Friday 21st May,200411558العددالجمعة 2 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

ماذا نفعل بأوراق الجرائد؟! ماذا نفعل بأوراق الجرائد؟!
د.محمد بن سعد الشويعر

على ضوء ما نشر في مجلة الدعوة العدد 1941 تاريخ 17 ربيع الأول عام 1425هـ، في زاوية الأسرة صفحة 72 تحت عنوان (استفيدي من الجرائد)، وقد وضعت الكاتبة أربع فوائد أذكرها باختصار:
الأولى: لإنضاج أي فاكهة بسرعة مثل: الموز والطماطم وغيرهما، تلفّ في جريدة لتنضج في اليوم الثاني.
الثانية: للأوعية البلاستيكية لإزالة ما بها من رائحة تغلى فيها أوراق الجرائد لتمتص الرائحة كلها. ونسألها: ألا يحترق البلاستيك؟!
الثالثة: الحذاء الذي له رائحة كريهة جداً، توضع الجرائد داخله إلى الغد لتزول الرائحة المزعجة.
الرابعة: مقلاة الزيت كثيرة الاستعمال، لتكون نظيفة بشكل جيّد، وخالية من الزيت، يفرغ الزيت منها وتمسح بالجرائد ثم تغسل.
على هذا كثر التساؤل: واتصل بي أكثر من شخص من مكة وغيرها غير مستحسنين لهذا العمل، لما فطرت عليه قلوبهم من تعظيم لله، واحترام لسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولما يرون في ذلك من إهانة، بما يجيء في الجرائد من ذكر لله أو اسم من أسمائه، فضلاً عن القرآن الكريم الذي لا تخلو جرائدنا منه.
ويقول بعضهم: أعرف أن لمشايخنا الكرام فتاوى عن الجرائد واستعمالها، فحبذا تنوير أذهان القراء، وتزويدهم بشيء من ذلك، والكتابة في الموضوع لتعم الفائدة بإبانة ما ينير الأذهان من الفتاوى لتجديد الأمر لمن نسي، وإبلاغ من لم يصله الأمر، لأن النفوس بحمد الله صافية، تحبّ الخير، وترعوي للحقّ عند إبانته.
وإجابة للإخوة والأخوات، المنبهين لهذا الأمر، أقول: أولاً يجب أن نحسن الظن بالكاتبة، فلعلها تريد الجرائد التي ليس فيها ذكر لله سبحانه، وسها عليها التنويه لذلك. ثانياً: أن جرائد بلادنا وغيرها مما في بلاد المسلمين، فإنها لا ينطبق عليها هذا الرأي لما تحتويه من ذكر الله، باستمرار واستشهادات بآيات كريمة حتى في التّعازي، وأحاديث نبوية، بل لا تخلو الصفحات من اسم من أسماء الله سبحانه، حتى الأعلام المعبّدة: سواء للشخص أو لوالده أو لأسرته وجده.
ولو أن الكاتبة وفقها الله، استثنت لكان الأمر لا غبار عليه، لأن الواجب على كل مسلم ومسلمة تعظيم الله والاستجابة لنبيه الكريم وإن من باب الاحتراز ليتها قالت: اختاري الورقات من الجرائد التي ليس فيها ذكر الله، ولا اسم من أسمائه، ولا شيء من القرآن لأن في هذا براءة للذمة، وتوجيهاً للقارئات، في هذا الأمر وغيره.
وقبل أن أذكر ما ورد من فتاوى في هذا المجال، يجب ألا يتبادر بذهن أحد الإساءة بالكاتبة، وأنها لما عممت الجرائد ولم تشر إلى ما فيه ذكر الله، لم توضح كيفية التخلص من بقايا هذه الجرائد بعد الاستعمال، وعدم رميها في الزبالة، أو الأماكن الممتهنة أو دوسها بالأرجل، من باب الاحترام لما فيها, حتى أن كثيراً من العلماء يرون عدم امتهان ما كتب باللغة العربية، ولو لم يذكر اسم الله فيه سواء في البسلمة أو الأسماء المعبّدة لله، لأنها لغة القرآن ولغة أهل الجنة كما جاء في فضائلها.
وأذكر بالمناسبة سؤالاً طرح على الشيخ عبد الرزاق عفيفي عضو هيئة كبار العلماء وعضو الإفتاء رحمه الله، عن أوراق ترمى في الطريق أو مع القمامة فيها اسم من أسماء الله فما الحكم؟. فكان جوابه: تأكد من الورقة فإن وجدت فيها اسماً من أسماء الله فاطمسه أو اقطعه نصفين، فبذلك يصبح ما رمي لا يحمل اسم الله. وهذا أخف وأحوط. ثم أحال السائل إلى ما قال العلماء في أحكام أهل الردة وأحوالهم.
وهذا من باب الحيطة والبراءة لدين الإنسان، ويدخل في هذا ما يتساهل فيه الناس في الجرائد خاصة التي يستهلك منها يومياً أعداد كبيرة، يصعب حفظها، وتهيئة أماكن لها، وأقل أحوالها بعد الفراغ أن يدوسها الأطفال بأقدامهم، وقد يصلها نجاسات منهم لأنهم لم يعقلوا بعد، أو قد يرمى بها في أماكن غير طاهرة، وما إلى ذلك من امتهان وعدم مبالاة.
- وعن الفتاوى: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في الجزء السادس ص 347 من مجموع فتاواه جواباً لهذا السؤال: هل يجوز استخدام الجرائد كسفرة للأكل عليها، وإذا كان لا يجوز فما العمل فيها بعد قراءتها؟ والجواب: لا يجوز استعمال الجرائد سفرة للأكل عليها, ولا جعلها ملفاً للحوائج ولا امتهانها بسائر أنواع الامتهان، إذا كان فيها شيء من الآيات القرآنية، أو من الأوراق التي فيها ذكر الله، والواجب إذا كان الحال ما ذكر حفظها في مكان مناسب، أو إحراقها أو دفنها في أرض طيبة.
- وعن الأوراق التي فيها ذكر الله أجاب سماحته في الجزء السادس ص 394 من المجموع على سؤال هذا نصه: تقع تحت يدي بحكم عملي، أوراق فيها ذكر الله، فما الواجب عمله نحو تلك الأوراق؟ الجواب: هذه الأوراق التي فيها ذكر الله يجب الاحتفاظ بها، وصيانتها عن الابتذال والامتهان، حتى يفرغ منها، فإذا فرغ منها ولم يبق لها حاجة وجب دفنها في محل طاهر.
أما اللجنة الدائمة للإفتاء، فلها، عدة فتاوى في الموضوع منها:
- الفتوى رقم 9354 تاريخ 28-2- 1406هـ، على هذا السؤال، ما حكم استعمال ورق الجرائد في لف الأشياء، أو فرشه على الأرض ثم إلقائه في القمامة، مع العلم أن بعض الصفحات تحتوي على آيات عن القرآن، وكيف يمكن صيانة الآيات المطبوعة في الجرائد، مع تداولها بين جميع الناس على اختلاف دياناتهم؟ فكان الجواب: لا يجوز استعمالها فيما ذكر ولا إلقاؤها في القمامة لما في ذلك من امتهان ما فيها من الآيات الكريمات والأحاديث النبوية، وأسماء الله تعالى وطريق العمل فيها حفظ ما احتيج إليه منها، وإحراق ما لا يحتاج إليه، أو دفنه بعيداً عن الأقذار وممرّ الناس.
- أما الفتوى رقم 17967 تاريخ 13- 6-1416هـ لمؤسسة باسم العائلة (آل عبد الرحمن) مطبوع على أكياس بلاستيكية يأخذ فيها العملاء بضائعهم ثم ترمى.
- والفتوى رقم 17346 تاريخ 9-11-1415هـ عمّا وجده السائل على صابون تايد مكتوب عليها (عبد الله صالح).
- والفتوى رقم 15917 تاريخ 22-3-1414هـ عن القصاصات الورقية التي بها آيات قرآنية ومن أحاديث الرسول الملقاة في الشوارع والطرقات.
- والفتوى رقم 15212 تاريخ 23-4-1413هـ وعما يكتب في التقاويم التي تنزع ورقتها ثم ترمى من آيات أو أحاديث، أو أسماء الله, فكانت إجابات اللجنة الدائمة عدم جواز ذلك، وما فيه اسم الله فقط يطمس أو يحفظ ولا يهان، كما في الإجابات السابقة، أما صاحب المؤسسة فإن عليه تغيير العنوان، على الأكياس، حتى لا يمتهن اسم الله سبحانه.هذا جزء من فتاوى الشيخ عبد العزيز - رحمه الله - واللجنة الدائمة، أما مشايخنا جميعاً من غير عدّ، فإنهم يشدّدون في هذا الأمر حتى لا يمتهن اسم الله سبحانه، وحتى لا يخف ميزان هذا الأمر من النفوس، الذي هو جزء من عقيدة المسلم: ما يتعلق بالله وبكتابه وبشرعه حتى لا يجترئ أعداء الله، وأعداء الإسلام والمسلمين، على غزو المسلمين من هذا الجانب.
ولتأكيدات العلماء في هذا اهتم كثير من الجمعيات الخيرية والبلديات، في وقت من الأوقات بوضع صناديق خاصة جوار المساجد لهذا الغرض، ولا يزال بعضها محافظاً على هذه المنقبة الحميدة، مما يحتاج معه إلى التذكير، وتجديد العزم للعمل.
فتلك الصناديق مخصصة للجرائد والمجلات، والأوراق التي فيها اسم من أسماء الله لرفعها أولاً، ثم الاستفادة منها وبيعها لمن يعيد تصنيعها وفي هذا تحقيق مصلحتين، ولا يغلبنا الغربيون الماديّون في تنظيمهم حاويات في كل حي للتجميع والتعاون في هذا.
إذ إنّ من المناسب أن يهتم كل بيت بتجميع الجرائد التي فرغ منها، وفي نهاية كل أسبوع تودع في تلك الصناديق حتى لا يشق الأمر بإيداعها يومياً، وبث الفكرة في كل بيت حتى لا تمتهن أسماء الله سبحانه، فنحن أولى بالمحافظة من الغربيين لأنه عمل نؤجر عليه.
الطبع والتطبع:
جاء في كتاب: مقالات الأدباء ومناظرات النّجباء، لعلي بن هذيل تحقيق د. عبد الرحمن بن هليل هذه الحكاية: ذكروا أن ملكاً من ملوك الفرس، كان له وزير مجرب حازم، فكان يصدر عن رأيه، ويتعرف اليُمن في مشورته، ثم إن ذلك الملك هلك، وتخلّف من بعده ولد له معجب بنفسه، مستبد برأيه.
فأبعد الوزير ولم ينزله منزلته، ولا حاول اغتنام ما عنده من رأي، ولا مشورته. فقيل له يوماً: إن أباك كان لا يقطع أمراً دون هذا الوزير، فلو استعنت به، قال: إن أبي يغلط فيه، وسأمتحنه بنفسي.
فأرسل إليه فلما جلس في مجلسه قال له: أيهما أغلب الأدب أو الطبيعة؟ قال الوزير: الطبيعة أغلب، لأنها أصل، والأدب فرع، وكل فرع راجع إلى أصله.. فدعا الملك الشاب بسفرته، فلما وضعت أقبلت سنانير بأيديها الشمع، فوقفت حول السفرة، فقال الوزير: اعتبر خطأك وضعف مذهبك، متى كان أبو هذا السنّور شماعاً (القطّ)؟فسكت الوزير، وقال له: أمهلني في الجواب إلى الليلة القابلة. قال: نعم.وخرج الوزير فدعا بغلام له، وقال له: التمس لي فأراً، واربطه حياً، وجئني به,فأتاه به الغلام فعقد عليه قطعة أو خيطاً من الكتّان، وطرحه في كمّه، وراح إلى الملك في الموعد المحدد، فلما أحضرت السفرة، وقفت السنانير (القطط) بالشموع، وأحدقت حول السفرة.
عند ذلك حلّ الوزير الفأر من رباطه، بعدما أخرجه من كمّه، وألقاه إلى السنانير، فاستبقت إليه ورمت بالشموع، حتى كاد البيت يحترق، ويضطرم ناراً عليهم.
فقال الوزير للملك: كيف ترى غلب الطبع على الأدب، ورجوع الفرع إلى أصله؟
قال الملك: صدقت، وأرجعه إلى ما كان عليه عند أبيه، وقرّبه إليه وكان مستشاره الخاص بعد ذلك، فمدار كل شيء على الطبع، والتّكلف مذموم من كل وجه (ص 219- 220).


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved