Sunday 30th May,200411567العددالأحد 11 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الاقتصادية"

استعدادات خليجية ومحلية لمكافحة التلوث بأنواعه استعدادات خليجية ومحلية لمكافحة التلوث بأنواعه
تزايد تهديدات التلوث النفطي بمياه الخليج العربي

* الدمام - ظافر الدوسري:
شهدت المنطقة الخليجية نهضة تنموية هائلة وشاملة أثرت على أوجه الحياة فيها وأدركت في وقت مبكر العلاقة الوثيقة بين البيئة والتنمية وأنه لا يجب أن تكون بأي حال من الأحوال على حساب البيئة ومواردها انطلاقاً من مفهومها أن علاقة التنمية بالبيئة هي علاقة تكامل لا تصادم.
وتأكيداً على هذا المفهوم فقد حذر مختصون في البيئة من خطورة غياب التنسيق في عملية مكافحة وحماية المنشآت المهمة من أية تلوث وخاصة التلوث النفطي وذكروا أنه إذا لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة فان كارثة بيئية ستحدث في المنطقة خاصة اذا علمنا ان أكثر من 20 ألف ناقلة نفط تأتي إلى المنطقة الخليجية سنوياً بعضها لا تتوافر فيه مواصفات السلامة وحماية البيئة.
وجاءت التجربة الفرضية للتلوث النفطي التي قامت بها المؤسسة العامة لتحلية المياة المالحة مؤخراً لتؤكد الحرص التام في حماية منشآتها وأنها صديقة حميمة للبيئة بإجراء مثل هذه التجارب والتأكد من معداتها وتدريب الكوادر في هذا المجال.
حول خطورة التلوث النفطي والتهديدات الكبيرة للبيئة في مياه الخليج العربي طرحت الجزيرة هذا الموضوع على عدد من الأخصائيين في مجال البيئة فإلى حصيلة هذه الآراء:
بروتوكولات خليجية
حيث قال الدكتور فهمي أمين العلي مدير حماية البيئة بالأمانة العامة لدول مجلس التعاوني الخليجي:
أولاً الجزيرة العربية محاطة بثلاث بحار رئيسية هي الخليج العربي من الشرق والبحر الأحمر من الغرب وبحر العرب وخليج عدن من الجنوب وتلك الكتل المائية تتعرض بلا شك لمشاكل التلوث البيئي المختلفة الناتجة عن النشاطات البشرية في البر والبحر والمشاريع الإنمائية المتعددة التي تبنى وتنشأ على السواحل والشواطئ. ولعل التلوث النفطي هو أحد المشكلات الرئيسية في تلك البيئة نتيجة للحركة المستمرة لناقلات النفط من موانئ التصدير إلى الموانئ المستوردة أو أثناء الحفر والتنقيب أو مياه التوزان التي تلقي بها السفن في عرض المياه سواء الأقليمية للدول المطلة على تلك البحار أو المياه الدولية أو تصريف المواد الضارة أو السامة الأخرى دون تمييز أو مراقبة. وما يهمنا من تلك البحار بالدرجة الأولى هو مياه البحر الأحمر الذي تطل عليه المملكة العربية السعودية. ولا شك أن البيئة البحرية ومكوناتها للخليج العربي عانت كثيراً من مصادر التلوث سواء التلوث العمدي المتكرر إبان حرب إيران والعراق عام 1980م أو حرب تحرير دولة الكويت 1991م بالإضافة إلى مصادر التلوث الأخرى مما يشكل تهديداً متزايداً للحياة البحرية أو الثروة السمكية والصحة البشرية ولاستخدام الشواطئ البحرية والمرافق الأخرى للأغراض الترفيهية.
جهود الأمانة
وأردف يقول: وليس البحر الأحمر بعيداً عن المشكلة ولكن قد لا يكون بمقدار الحجم والتأثر الذي وصل إليه الخليج العربي لذا بذلت الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي العربي وبالتعاون مع الأجهزة المعنية في البيئة في دول المجلس والمنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية في الكويت جهوداً كبيرة وملموسة للحافظ على البيئة البحرية من التلوث والمحافظة على الحياة البحرية وتنميتها وأعادة تأهيل ما انقرض منها مع المحافظة على التنوع البيولوجي لتلك البيئات البحرية. ومن أجل هذا فقد تم الاتفاق عام 1978م بين دول المجلس بما في ذلك العراق وإيران على اتفاقية الكويت الاقليمية للتعاون في حماية البيئة البحرية من التلوث وبروتوكولاتها المتعددة لمكافحة التلوث بالنفط والمواد الضارة الأخرى في الحالات الطارئة ولحماية وتنمية البيئة البحرية والمناطق الساحلية.
عقوبات على الناقلات
وعن العقوبات التي فرضت على الناقلات التي تفرغ مياه التوازن من صهاريجها قال: الحقيقة ان دول مجلس التعاون قد أقرت واعتمدت من قبل قادة دول مجلس التعاون عدداً من الأنظمة والقوانين التي تهدف إلى حماية البيئة والمواد الطبيعية فيها إلا أن هذه الأنظمة والقوانين لم تحدد عقوبات أو جزاءات على الملوث للبيئة وإنما هي لتنظيم العمل البيئي وتفعيل دوره في دول المجلس للوصول إلى الأهداف التي تنشدها الدول لتحقيق التنمية المستديمة، ومن هذه الأنظمة: النظام العام للبيئة، نظام التقييم البيئي للمشاريع - نظام الوقاية من الاشعاع - نظام الإدارة السليمة للنفايات - نظام حماية الحياة الفطرية وإنمائها وغيرها من الأنظمة.
أما فيما يتعلق بالناقلات التي تفرغ مياه التوازن من صهاريجها في المياه الإقليمية للدول فالأمانة العامة لمجلس التعاون والدول الأعضاء تتطلع إلى الانتهاء من الدراسة التي تجريها في الوقت الراهن بالتعاون والتنسيق بين الأمانة العامة والمنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية والاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بجدوى إقامة مراقبة لاستقبال مياه التوازن في دول المجلس وذلك للابقاء بمتطلبات اتفاقية ماربول 87 لحماية البيئة البحرية من مصادر التلوث المختلفة وفي حال انضمام دول المجلس للاتفاقية سيكون وفق بنود تلك الاتفاقيات عقوبات وغرامات على السفن التي تقوم بتفريغ حمولتها بصورة غير شرعية في المياه الإقليمية للدول الأعضاء وفي الوقت الحاضر تقوم كل دولة في حالة ضبطها لآية مخالفة من أية سفينة بمعاقبتها بما تراه مناسباً.
وعن القواعد التي ألزمت لعدم تكرار عملية التلوث البحري كما حدث خلال حرب الخليج عام 1980 م 1991م فقال: كما أسلفنا فإن الخليج العربي هو أشد البحار عرضة للتلوث نظراً لخصائصه الهيدروغرافية والايكولوجية المميزة ولارتفاع درجة حرارته وضحالة مياهه ولكونه شبه مغلق وقد يكون من أكثر البحار التي تعرضت لانسكاب كميات هائلة من النفط في وقت واحد سواء أبان حرب إيران والعراق وانفجار بئر النيروز أو اثناء حرب تحرير الكويت وما قام به النظام العراقي السابق من تفجير لآبار نفط الكويت مما أدى إلى تسرب أكثر من 11 مليون برميل من النفط في البيئة البحرية للخليج العربي والحقيقة هناك جهود بذلت وما زالت تبذل من كافة الأعضاء تحت مظلة الأمانة العامة أو المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية التي أخذت على عاتقها حماية البيئة البحرية من خلال الدراسات والمراقبة والرصد والبحث ولكن للأسف يمكننا القول أن ليس هناك ما يلزم أو مينع من تكرار عملية التلوث البحري من جراء الحروب كما حدث خلال الحربين 1980 و1991م إلا أن الجهود مبذولة لعمل ما يمكن من وقاية وحماية وتأهيل للمواقع الحساسة بيئياً ولمواطن الكائنات الحية والمناطق الترفيهية وغيرها مع تطوير أسلوب الإدارة المتكاملة لاستخدام البيئة البحرية.
استعداد تحلية المياه للتلوث النفطي
وفي الأسابيع الماضية قامت المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة الساحل الشرقي بمحطات الخبر بتجربة فرضية لتلوث نفطي للتأكد أنها صديقة للبيئة وتؤكد مدى اهتمامها بهذا الموضوع لحماية مآخذ مياه البحر.
(الجزيرة) كانت هناك موجودة والتقت بالاخصائيين في مجال البيئة من جهات مشاركة في هذه التجربة، حيث تحدث الأستاذ صالح البطي - منسق البيئة بالمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة بالساحل الشرقي عن أهمية هذه التجربة قائلاً: إن النجربة الافتراضية تعتبر ضرورية جداً لمعامل تحلية مياه محطات الخبر كمنشأة وطنية في غاية الأهمية نظراً لاحتمال حدوث انسكاب نفطي - لا قدر الله- وفي هذه التجربة تضافرت الجهود لمواجهة هذا المأزق البيئي المفترض الذي سيشكل خطراً لا يمكن تقديره في حالة فقدان السيطرة عليه، ففي هذه التجربة استطعنا أن نسيطر سيطرة تامة على الانسكاب الزيتي.
وأضاف يقول: هذه التجربة كذلك تعتبر تجربة لمعدات المؤسسة الجديدة والتأكد من تشغيلهشا ومدى فاعليتها بالإضافة إلى رفع مستوى جاهزية المحطة وتدريب وصقل الكوادر العاملة والمتخصصة في هذا المجال.
وذكر منسق البيئة أيضاً إلى أن المؤسسة توجهت حالياً لفتح وظائف لحماية التلوث واعتمدت هذه الوظائف وجارٍ حالياً عملية التوظيف ويدل على اهتمام المؤسسة بالعملية البيئية خاصة أن المؤسسة تمول خدمات مهمة منها الماء والكهرباء, وبسبب أن المملكة معتمدة اعتماداً شبه كلي على توفر من انتاج محطات التحلية. واشار الى ان هذه التمجربة نفذت في نطاق وضمن الخطة الوطنية للتأكد على مدى استعداد المؤسسة لحماية مآخذها إذ أن التلوث النفطي عندنا هو حماية ومكافحة، فالحماية مهمة المؤسسة والمكافحة تحتاج إلى معدات وطاقات ومشاركة من جهات أخرى. كما أشار إلى أن هذه التجربة ليس لها علاقة بالأوضاع السياسية الحالية لكن المنطقة الشرقية تعتبر من أكبر المناطق انتاجاً وتصديراً للبترول وهناك بواخر على مدى اليوم تنقل البترول مما يجعل احتمالات كبيرة لحدوث تلوث نفطي من وإلى موانئ الساحل الشرقي.
خطورة التلوث بمياه الخليج
كما التقينا بالأستاذ أسامة جمال برقان مدير الإدارة العامة للمراقبة والاستجابة والتوقعات بالرئاسة العامة للإرصاد وحماية البيئة حيث قال: كل بحار العالم تتعرض لأخطار مختلفة ولكن المملكة بصفة خاصة من الدول المنتجة للنفط وبطبيعة العمل هناك أخطار قد تنتج عن هذه العمليات وتعتبر مؤشراً من المؤشرات التي تتطلب عملاً جيداً واستعداداً وتضافراً من الجميع.
لذا فإن حكومة المملكة وضعت خطة وطنية لعملية حماية تلوث بحارها بالنفط سواء على الخليج العربي أو البحر الأحمر وأناطت مسؤوليات للجهات المختلفة. والفكرة الأساسية هي الاستعانة بالامكانيات المتوفرة لدى الجميع لمواجهة الحدث. وهذه التجربة من أحد التجارب الوهمية التي ستطور الخطة التابعة للتحلية.
وأضاف يقول: إن كوارث البحار الناجمة عن انسكاب الزيت من الناقلات أو محطات الإنتاج يمكنها أن تقع في أي وقت وفي أي مكان في العالم مسببة خسائر لا يستهان بها وخاصة على الصعيد البيئي وقد تصل كلفة معالجة ذيولها في بعض الأحيان إلى بلايين الدولارات، وتعود خطورة التلوث النفطي في مياه الخليج إلى ضيق مياهه وضحالتها مما يجعل دورة المياه بطيئة وتجعل تشتيت انسكاب الزيت يستغرق وقتاً طويلاً، كما أن ارتفاع درجة الحرارة يعجل بتبخر المواد الهيدروكربونية الخفيفة ورسو المواد الثقيلة في القاع مما يضر بالنظام البيئي في الخليج، ومن ثم فإن السرعة تعد العامل الأهم في أعمال الاستجابة.
كوارث التلوث تكثر بالصيف
الأستاذ خالد بوسبيت مدير مصلحة الارصاد وحماية البيئة بالمنطقة الشرقية قال حول قضية التلوث النفطي والتجربة الفرضية التي قامت بها تحلية المياه:
إن اختيار الوقت يعتبر مناسباً مع بداية موسم الصيف ونهاية موسم الشتاء نظراً لكثرة كوارث التلوث في فترة الصيف كذلك نظراً لكثرة الكوارث النفطية على المستوى العربي.وأضاف يقول: من أجل ذلك لا بد من عمل خطط وهمية بين فترة وأخرى وسوف نعمل أن شاء الله مثل هذه التجربة الناجحة شبه السنوية في موقع آخر من مآخذ البحر.
وأثنى بوسبيت المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة على مبادرتها الجبارة في طلب تنفيذ هذه التجربة وتطبيقها في محطاتها اضافة إلى الجهود الكبيرة التي بذلتها في نجاح هذه التجربة بالتعاون مع الجهات المشاركة ومنها شركة أرامكو السعودية - حرس الحدود - الأسطول الشرقي التابع للقوات الملكية البحرية بالجبيل وغيرها.
وأضاف يقول: هناك الكثير من يرفع شعار البيئة دون تطبيق أدنى أسس السلامة البيئية وفي هذه التجربة الفرضية التي قامت بها تحلية المياه لتأكد بأن المؤسسة حريصة فعلياً على قضية التلوث النفطي وأنها صديقة للبيئة وأكدت هذه التجربة مدى سلامة كل عامل شارك في هذه المهمة وتفهم للدور الذي يقوم به.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved