Sunday 30th May,200411567العددالأحد 11 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

البطانة والبطنة!!! البطانة والبطنة!!!
محمد أبو حمراء

يقولون: إن البطانة مأخوذة من البطن، وهو ما خفي عن العين، ولا يمكن رؤية البطن إلا بعد معرفة أسراره وكشف أستاره وأغواره، ومثله البطانة.
وقال أصيبع بن حارد: إن البطانة جاءت من البطنة وهو كثرة الأكل، لذلك اشتقوا اسمها من ذلك فصارت بطانة.
ونقل أيضا عن مريد قوله: البطانة هم المختفون خلف كل ما يصير، لكنهم لا يظهرون وهم المؤثرون لا المتأثرون.
قلت: يقول العامة: فلان بطيني، أي أنه مباطن لك، لكنه يضمر السوء بالرغم من مبرتك له ومحبتك له، وبالرغم أيضا من الثقة منك، والتظاهر منه بالمحبة لك، وهذا البطيني هو أكثر الفاعليات سوءا ومنحدراً.
وروي أيضا أن عمر بن عبدالعزيز الخليفة الزاهد أراد أن يستوزر، فقال أحد الناصحين الصرحاء له: يا أمير المؤمنين، الوزراء اثنان، وزير دنيا، وهذا لا يريدك لأنك متقشف، ووزير دين وهذا لا يريد الدنيا، بل يريد الآخرة، فابحث عن العرب الذين فيهم الشهامة فهي تردعهم.
وقد روى صاحب كتاب متعة العيون السود في محاسن الرجل المحمود قوله: إن البطانة ثلاثة لا يزيدون عن ذلك أحدهم هو الجليس النافع الناصح الذي يؤثر الخير للجميع، والآخر هو الجليس الوسواس، فهو مثل الخناس لا يخنس بخير لصاحبه، أما الثالث فهو صاحب الهوى، والمتردي في الغواية والغوى، وهذا هو الأكثر سوءا منهم.
وأذكرأني من أيام الابتدائية كنت وما زلت أسمع من أئمة المساجد الدعاء بأن يرزق ولاة أمور المسلمين في شتى الأرض بطانة صالحة، وسرنا على هذا الدعاء الذي لا أعرف مفعوله إلى الآن، لأني لست بطينيا ولا مباطنا، لذا لا أستطيع أن أحكم بالفاعلية من عدمها.
لكني لا أعرف هل مسألة البطانة سارية المفعول عند الغرب إلى اليوم أم لا؟ وقد قال لي جاكي ذت يوم: إنهم قد استبدلوها بما تسمونه مستشاراً، وهو الذي يبدي الرأي القانوني الصحيح.
هكذا حدثني جاكي المرح، وقلت له: إن أغلب المستشارين عندنا هم على كراسي وثيرة فهم مثل عجلة السيارة التي في مؤخرتها إذا فسدت إحدى العجلات عادوا لها واستخرجوها من مكمنها، أما إذا لم تفسد، فقد تهلك السيارة والعجلة الإضافية ما زالت جديدة، هكذا قلت له.
فضحك عن أسنان مفلجة، وبها شيء من الفضة وقال: هنا الخطأ، وربما أنهم بطانة غير مؤهلة.
قلت: لا، لكنهم من النوع الأول تماما.
قال:


خذ ما تراه وخل عنك التفاكير
يا قلب يا للي كل ما جاه..

وأصبت بدهشة من صديقي جاكي، وكيف عرف الشعر النبطي هنا، وقد أزال دهشتي بأن قال: لقد تعلمته لأنه من مؤهلات المهرجين في المجالس المهمة.
قلت أمدحت به يا جاكي؟ وكم جاءك من بذل مقابلة؟
قال جاكي: أنا لا أقول إلا عن قناعة، هكذا تعلمنا.
قلت: يقولون عندنا: أن المصيلحة مدورة يا جاكي!!
قال: دعني من حديثك هذا واعطني بيانا يشمل كل قصائد الغزل، واترك غيرها أيها المتفلسف عليّ.
عندها صمت جاكي.. وصمت عن الحديث.
فاكس 2372911


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved