Monday 17th May,200411554العددالأثنين 28 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الرئة الثالثة الرئة الثالثة
العراق ( جيت): اللهم لا شماتة بأحد!
عبدالرحمن بن محمد السدحان

* استقطبتْ سمعي وبصري شاشةُ التلفاز قبل أيام وأنا أتابعُ مع الملايين وقائع المواجهة الساخنة والمنقولة حيةً على الهواء عبر أكثر من قناةٍ عربية وعالمية، بين لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكي ووزير دفاع الولايات المتحدة السيد دونالد رامسفيلد، حول تداعيات قضية التعذيب الوحشي لبعض الأسرى العراقيين من لدن عناصر تنتسب إلى بعض قطاعات الجيش الأمريكي العاملة في العراق، وقد أظهرت الصور المسربة إلى بعض وسائل الإعلام الأمريكية والعالمية، مقروءةً ومرئيةً، فظائع التعذيب الذي تجاوز بكل التقديرات الخطوط الحمراء الدولية والإنسانية والأخلاقية!
* لقد تابعت باهتمام ذلك اللقاء المثير بين الوزير الأمريكي رامسفيلد وأعضاء لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، وكان الوزير رابط الجأش، رغم حدة وحساسية الموقف، ولم يبخل عليه الشيوخ بالمداخلات والتساؤلات المحرجة تنديداً بما حدث، وإدانة لفاعليه، معتبرين ذلك ضربة مباشرة لما أسموه ب ( القيم والمثل العليا) التي تقف بلادهم رمزاً لها!
* واستأذن القارئ الكريم بطرح بعض التداعيات الفكرية التي أفرزتها تلك المواجهة التاريخية، محاولاً بذلك استلهام دروسٍ وعبر على هامش ذلك الحدث، فأقول:
أولاً: كرر الشيوخ الأمريكيون على مسامع العالم ما جاء على لسان قادة بلادهم ووسائل أعلامهم من أن الذين ارتكبوا فضائح تعذيب المعتقلين العراقيين أفراد قلة، لا يمثلون إلا أنفسهم، وأقول بإنصاف إن ( المطب) الأخلاقي الفادح الذي تعرضت له تلك القلة في العراق لا يمثل قيم الشعب الأمريكي ولا أخلاقياته!
ثانياً: وبعبارةٍ أكثر إنصافاً أقول: إن كل ذي لب حليم، أياً كان مكانه أو مكانته أو معدنه، لايمكن أن (يدين) شعباً بأكمله، بما فعل ( نفر) من سفهائه، قلوا أو كثروا، فالوزر، كما علمنا ديننا الحنيف، لا يتجاوز فاعله الى سواه إلا بدليل!
ثالثاً: هنا، يقفز إلى ذهني سؤال قديم وعنيد: بماذا يفسر بعض ( سادة) الكونجرس الأمريكي ومعهم نماذج (مدجنة) من ( سدنة) الرأي العام هناك، حملات ( التعميم) المخضب بالتجريح والتجريم والإدانة التي تعرضت لها المملكة العربية السعودية، ديناً وحكومةً وشعباً منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001م، وحتى يومنا هذا بسبب ما ذكر عن مشاركة خمسة عشر مواطناً سعودياً في تنفيذ تلك الكارثة؟!
رابعاًً: اليوم نقول ما كررته بلادنا بالأمس على كل مستوى، وبنفس المرجعية العقلانية والأخلاقية ذاتها التي (يوظفها) الساسة والإعلاميون الأمريكيون الآن في (الدفاع) عن قيم شعبهم، نقول إن تورط نفر من سفهائنا في أعمال إرهابية مشينة سواء تم ذلك في عقر دارنا أو في أقصى ديار ( الواق الواق)، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتحمل وزرها سوى الأفراد المعنيين بها! وترتيباً على هذا، استنكرنا في هذه البلاد، حكومةً وشعباً، ما حدث في سبتمبر 2001م، وتبرأنا ممن فعلوه وما فعلوا، لأن ديننا وأخلاقياتنا ترفض قتل أو جرح الأبرياء، تحت أي شعار وفي ظل أي مسوغ، ونرفض في الوقت نفسه أن يتحمل وزره آخرون!
خامساً: لكم كنت أتمنى لو عاملنا الإعلام الأمريكي بإنصافٍ منذ الحادي عشر من سبتمبر حتى الآن، ففرق بين عملٍ سفيهٍ لا يأتيه إلا سفيه، وبين أمة تقف في قلب الحدث الدولي: ديناً وقيماً وتاريخاً وإنجازاً! كنت أتمنى لو عوملنا يومئذ بمثل ما يعامل به المجتمع الأمريكي نفسه الآن في تعامله مع الأزمة الراهنة في العراق، فيميز بين الخبيث والطيب من البشر، لتلا تزر وازرة وزر أخرى!
سادساً: وأخيراً، لقد نطقنا داخل بلادنا وخارجها بالكلمات ذاتها التي يسوقها الأمريكيون الآن، ( دفاعاً) عن نظامهم ومجتمعهم، فلم يؤخذ بما قلنا وقتئذ، وحملنا من الوزر أرتالاً ظلماً وقسراً على كل المستويات!
اليوم، نقول بأعلى صوت:
اللهم لا شماتة بأحد!
والعزاء والدعاء لأسر الشهداء والمعذبين في العراق الجريح!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved