Wednesday 12th May,200411549العددالاربعاء 23 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

(رصيد الدول يتمثل بأدمغة علمائها) (رصيد الدول يتمثل بأدمغة علمائها)
عبد المحسن بن عبد الله البدر

لم يعد خافياً على أحد أن رصيد الدول لا يقاس بما تملكه من ثروات طبيعية فحسب، بل بما تملكه من أدمغة علمائها ومفكريها الذين يقومون بصناعة المعرفة
وهندستها للوصول إلى مستوى الدخل المعرفي الإجمالي الذي يصون استقلالها وسيادتها، بيد أن إنتاج المعرفة يتطلب إعداد الكوادر العلمية إعداداً سليماً للتعامل مع آخر المستجدات العلمية وإذا كان الطلبة هم المساحة الحقيقية لأي عمل علمي استراتيجي يهدف إلى النهضة الحقيقية فإن هذا يؤكد على ضرورة ظهور أساليب تنمي لدى الطلبة روح الابتكار والإبداع ولا تقتل لديهم ملكة التفكير لأن الدماغ البشري ثروة بيولوجية لا يجوز هدرها بأن نفرض على الدماغ التبلد وذلك بالتعامل مع مناهج دراسية محشوة بالمعلومات الفارغة واللغو دون أن تثير لدى الطلبة أي اهتمام ولا تحفز لديهم الأسئلة الذكية.
ولعل الفكر الاجتماعي والثقافي والتربوي الذي تملأ كتبه مكتباتنا وتنشر تحليلاته في صحفنا ومجلاتنا ، تلقى ضوءاً ساطعاً على علاقة التنشئة للطالب بمدرسته وبيته وبيئته وما يخزن في ذهن الطالب من ملاحظات سلوكية لمعلميه ووالديه وأقرانه تظهر في وقت متأخر من نموه على سلوكه وعلى مواقفه وآرائه، إذ أن قدرة الطالب على التعليم واستقباله للمعلومة المدرسية والمرجعية تختلف تماماً عن طاقة تخزين التصرفات والسلوك وطرق المعاملة التي يشهدها الطالب أو يلاحظها أو يتعرض لها فالتنشئة السلوكية قضية ربما تكون أكثر خطراً وأشد تأثيراً على الطالب في التنشئة التعليمية والثقافية التي تكتفي بتزويده بكم هائل من المعلومات دون معرفة تأثير هذه المعلومات على جوانب حياته السلوكية والنتيجة عقول جامدة محشوة بكم هائل من المعلومات التي لم تتبلور في صيغة سلوك منتج خلاق وربما نشبهها بسيارة مليئة بالوقود ولكن محركها لا يعمل فهل سنستفيد من الطاقة الكامنة فيها؟؟
وبما أن المناهج تبقى الحلقة الأخطر في إعداد الطالب إعداداً علمياً لائقاً شرط أن تعتمد على تنمية معاني الإنتاج وتحفز لديهم المغامرة المعرفية واكتشاف الحقيقة على أن تراعي هذه المناهج الفروقات بين الطلاب لأنهم يتفاوتون في استعداداتهم ومواهبهم وطموحاتهم وإلا فإننا سنكون كمن يستخدم علاجاً واحداً لجميع الأمراض. إن تطوير المناهج بات ضرورة لا مفر منها، بحيث تكون ملبية في مفرداتها وسياقاتها لحاجاتنا التنموية وأن تشتمل على مقرر عن تاريخ العلوم عند العرب يبين إسهامات علمائها في مختلف دروب المعرفة لإعادة الثقة لدى طلابنا بحضارتهم وتحفيزهم للسير نحو التقدم العلمي وكذلك تزويد الطلاب بآليات التفكير العلمي من خلال مثيرات تحفز فيهم الروح العلمية وروح الابتكار وتبرز هذه الرؤية المستنيرة من خلال توجهات كثير من رموز هذا البلد سواء أكانت العلمية أم الاقتصادية أم السياسية في دعم مثل هذه التوجهات نسبة لما لمسوه على أرض الواقع من حاجة ماسة لخلق جيل واعٍ بمتطلبات عصره مدركاً لخطورة الوضع القائم وما استحداث جائزة التفوق العلمي من أحد رموز هذا البلد الاقتصادية وتبني الإرادة السياسية العليا لهذا الأمر بالرعاية والاستحسان إلا رمياً للكرة في ملعب التربويين والعلماء لبحث أنجع السبل وأفضل الطرق لحث أبنائنا على التحلي بروح البحث والتفوق وما التوفيق إلا من عند الله.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved