرة وأبناء قرى وسكان جبل، يعد تنوعا مثريا للحياة العامة، فكل خصه الله بصفات إيجابية قد توجد في الآخر، وقد لا توجد، وهذه القضية المهمة قضية جديرة بالدراسة، لكن حسبنا أن نشير في هذه العجالة إلى شهادة أحد المهتمين والباحثين المتمكنين بهذا الموضوع، ألا وهو الأستاذ الفاضل الشيخ حمد بن محمد المحمس العاصمي القحطاني - وفقه الله - حيث أشار إلى هذا الموضوع في مجلس أدبي راق وعامر بشيء من الاختصار، لكنه أشار إلى جوانب مهمة في حياتنا الاجتماعية في فترة ماضية ندرسها تاريخيا ونستنشق شذا عطرها الفواح.
ولعل بداية الحديث كانت فكاهية نوعا ما، حيث أشار الحضور إلى النقلة النوعية والقفزة الكبيرة التي شاهدها كل أبناء الجزيرة العربية بعد حركة التوحيد المباركة التي قادها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل - طيب الله ثراه -.
وكانت لفتة طريفة جداً حين أشار الأستاذ محمد أبو حمراء الباحث المعروف والكاتب في جريدة (الجزيرة) إلى أن بعضهم حين شاهد ثمرة البرتقال لأول مرة ما كان منه إلا أن أوقد النار ووضع البرتقال في النار ظناً منه أنه كاللحم لا يؤكل إلا بعد أن تنضجه النار.!
وكان الحديث عن هذه النقلة مثيراً للشجون لدى من عرف التاريخ وسبر أغواره، حيث كان الحديث للأستاذ حمد بن محمس الذي قال: كانت علاقة البادية بين الحاضرة والبادية في السابق قوية جداً بسبب أن الحاجة في السابق كانت بينهم أكثر، وكان بينهم زيارة شتاء وصيف، فالحضري كان يزور صاحبه البدوي في فصل الشتاء،
ويحل ضيفاً عليه، ويستثمر ما وفره له البدوي من خيرات الأرض والمواشي السمينة، وما تعده البادية من بعض المنتوجات كالإقط وغيره بالإضافة إلى هواء البادية العليل، وهذه طريقة سنوية لدى أبناء الحاضرة، وفي فصل الصيف يحل ابن البادية ضيفاً على شقيقه ابن القرية، فيستفيد من الثمار والمحاصيل الزراعية من تمر وغيره، ويستظل بظل القرية، ويجد الماء جاهزاً للشرب والاستخدام عن طريق السواني.
وقد حدثت هذه المواقف للشاعر الشجاع بداح العنقري أمير بلدة ثرمداء تلك البلدة ذات التاريخ العريق، وقد قدر له أن تقدم لخطبة فتاة من البادية، فاعتذرت عن قبوله لسبب أو لآخر، فما كان منه إلا أن جادت قريحته بمقطوعة شعرية رائعة أصبحت على كل لسان، وفي كل بيت وتحت كل خيمة، وكان من أبرز مفردات هذه القصيدة كلمة (هبة الريح) التي تدل على مجموعة كبيرة من المعاني النبيلة التي كانت محط الفخر آنذاك، وفي مقدمة هذه الصفات الكرم ونجدة الملهوف والشجاعة والنباهة واحترام الآخرين وعدم التعرض للأعراض.
ومن هذه القصيدة الرائعة نذكر ما أورده ابن محمس في حديثه الرائع حيث قال مخاطبا هذه الفتاة:
ترى الظفر ما هوب للظاعنينا
قَسمٍ وهو بين الوجيه المفاليح
البدو واللي بالقرى نازلينا
كل عطاه الله من (هَبّة) الريح
وعند الحديث (هبة الريح) لابد من وقفة وقفتها (هبة الريح) في محطة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل - طيب الله ثراه - الذي يشهد له القاصي والداني أنه من أكبر من استفاد من قدرات الرجال حاضرة وبادية، فوظفها جميعاً لخدمة الوطن، فتجد أنه تعامل مع الرجال بطرق جعلت الأعداء قبل الأصدقاء يقدمون الإخلاص والولاء من القلب، فرحم الله الملك عبدالعزيز، ورحم الله أولئك الرجال الذين قدموا لنا وللأجيال المتعاقبة أروع الدروس في الإخلاص والوطنية والترابط الاجتماعي الذي هو قوام المجتمعات.
ومما يجدر ذكره أن غير واحد من الباحثين كتب عن الملك عبدالعزيز وكيف كان يكتشف الرجال، ولعل هذا الموضوع يكون من ضمن مواد وراق الجزيرة في عدد قادم بإذن الله.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved