Monday 17th May,200411554العددالأثنين 28 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

من أجل حياة زوجية ناجحة من أجل حياة زوجية ناجحة

كتب الكثيرون عن الفحص الطبي قبل الزواج، ومدى أهميته في الحياة الزوجية ومستقبل أجيالهم القادمة، وأنا في هذا المقال لا أفند ما قالوه! ولا أكرر ما سطروه! بل أتكلم عن جانب أغفلوه.
فقبل الأولاد والاطمئنان على مستقبلهم الصحي يجب أن نهيئ أسرة متفاهمة واعية تواجه العقبات قادرة على تحمل المسئوليات لديها حصانة عن كل ما يعتريها من مشاكل، وما يحل بها من نزلات حتى ينشأ الأولاد بين كنفي أبوين ديدنهم الانسجام ومنهجهم لا فرقة ولا خصام.
فصلاح العلاقة الزوجية مقدم على صلاح الأولاد، بل إنه عامل مهم لصلاحهم وبالتالي صلاح مستقبلهم وأجيالهم.
ومن مرتكزات صلاح الحياة الزوجية توافق الطرفين قلبا وقالبا من جميع النواحي، لكل منهما (شعرة معاوية) تجاه الآخر، قابل للمرونة، قادر على مواجهة عوامل المد والجزر في (يم) الحياة الزوجية فيكونان في هذه الحياة وسطا كأمتنا الإسلامية بين باقي الأمم، كما قال جل وعلا {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} (143) سورة البقرة
وهذا التوافق ينبع من عدة مصادر: أهمها الأسرة فيرسخ الوالدان فكر التوافق والتفاهم العائلي في عقول أبنائهم، ويحاولون قدر الإمكان أن يظهروا بمظهر التفاهم، ويجتنبوا الاختلاف والشقاق أمامهم حتى لا يظن الطفل أن الفرقة والاختلاف من ضروريات الحياة الزوجية، عكس ما تنهجه الكثير من الأسر حينما تفتح باب النزاع على مصراعيه أمام الأبناء مما يعكس آثاراً سلبية عليهم.
وفي المدرسة - وهي البيت الثاني- تكون هناك مسئولية كبرى لإبراز مفهوم التوافق الأسري بطريقة منهجية هادفة، وذلك في حال وجود مادة تدرس تهتم بالأسرة- وقطباها- من الألف إلى الياء- توضح عوامل البناء والطرق الموصلة لحياة أسرية ملؤها السعادة والتوافق، وعوامل الهدم والخراب فيها وما ينتج عن ذلك من ضياع ودمار لأفرادها وللمجتمع كافة، فكل أسرة تمثل لبنة من لبنات المجتمع التي لها الأثر الكبير عليه سلبا وإيجاباً.
ولا نغفل عن تأثير الإعلام: الذي يسير موازيا للمصادر الأخرى، وخاصة في هذا العصر- عصر العولمة والانفتاح- حيث تقع على عاتقه مسئولية كبرى في إيصال هذا الفكر البناء- وإعلامنا أهل لذلك - من خلال جميع ينابيعه المرئية والمسموعة والمقروءة، فتقام البرامج التي تعتني بالأسرة وصلاحها، ويطرح هذا الموضوع من قبل الخبراء والإخصائيين، ويستقصى من جميع الجوانب الحيوية، وتنتقي عصارة الخبرة ليستفاد منها في مواجهة ركب الحياة السائر.
وعن تأثير الصحف والمجلات: لا تسل؟ ففي هذا العصر! لا يوجد منزل ولا أسرة لم تنهل من منهلها العذب، وتتفيأ بظلال حدائقها الغناء، فهي ذات تأثير مباشر على شريحة كبيرة من المجتمع وتناولها لهذا الموضوع لا شك أنه يلقى عظيم الاستحسان والقبول.
وبعد كل هذا والأهم منه! ما جاء به ديننا الإسلامي الحنيف من شرائع وأمور صالحة لكل زمان ومكان، تدعو إلى الرقي بالحياة الزوجية إلى أسمى مراتب التوافق والتفاهم، ومختصرها في حديث معلم هذه الأمة محمد- صلى الله عليه وسلم- حينما قال:( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)، ومجملها يصعب الإحاطة به.
وبالمقابل نغض الطرف عن المجتمعات الغربية، وما ترمي إليه من التفكك الأسري والانحلال الثقافي والخلقي بدعوى الحرية والديمقراطية عن طريق وسائلها المختلفة، ولا نحاول تقليدهم كما يفعل بعض الجهلة ظنا منه أن التقدم والحضارة إنما تتم بمحاكاتهم في كل صغيرة وكبيرة.
وأخيراً وليس آخرا: (لكل شيء إذا ما تم نقصان...) ولا يتم ويكمل إلا وجهه عز وجل. والعبرة بكمال النهايات لا بنقص البدايات.

حامد حمود الرويلي/ محافظة طريف


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved