Wednesday 12th May,200411549العددالاربعاء 23 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

التقاعد استثمار مستمر وعوائد منقطعة.. إلى متى؟! التقاعد استثمار مستمر وعوائد منقطعة.. إلى متى؟!
محمد ناصر الأسمري( * )

تحولت مصلحة معاشات التقاعد إلى مؤسسة عامة، ولعل هذا يعطيها مرونة في العمل، ولعل تسجيل الاعتراف بتحسن الأداء واجب فكري في تحسن الأداء والتعامل بما قد برز للعيان وشهادة الأحوال والاهتمام بأمور المتقاعدين المالية، لكن الأهم عندي هو صدور مجلة للتقاعد والمتقاعدين فهذا تحول فكري مقدر وعليه سيجري مناط الحكم قياساً واستدلالاً كما يقول الأصوليون في مذاهب الفقه. ودراستنا اليوم لا تغفل ما طرأ من تحسن وتبادل منافع بين الأنظمة، وما الهدف سوى العود بالفكر والرأي من اجل تحسين طرق الأداء والممارسة في العمل والمعاملة والتعامل والخدمة لقطاع هام من مواطني بلادنا لهم في جبين الوطن غرة عز وعلوم مقام ومثال وقدوة للأجيال المتلاحقة.
التقاعد مرحلة من مراحل حياة الإنسان. قلة من يخطط له وبالذات في المجتمعات غير الصناعية. ولا يعني التقاعد العجز بل التحول إلى نمط من الحياة. فالطبيب والمهندس والعسكري والتاجر وغيرهم يتقاعدون، وليس بالضرورة أن يكون تقاعد قعود بل هو تقاعد مهني بسبب السن وبالتالي احترام مقدرة التعامل والعطاء أو يكون التحول إلى توسع في العمل في مجالات أوسع تجارية أو استشارية. لكن الملاحظ في بلادنا العربية بشكل عام وفي بلدنا السعودية على وجه الخصوص النظر إلى التقاعد وكأنه شبح مخيف بل ربما أنه (الموت قاعدا). ولعل لهذا أسبابا متعددة من أبرزها فيما أظن الارتباط المتصل بالعمل في نطاق واحد وبخبرات راكدة وتدرج لا رقي فيه للذهن أو تنوع الخبرات والمهارات معرفية كانت أم مهنية؟. وعلى الرغم من أهمية التقاعد ومساسه بحياة أعداد متزايدة في الحكومة بالذات منذ بدايات التأسيس لمؤسسات الدولة، فإن المراقب يعجب لقلة أو جدية التوجه لعمل الدراسات والبحوث في هذا المجال سواء لدى مصلحة معاشات التقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية سواء في المجال الاكتواري أو الاجتماعي بكل أبعاده أو حتى لدى الجامعات!. وحسب ضابط الأمن اللواء الدكتور محمد بن صنيتان بن تنباك (1993) في كتابه التقاعد فلم يعرف أن جامعاتنا في ذلك التاريخ قد قامت بأي دراسات للتقاعد أو عنه. ويحمد للرجل دراسته - كتابه - الذي كان هدفه (رصد الرأي العام عن التقاعد ومعرفة ما يحدثه التقاعد على المتقاعدين من تأثيرات نفسية، واجتماعية ، واقتصادية، وصحية. ومعالجة السياسات والأنظمة والإجراءات للإحالة على التقاعد وتقدير المعاش. وآراء المتقاعدين وتوقعاتهم) وأنا في طرحي هذا قد أفدت من أفكار الرجل وله الشكر. أنا اعلم أن لجل المتقاعدين هموما وللتقاعد اشكالات ومشاكلات كنظام وممارسة. وطرحي هنا يصب في هذا الشأن، لكني أميل إلى ما يهم المتقاعدين. ومنطلقي من المبررات والمسببات التالية. وهي ذات تداخل وترابط فكري:
1- المتقاعدون (ثروة مربحة), ولها (أصول ثابتة) في ذاكرة الأجيال. فهم الأجداد والآباء الذي خدموا -بكل ما تعنيه هذه الكلمة- الوطن شعبا وأرضا وقيادة, في أوقات الشح وقلة الموارد وسبل التواصل والاتصال. ولا جزاء مقابل هذه القيمة إلا الشيمة والوفاء. ولا اقل من الرعاية التي يسبقها الإجلال والتقدير والثناء.
2- لقد تقاعد من هؤلاء ومن لحق بهم من الأجيال في وقت كانت الرواتب قليلة. وتبع ذلك قلة المعاش ورغم أن مجلس الوزراء قد عدل ثلاث مرات مقدار المعاشات التقاعدية ليكون الحد الأدنى 1500 ريال. وهذا المبلغ لا يكاد يطعم فردا واحدا يأكل الفول والأسودين. فما حال من له أسرة كبيرة العدد والاحتياجات الضرورية!!.
3- صاحب هذا انخفاض القيمة الشرائية للريال. فبات المعاش لا يعيش. وهذا مما أسهم في تحول المتقاعدين إلى حال متدن في مستوى المعيشة في حين انهم كانوا من الطبقة الوسطى في المجتمع ولكن مع هذا الحال وتنامي أعدادهم فقد زادت مساحة الفقر والعوز؟
4- تنامي عدد أفراد الأسرة. وبالتالي تزايد متطلبات إعالتهم ذكورا وإناثا حيث إن اعتمادهم في الإعالة على الأب. وبالطبع فكلما زاد عمر الأولاد زادت الطلبات مما يزيد من حالة الضنك والتأثير على صحة الشخص عضويا ونفسيا وربما ما هو اخطر.
5- عدم وجود وعي لدى الموظفين العمال بأهمية التخطيط لمرحلة التقاعد منذ بدء الالتحاق بالعمل.
6- لا يقل عن السبب السابق سبب آخر ألا وهو قلة أو ربما انعدام الوعي بأهمية الاستثمار للمبالغ التي تستقطع شهريا من الراتب، ولعل اللوم هنا يخص مصلحة معاشات التقاعد التي مضى على وجودها أكثر من نصف قرن (1378) بالرغم من أن صدور أول نظام للتقاعد كان عام 1364هـ وما تلاه من تعديلات حتى 1395هـ. فقد كان نص النظام واضحا: (تنظيم وإدارة صندوق التقاعد تمويلا واستثمارا بما يمكنه من الوفاء بالتزاماته المالية قبل الموظفين وعوائلهم). وهنا فإن منطق الفكر يرى أن مسألة الاستثمار هي التي لها القوام في هذا الطرح. فالتقاعد في نظرنا هو تأمين تعاوني اكثر منه ادخار. والتأمين مشاركة بين كل الخاضعين لنظام التقاعد المدني والعسكري وكذا الحال مع التأمينات. والمنطق السوي يدعو إلى تفعيل (تجارية التأمين) بالاستثمار بإعادة أو مرابحة أو مزارعة أو استصناع أو مضاربة أو سندات اعتمادا على أن نسبة التقاعد هي 9% من الراتب (جبريا) لا (اختيارا) والحكومة تدفع نفس النسبة وبالطبع تختلف النسب بين نظام الموظفين والعسكر والعمل والتأمينات. ولا اعلم إن كان قد جرى أي نوع من الاستثمار لأموال صندوق التقاعد التي لا شك أنها في تزايد لا نقص.
ولا شك أن فائض الأموال في صندوق التقاعد موجود ولكن ليس لدينا مرجع داعم لإيضاح الحجم والمقدار. لكن الإجراءات التي تصاحب حجب المعاشات بعد الوفاة أو تحجيمها في التوزيع على المستحقين من ورثة المتقاعد حتى تتلاشى بالعودة كاملة إلى صندوق التقاعد؟؟ تدل على وجود فائض يرتفع معدله التراكمي عاما بعد عام. وفي ظل غياب إعلان الميزانية السنوية فلا مجال سوى التخمين, ولا اعلم السر في عدم الإعلان عن الميزانية رغم أن نظام مصلحة التقاعد قد نص صراحة على أن لها (شخصية اعتبارية وذمة مالية مستقلة). وكذلك (توجيه ومتابعة فائض الأموال بالتعاون مع مؤسسة النقد). وقد نص النظام أيضا (أن يقوم مجلس الإدارة بوضع خطة عامة لاستثمار أموال الصندوق وإدارة الاستثمار وإصدار القواعد اللازمة للتنفيذ. وتعيين مراجع حسابات أو اكثر وإقرار الحساب الختامي. وان يفحص المركز المالي كل ثلاث سنوات بواسطة خبير اكتواري. بل لقد نص النظام انه (إذا تبين فائض يسمح بإضافة مزايا جديدة للمنتفعين فيجوز تقدير ذلك والرفع لمجلس الوزراء).
وارى أن المطالبة بتحول فكري جديد سريع لتفعيل نصوص النظام والمستجدات التي طرأت على الأوضاع الاقتصادية والمبررات التي جاءت في مقدمة طرحنا هذا حق مشروع وله أسبقية استحقاق النظر من الحكومة ومجلس الشورى ليكون من مجالات مهامه واهتماماته. وهنا مقترحات عن بعض المجالات التي يمكن أن يكون فيها الاستثمار لأموال صندوق التقاعد والتأمينات منفردين أو مندمجين:
* يشرع فورا بتحويل جزء من أموال صندوق التقاعد إلى محافظ استثمارية عالية الربحية قليلة المخاطر. سواء في سندات الدين العام أو الشركات المساهمة. أو في مجالات الاستثمار عالي العائد قليل المخاطر. ولعل صندوق الاستثمارات العامة المملوك للدولة من اقدر وآمن جواذب الاستثمار؟
* تتنازل الحكومة عن نصف العائد من الأرباح لصالح الصندوق ويتم توزيع الأرباح على المودعين الذين استقطع من مرتباتهم سنويا كل بقدر ما له من راتب هو في الأساس إعادة لما استقطع منه مع نسبة مماثلة من الدولة أي أن الحكومة شريكة في ضمان الاستثمار بما لها من مال في صندوق التقاعد من خلال النسبة التي تشارك بها مع المستقطع من الموظفين والعمال.
* يتم دفع الأرباح على شكل علاوة سنوية تضاف شهريا إلى المعاش التقاعدي فيكون في هذا ترفيعا للدخل الشهري وسعة على تكاليف المعيشة المتزايدة في الارتفاع وتقض مضاجع وأذهان ونفسيات المتقاعدين الذين كانت المستقطعات الشهرية المنتظمة تأمينا مدخرا لم يستثمر.
* ما زاد من أموال تبعا لما سبق إليه من إجراءات الوفاة يوزع على أصحاب المعاشات التي تقل عن 2500 ريال بحيث يكون الحد الأدنى للمعاش هو هذا المبلغ مهما كانت مدة الخدمة فالأمر تأمين لا ادخار كما سبق الإيضاح.
* لعل الاقتراح بجعل مدة الاستثمار من لدن المتقاعد مساوية لمدة الخدمة أمر لا مشاحة في الصدع به. ولكن بمنظور مستجد قوامه أن الأساس المفترض لبدء العمل سيكون بعد الجامعة أو غيرها في سن 25 عاما. وعلى افتراض أن يكون الحد الأعلى للخدمة 30 عاما، والسن 55 عاما. فإذا تقاعد الرجل أو المرأة في سن الـ 55 واستمر في صرف المعاش التقاعدي 30 عاما فإنه- إنها- سيصل إلى سن 80 عاما إن كتبت له الحياة؛ أما إن سبقه الأجل فلن يحتاج بنوه أو الزوجة / الزوج إلى ذل الفاقة والحاجة وقلة الحيلة فهم في كنف عيش كريم قوامه استثمار حلال من مستقطع مستمر وعائد متصل. وبعده يغني الله كلا من سعته فيكون الأبناء قد اكملوا الدراسة والبنات قد كفلهن أزواج ومضى كل إلى غايته جيلا بعد جيل في نظام تكافلي وانتظام بعيد عن الحاجة والفقر.
* ضرورة تنشيط ذهنية التفكير في شأن الاستثمار في الأوقاف والإسكان. ومقترحنا هو أن تقوم الحكومة نيابة عن المودعين في الصندوق والتأمينات وهي من ضمنهم بالتشارك مع المصارف والتجار وغيرهم ببناء مساكن صحية ومناسبة لمتطلبات العصر وحجم الأسر، للإسكان في المدن الصغيرة والريف لكي ترتقي بطريقة وأسلوب العيش بما يتناسب مع طريقة وتوجه الناس للحياة المدنية. بل لعل هذا يسهم في تمدين وتحضير عمق الوطن بل ربما أسهمت عودة المتقاعدين بعد التقاعد إلى بلدانهم التي قدموا منها في الأصل في الرقي والتوسع في مجالات للأعمار والاستثمار.
* لا شك أن ما سبق من مقترحات سوف يحدث حراكا إيجابيا في المجتمع. وذلك من خلال تقاعد أناس في سن مبكرة لها القدرة على العمل والإنتاج ولعل المثال لما اعنيه هنا هو أن كثيرا من المتقاعدين من القوات المسلحة والحرس وقوى الأمن الداخلي على وجه خاص يحكمهم السن القانوني للرتب بصرف النظر عن مدة الخدمة إذ لكل رتبة سن معينة عنده تتم الإحالة بقوة النظام. لكن هؤلاء قد تدربوا تدريبا عاليا وتأهلوا في مجالات تقنية ومهارات مهنية وسلوكية وخبرات معرفية ولا يليق أن تبقى هذه الكوادر معطلة فهي اجدر واقدر أن تسهم في تطوير وتدريب الأجيال اللاحقة لهم في مجالات الأنشطة والأعمال في القطاع الخاص بل والحكومي ويمكن توظيفهم بأجر معقول يكسبهم دخلا وعملا بدلا أن تبقى طاقات معطلة وهي قادرة على العطاء والإنتاج وتوريث الخبرة.
ولا شك أن الهموم للمتقاعدين كبيرة وكثيرة، وما تم التطرق إليه كان اجتهادا ورؤية فكرية أرجو الله أن تكون فاتحة لبدء الحكومة في دراسة أوضاع التقاعد والمتقاعدين بل لعل مناط شيء من الأمل أن تكون المبادرة من مجلس الشورى بحكم أن الغالبية من الأعضاء متقاعدون وربما قد عرفوا بعض الهموم والمعاناة. وأنا أعلم أن منهم من شغل مرتبة وزير منذ سنوات حين كان مرتب الوزير 10000ريال وبالتالي فإن معاشه التقاعدي ما زال اقل من راتب موظف في المرتبة العاشرة اليوم. ولي أمل أن يكون هذا الطرح قادح إشعال ذهني لأساتذة الجامعات لعمل الدراسات الاجتماعية التي تعالج الأمور التي أشار إليها الضابط ابن صنيتان كما جاء في بدء هذا العمل. وهنا سوف أنحو إلى طرح عاجل لا اجل عن بعض المقترحات حول بعض الأمور المعنوية التي تنطوي تحت موضوع الرعاية الاجتماعية:
1- لما لا تشترى بقية الخدمة وتحسب عائدات تقاعدها استثمارا. ففي هذا إتاحة مجالات للتوظيف لمن لم يحالفهم الحظ وبعث للشبابية في أجهزة الدولة. وهذا ما هو قائم في شركة الاتصالات اليوم حيث سرحت الموظفين من وزارة البرق ودفعت لهم مبالغ وصلت إلى اكثر من مليون ريال للموظف لكي يرحل.
2- دفع راتب سنة تفرغا للمتقاعد قبل موعد الإحالة لكي يرتب أوضاعه. بل إنني أطالب أن يرقى الموظف المحال على التقاعد مدنيا كان أم عسكريا إلى المرتبة أو الرتبة التي تلي ما كان شاغلا لها بحيث تكون ترقية وإحالة في نفس الوقت.
3- لا اعلم ما هو المبرر في عدم بقاء البدلات التي كانت جزءا من الراتب ضمن المعاش التقاعدي. كالبدلات التي تصرف للأطباء والفنيين في مختلف التخصصات وبدلات طبيعة العمل فهي وحسبما اعتقد جزء من الراتب في نظام العمل ولا اعرف الحال مع نظام الموظفين وخدمة الضباط والأفراد. واعتقد أن تسوية هذا الوضع تشريعيا ومحاسبيا أمر هام جدا وفي ظني أن هذا سوف يسهم في رفع نسبة المستقطع وبالتالي موجودات صندوق التقاعد والتأمينات ومن ثم العائد على الاستثمار ومقدار المعاش التقاعدي الذي يصرف للمتقاعد.
4- منح خفض 50% على تذاكر الاركاب على الخطوط السعودية و65% لكبار الشخصيات التي وليت مراكز عالية مرتبة 12-15، رتبة عميد - فريق.
5- تحويل حفلات التكريم السنوية إلى مسمى يوم الوفاء وجعل الاحتفالات بتكريم المتقاعدين على مستوى الإمارات والمحافظات ففي هذا كما يقول العميد ابن صنيتان (وسام استحقاق ونوط شجاعة لهذه الفئة من المتقاعدين الذين كان لهم الأسبقية في العمل الإداري منذ توحيد الوطن والذوبان الإقليمي في الدولة والمجتمع والتجمع القبلي والعشائري في الأمة. لأن لأولئك الأقدمين حق الريادة والاعتراف من الأجيال اللاحقة والمتلاحقة.
6- الاحتفاء بالشفاعات والتزكية -لا الوساطات ففي هذا حفظ للمكانة الاجتماعية، ولا يليق بجهة حكومية عمل فيها شخص في منصب كبير ولا تبدي تجاوبا وتقديرا معنويا لرأي منه أو تزكية.
7- تبديل حال إجراءات تصفية الحقوق التي تهدر فيها قيمة وقدر السن وأسبقية العمل في المرجحة بين أروقة مصلحة المعاشات ثم سبل الاستجداء لدى المصرف لوجود هذه المبالغ الضخمة لديه أو التوعية للمتقاعدين بطرق استثمار أو مرابحة.
8- ولعل حق المطالبة باستخدام نظام التحويلات الآلي سريع موجه إلى وزارة المالية- مصلحة معاشات التقاعد والتأمينات الاجتماعية لسرعة العمل به وإيداع معاشات المتقاعدين آليا في حساباتهم لدى المصرف الذي يريدونه والأقرب إلى مقار إقامتهم وسكناهم.
9- فتح مجالات توظيف بعض المتقاعدين في العمل في الأسواق المركزية بدلا من العمالة المستقدمة وبالذات في مجالات المحاسبة للمتبضعين والحراسات لا سيما من الجند المتقاعدين من العسكرية.
10- لعله بالإمكان تفعيل دور ومشاركة الجمعيات التعاونية في تطوير قيام فكرة وجود تعاونيات برأس مال مشترك مع صندوق التقاعد والتأمينات - استثمار - على الأقل في بيع المواد الغذائية والملابس ويكون للمتقاعدين نسبة تخفيض لا تقل عن 30% عند إبراز بطاقة التقاعد كما هو معمول به في كثير من بلدان العالم. ففي هذا في ظني تفعيل جاد ومثمر للمجتمع وخلق روح التعاضد والإنتاج وتخفيف لبطالة التقاعد والقعود.
11- أتمنى أن تستفيد مراكز التدريب المهني من خبرات المتقاعدين التقنيين وعلى وجه الخصوص من العسكريين في أعمال التدريب. فهؤلاء المتقاعدون قد نالوا تأهيلا عاليا وتدريبا جيدا وهم من البيئة المحلية سيكون لهم تأثير إيجابي على سلوكيات الشباب في القبول بالعمل وتقدر قيمته. فهذا التدريب والمدربون بسابق خبراتهم وعملهم سيوجد سلوكا يقبل بسرعة ورضا لأن القدوة من بني جلدتنا وهذا عامل مهم في تحبيب العمل.
12- لعل وزارة العمل بحكم مسئوليتها عن التعليم المهني والتدريب تبادر إلى فتح مراكز تدريب على أعمال الصيانة الميكانيكية للمعدات والآليات الثقيلة وأعمال السباكة والكهرباء بحيث يكون المدربون المتقاعدون من العسكريين الذين عملوا وتدربوا بشكل جيد ومتقن على هذه الأعمال أثناء عملهم سواء أكان تدريبهم محليا في القطاعات العسكرية أو في خارج المملكة لدى دول متقدمة. وهم في سن ما تزال قادرة على العمل فتقاعدهم كان بسبب سن الرتبة لا سن التقاعد كما سبق الايضاح، ولا أرى مانعا في المساعدة والإقراض لقيام شراكات بين عدد من هؤلاء المتقاعدين لإقامة مراكز متخصصة يعملون فيها بأنفسهم ممارسة مهنية وانتفاعا وحفظا لثروة وطنية وبناء ثقة واطمئنان بسوق خالية من الغش والخداع وطمس كل سبل الإصلاح للمعدات مثلما هو واقع اليوم من الرمي إلى المزابل قطع غيار لمجرد خراب يسير وإبداله بجديد لا ضرورة له سوى التبذير والغش.
13- إن المتقاعد في غالب الأحوال قد بلغ من العمر مبلغا يزيد فيه هموم الصحة أكثر من غيرها بسبب عامل السن وما يصاحبه من تغيرات عضوية ونفسية ولهذا فإن واجب الرعاية الصحية له فرض أداء مستحق على الدولة والمجتمع. ولعل تحمل صندوق التقاعد نسبة من التأمين الصحي أمر لا مشاحة في المطالبة به طيلة مدة بقاء المتقاعد على قيد الحياة, وفي اعتقادي أن تحمل تكاليف العلاج والدواء مناصفة بين الصندوق والمتقاعد أمر مقبول وله من المعقولية حيز في الوزن والكثافة. وإن كنت أرى وجوب مجانيته كلية لمن تجاوز 65 عاما كما هو حال المواطنين المتميزين في دول العالم senior) citizens)
14- المتقاعدون كما قلنا هم ثروة ولها أصول في الذاكرة الوطنية. ومن حق الأجيال أن تعرف وتستفيد من خبراتهم وتجاربهم في الحياة والعمل. ولعل قيام أجهزة الدولة بالطلب إلى قدامى الموظفين فيها بتسجيل مذكراتهم وذكرياتهم عن بدايات العمل والمصاعب والأساليب التي تم بها الأداء وما قد يكون من النوادر في التغلب على بعض المشكلات. ففي هذه التجارب مجالات للخلق والإبداع ونقل وتبادل للأفكار والتجارب بل وتأريخ للحركة والتفاعل بين الأجيال.
وبعد كل هذا الطرح أظن أن حال مجلس إدارة مصلحة معاشات التقاعد بوضعه الحالي يحتاج إلى تبديل فالملاحظ أن جل الأعضاء من جهة واحدة وهي وزارة المالية. فرئيس المجلس هو وزير المالية وعضوية محافظ مؤسسة النقد ومدير عام المصلحة أي كلهم من وزارة المالية. وبالطبع فان عضوية وزير الخدمة المدنية وآخرين من ذوي الاختصاص في الإدارة والاقتصاد لم يعد يتوافق ومتطلبات الواقع المعاش وفي ظني أن توسيع المجلس بدخول صندوق الاستثمارات العامة والأوقاف والإسكان والمصارف المحلية وعضوية موظفين متقاعدين أمر بالغ الأهمية لكي يحقق صندوق المعاشات نقلة نوعية وكمية في الارتقاء بالعمل الاستثماري والاكتواري والتأميني والادخاري من اجل مصلحة الأجيال التي سوف تكون يوما ما في سجلات المتقاعدين. وبلادنا قد خطت خطوات واسعة في مجالات الاختصاصات المتنوعة كما وكيفا. ولا بد من إتاحة الفرصة للعقول المبدعة والمفكرة أن تعمل من اجل خدمة الوطن شعبا وأرضا وقيادة. وآخر دعوانا أن (الحمد لله رب العالمين).

( * ) باحث ومستشار إعلامي


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved