Sunday 9th May,200411546العددالأحد 20 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

25-6-1391هـ الموافق 17-8-1971م العدد 356 25-6-1391هـ الموافق 17-8-1971م العدد 356
على بساط البحث والنقاش غلاء المهور.. مرة أخرى

غلاء المهور هو المشكلة الاجتماعية الأولى التي يعانيها شباب وشابات بلادنا.
وأنا أعرف الكثير من اخواني الشباب من ذهبت زهرة شبابهم ضحية لارتفاع غلاء المهور .
كانت فتاة في أحسن أيامها فقدت أبويها وعاشت من صغرها في كنف عمها، فقدت الأم والأب ولكنها لم تفقد الأمل وكأني بها وهي تردد قوله تعالى: {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} وبلغت سن الزواج وجاء من يخطبها من أقاربها لكنه في نظر عمها فقير فرفض خطوبته معتذرا بأنها رفضت..
وبعد مرور عدد من السنين لاقت فيه هذه الفتاة المسكينة ما لاقته من عناء وتعب وحرمان الشيء الذي جعلها وكأنها تعيش في عالم وبقية الناس في عالم آخر.
جاء الخاطب رقم (2) وعرض على عمها زواجه من ابنة أخيه فأجابه بقوله ما عندي مانع إذا رضيت وذهب إليها عمها مسرعا وقال لها: ان رحبت به ذبحتك.. فما كان منها إلا الرفض على مضض وحرقة وأسى ولوعة..
ومرت الأيام وشباب هذه الفتاة يتقلص رويدا رويدا، وفجأة يبتسم لها الزمان بموت عمها الذي نعاه الأهل والولد والجيران والجماعة بينما هي في أعماق أعماقها تهنئ نفسها بنفسها وكأنها تقول (شكرا لك يا الله على حلو النعمة).
وجاء الخاطب رقم (3) ليخطب الفتاة فرحبت به فورا وكان ذلك من خلال محادثات أجراها الخاطب مع نائب القبيلة وانتهى بالزواج بعيدا عن احتكار الجشعين وانتقلت الفتاة إلى عشها الهادئ الجميل وإلى حياتها التي تحلم بها وتنفست الصعداء ومر عام فاستقبلت ابنها (محمود) وشغل فراغها وأصبحت ترى فيه حياتها وأملها ليكون رجلا يشار إليه بالبنان..
إن في هذه القصة وفي غيرها عبرة لأولي الألباب ولعلنا نفهم بأن ديننا الإسلامي فرض المهر ولكن بمقدار ويجب أن يعلم إخواننا آباء البنات بأن بناتهم أمانات في أعناقهم يجب الإحسان إليهن ولعل أول إحسان إليهن أن يقنعوا وأن يجعلوا المهور الصحيحة لبناتهم هو صيانة شرفهم وحفظ كراماتهم. فالفتاة ليست بالمهر تقاس وإنما بشرفها وحسن منبتها ودينها وأمانتها ويجب أن ننظر لماضينا فهذه فاطمة الزهراء أم الحسن والحسين كم كان مهرها وكم كان عرض وطول موكب زفافها وكم رأسا من الأغنام ذبح في زواجها.
لم يحدث من ذلك شيء - لأنه لم ينزل الله به من سلطان ليس لأن فاطمة لا تستحق التكريم إذ يكفي أنها ابنة محمد صلى الله عليه وسلم.
وهذه بعض الأبيات المأخوذة من ملحمة عيد الغدير تصور لنا الموقف عندما عاد الإمام علي رضي الله عنه من معركة بدر وهو لا يملك سوى الدرع فيئه من الغنائم:


يلمس الدرع فيئه وهي كنز
لفقير لم يلتفت للثراء
أتراها تفي بمهر عروس
أتراه يرد رد جفاء؟
وأبوها لو رام عدل صداق
مال قارون ظل دون الوفاء
دون ما تستحق ايوان كسرى
واللآلي وحلية الزباء
ولو أن الدهناء تبر لكانت
بعض شيء بجانب الزهراء
جاء بيت النبي والقلب خفق
فهو في مثل رجفة البرداء
قال (اني ذكرت فاطمة
وانبث صوت مكبل بالحياء
فأجاب النبي: أبشر عليا
خير صهر مشى على الغبراء
يبعث الدرع في الصداق وزُفَّتْ
لعلي سليلة الانبياء
هو خير الازواج عفة ذيل
وهي خير الزوجات من حواء
رفرف السعد فوق كوخ حقير
لم يدنس بقسوة الأغنياء
ان تكن قسمة الغنى متاعا
فالإله الرحمن للأتقياء
ذلك البيت بعد غمدان باق
ذكره يملأ الزمان النائي

ودولتنا الفتية وعلى رأسها مليكنا المحبوب لم تأل جهدا في محاولة حل هذه المشكلة..والخلل جاء من الآباء فلم يتعاونوا ولم يتكاتفوا لحل هذه المشكلة إنما زادوها تعقيدا .. اني رأيت الجهل شيئا كالعمى..
عبد الله الأسمري


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved