Tuesday 25th May,200411562العددالثلاثاء 6 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "منوعـات"

نوافذ نوافذ
زمن الخرافة
أميمة الخميس

هناك حكاية شعبية متداولة في تراثنا وقد (أوردها الأستاذ الجهيمان في مجموعة الأساطير الشعبية في جزيرة العرب).
عن رجل يعيش في منطقة نجد، رقيق الحال، كثير العيال كما يقولون، هتف به هاتف في الحلم، عن جرة كنز مدفونة في بيت في الشام! وظل هذا الحلم يلح عليه ويعاوده، حتى عزم على الرحيل إلى موقع الجرة بحسب (الكروكي) الذي أتاه في الحلم.
وحينما وصل هناك، وبعد عناء طويل لم يجد شيئاً في الموقع الذي بحث فيه، فندم على تكبده شقاء ومصاعب الرحلة، وخرج إلى الأسواق هائماً على وجهه، حتى قابل شيخا جليلا شكا له حاله وخيبته، فقال له الشيخ: لا تبتئس فقد أتاني نفس حلمك في شبابي، ووصف لي الهاتف جرة كنز تحت مربط حمار رجل في منطقة نجد، فذهل الرجل النجدي لأن الشيخ كان يصفه ويصف بيته وحماره (بحسب الحلم).
فقفل عائداً إلى وطنه، وحفر تحت مربط الحمار، ووجد جرة الكنز.
طبعاً الحكاية الشعبية تكون عادة محتشدة بالرموز والإيحاءات، التي تحاول أن توصل من خلال ثنايا الحكايا تجربة ورؤية وفلسفة الشعوب للحياة، على اعتبار إيماننا بالرزق، ومصادره وطريقة الوصول والسعي إليه.
تداعت إلى ذهني هذه الحكاية، عندما قرأت في الصحف حكاية الرجل الذي يبحث عن الكنز في إحدى مناطق جنوب الرياض إثر حلم تكرر عليه، ونشرت حكايته معظم الصحف المحلية، وحكاية الرجل بالتأكيد تشير بأننا ما برحنا نعيش زمن الخرافة المنفصل عن الواقع، مع إيمان بالخوارق والغيبيات بشكل يجعلنا نقف طويلا عند هذه الحادثة، التي تحمل الكثير من المؤشرات! عن طبيعة النظام المعرفي، الذي ننطلق منه ويعبر عنا.
- الإيمان بالخوارق والخرافات بشكل منفصل عن واقعها الطبيعي.
- حل مشكلة الحاجة الماسة إلى المال عبر أدوات خيالية، تعتمد على لغة الأحلام.
- القضية الخطيرة: هي أن من الممكن أن يكون لصاحب الأحلام طموحات أخرى بالسلطة والعظمة، فيجير كل هذا لخداع البسطاء والعامة. فمثلاً قرأت قبل فترة عن عامل في مزرعة، ادعى بأنه يرى مخلوقات نورانية، وبأن الغرانيق في المرزعة ما هي إلا ملائكة، فماذا لو كان يمتلك هذا سطوة الحجة والبيان، واستطاع أن يكوّن أتباعاً؟ وهو واقع تحت سيطرة هلاوسه وأمراضه النفسية؟؟ لاسيما وجود البيئة والمناخ، الذي من الممكن أن يستقبل هذا النوع من الأخبار، ويثريها ويضخمها بالخزعبلات، بل ويستجيب لها؟
المشكلة: أننا ما برحنا نعيش في زمن الخرافة، وضمن كل قوانينها وشروطها، وعالمها الغيبي الغريب، المنفصل عن واقعه، والمتعلق بعالم سحري خرافي، موجود في الأدمغة فقط.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved