استغلال الفوضى العراقية

يمثل الوضع الفوضوي في العراق فرصة مثلى لكل الذين يحلو لهم الصيد في الماء العكر, وبدلاً من أن تكون قوات الاحتلال بحكم مسؤولياتها هي القوة ذات الإسهام الأكبر في تهدئة هذه الفوضى فإنها بدلاً من ذلك تصب على النار المشتعلة مزيداً من الزيت.
حادثة مقتل رئيس مجلس الحكم الانتقالي عزالدين سليم تعكس جانباً من تلك الفوضى حيث يجيء الحادث قبل شهر ونصف الشهر من انتقال سلطة الحكم إلى حكومة عراقية مؤقتة, وفي ذات الوقت أشار الكثيرون إلى أن المغدور كان ينظر إليه على أنه مفكر أكثر من كونه شخصية سياسية مثيرة للجدل.. ما يعني أن المقصود هو العراق..
حوادث قتل كثيرة في العراق ذهب ضحيتها أناس ليسوا مقصودين في شخوصهم، وإنما المقصود العراق بشكل كامل، فهناك فعلاً مَن يسعى إلى إبقاء الوضع دائم الاشتعال لإبعاد العراق من أي بادرة أمل تعيده عضواً كاملاً في مجموعة عربية معافاة!!
وبالنسبة لقوات الاحتلال التي يفترض أنها صاحبة الحل والعقد في الموضوع الأمني, بحكم وجودها الكبير وتسليحها المتفوق وقدرتها على المناورة, فهي حالياً تعاني من وصمة العار بسبب ممارسات القوات الأمريكية المنافية لكل ما هو أخلاقي ولكل ما هو إنساني في المعتقلات بما فيها سجن أبوغريب، وهكذا فهي الآن في حالة دفاع عن النفس ولا مجال هنا للقول إنها تدافع عن النظام أو الاستقرار أو الناس في العراق بعد أن ثبت أنها أكبر منتهك للنظام بما في ذلك حقوق الإنسان، وقد ازداد الأمر سوءاً مع الحديث عن أن ما جرى في سجن أبوغريب ليس عمل مجموعة منفردة وإنما هي سياسة متبعة من أعلى المستويات بغرض استخدام أقصى ما يمكن للحصول على اعترافات.. ولهذا فان بعض مما يجري هو انتقام من ذلك أو استغلال لأجواء الفوضى..
ما جرى في سجن أبوغريب وما تلا ذلك من تفسيرات لما حدث يفرز سلسلة من ردود الفعل يصب مجملها ضد قوات الاحتلال، حيث لا يعرف الناس ما إذا كان الأمر حادثة منعزلة أو أوامر متسلسلة من أعلى قمة القرار الأمريكي إلى القاعدة وإنما الذي يعرفه الناس أن الأمريكيين هم الذين فعلوا ذلك.
وليس من سبيلٍ لإصلاح هذا الضرر الكبير إلا بإعادة السلطة للعراقيين ليكونوا هم الحكام وهم السجانون وهم الذين يحققون في كامل أوضاعهم وشؤونهم.