Tuesday 1st June,200411569العددالثلاثاء 13 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الاقتصادية"

احمدوا الله أنكم لستم (تجاراً)..! احمدوا الله أنكم لستم (تجاراً)..!
حمد بن عبدالله القاضي

كتبت هذا المقال على اثر ما سمعت من أن بعض المتعاملين بالأسهم انهاروا أمام الشاشات فآلمني ذلك وحمدت الله - فعلاً - أنني لست تاجر أسهم، فأنا (لا ضارب ولا مضروب) في سوق الأسهم على حد التعبير الجميل للزميل د.محمد القنيبط.
**
** نشرت صحيفة (الوطن) السعودية تحت هذا العنوان، وحسبك بالعنوان تخويفاً:-
((قلق رجال الأعمال السعوديين من الخسائر يعرضهم للسكري والضغط، والسفر المتكرر للجلطات)) ثم أوردت تفاصيل الخبر الذي جاء على ألسنة ثلاثة أطباء في مراكز طبية سعودية مختلفة يقول الخبر:-
(يؤدي الإجهاد الذهني والضغوط النفسية اللذان يتعرض لهما رجال الأعمال السعوديون - تخصيص (السعوديين) من الصحيفة وليس مني - وذلك بسبب طبيعة عملهم واضطرارهم للسفر المتكرر، وتفكيرهم المستمر حيال المكسب والخسارة إلى تعرضهم للإصابة بأعراض مختلفة، قد تؤدي إلى أمراض من أهمها ارتفاع ضغط الدم والسكري، ويؤكد مدير الشؤون الأكاديمية والبحث والجودة بالمستشفى السعودي الألماني البروفيسور سمير موسى أن التنافس الشديد في أداء الأعمال في الأسواق السعودية والعالمية والخوف الذي ينتاب رجال الأعمال من الفشل والخسارة المادية، واضطرارهم للسفر الدائم وعدم توافر مساعدين مهنيين يثقون بهم، وتقلب الأحوال والسياسات وتغيرها الدائم تصيبهم بتصلب الشرايين، وغيرها من الأعراض، من جهته يرى استشاري الأمراض الصدرية في مستشفى المملكة الدكتور فؤاد اليافي أن الضغط النفسي الناجم عن تقلبات الأسواق المحلية والدولية يؤدي إلى اصابة رجال الأعمال بالتوتر والقلق النفسي وتسارع ضربات القلب الانفعالي، وتشنج الشرايين المختلفة وما يصاحب ذلك من أضرار وتغيرات في بنية جدران الشرايين والأوعية الدموية، وهذه الأضرار قد تكون تراكمية مزمنة تؤدي فعلها الضار مع مرور الأيام، أو تأخذ شكلاً حاداً مؤدية إلى أزمات صحية حادة قد تكون قاتلة، واعتبر اليافي أن رجال الأعمال يصابون بأضرار السفر المتكرر، وخاصة لمسافات طويلة وما يرافقه من اجهاد بدني ونفسي ناجم عن اضطرابات ساعات النوم، وكذلك تأثير الجلوس لساعات طويلة في الطائرات مما يزيد من احتمال حدوث جلطات أوردة الساقين واختلاطاتها التي تؤثر على الرئة ودورتها الدموية، ويختم هذه الأخبار غير السارة لنا ولأحبائنا التجار المدير الطبي في مستشفى دلة الدكتور معن العبدالجبار الذي يرجع اصابة رجال الأعمال بمرض السكري إلى تغير العادات الغذائية وعدم ممارسة الأنشطة بشكل منتظم، والعمل المستمر وقلة الحركة الذي يقابله جهد ذهني كبير يؤدي - في رأيه - إلى ارتفاع الضغط وارتفاع دهون الدم وأمراض العمود الفقري).
* صحيفة الوطن السعودية
**
** أولاً: أرجو أن تكون هذه المعلومات مبالغاً فيها، أو أن هدف (الأطباء) منها دعوة التجار إلى تقليص الانفعال بسبب الدنيا، واعطاء قلوبهم وأجسادهم شيئاً من الراحة. أما ثانياً: فهل بعد هذه الهموم والأمراض والمصائب والآثار التي أوردها هذا الخبر، يتطلع غير التجار أن يكونوا تجاراً، فمما لا تتناطح فيه عنزان أن الصحة أهم من الثراء والفلوس، إذ هي الغنى الحقيقي الذي تطيب به النفوس..!
أذكر قصة مؤثرة رواها لي رجل الأعمال أ.مطلق المطلق يقول متسائلاً في البداية: ما هو أهم ما على الإنسان في هذه الحياة؟ قلت: بالطبع صحته فهي رقم (1) ثم قال: أضف صفراً للفلوس وصفراً آخر للزواج وصفراً للأولاد وصفراً آخر للسيارة وصفراً آخر للسفر وصفراً آخر للمنصب إلخ، واستمر حتى تصل إلى رقم بليون إن شئت أو أكثر ثم قال: لكن لو حذفت رقم (1) ماذا يبقى؟ قلت: (تبقى الأصفار) قال: هكذا كل شيء في الدنيا بدون الصحة أصفار..!
حقيقة لا تقبل نقاشاً..!
**
** وأعود إلى خبر صحيفة {الوطن} وبقدر ما فيه من بعض الحقائق فلا جرم أن فيه بعض المبالغات والمعلومات التي أرجو أنها ليست دقيقة وأن الأعراض المشار إليها لا تؤدي بالضرورة إلى هذه الأمراض أو بعضها، وأمر آخر هو أن هذه الأمراض تصيب بعض رجال الأعمال الذين جعلوا الدنيا والمادة أكبر همهم، ومناط ركضهم الليلي والنهاري، فتجدهم لا يهنؤون براحة ولا يسعدون بعيش، فكل حياتهم وأوقاتهم وتفكيرهم وانفعالاتهم مسخرة للبحث عن الفلوس..!
وهذا طمع وليس طموحاً، بل هذا مرض وليس صحة، فالطموح يسعد لكن الطمع يشقي.
**
** لكن في المقابل تجد هناك تجاراً سعداء يتمتعون بموفور الصحة، ذلك هم أولئك الذين أعطوا لكل شيء حقه ووقته منطلقين من وصية الرسول عليه السلام ( إن لربك عليك حقا وإن لنفسك عليك حقا وإن لبدنك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه) هؤلاء هم أولئك الذين لم يجعلوا البحث عن المادة شغلهم ومشاغلهم، إنهم أولئك الذين لم يلههم بيع ولا تجارة عن ذكر الله وعن الصلاة وعن شؤون صحتهم وعن حقوق أنفسهم وحقوق غيرهم، إنهم أولئك الذين يتمتعون بما أعطاهم الله, ويسعون للمزيد ولكن بتوازن واعتدال دون أن يطغى جانب البحث عن المزيد على الجوانب والمتطلبات الأخرى الدينية والصحية والاجتماعية، أما أولئك الذين ربما تنتهي حياتهم وهم لم يستمتعوا بأقل ما حصلوا عليه.. بل تجدهم عاشوا كالفقراء سواء بسواء فهم يشقون في سبيل اضافة أرقام جديدة إلى رصيدهم في المصرف تماماً كما يتعب الفقير في البحث عن غذاء لمعدته وهؤلاء هم الأخسرون حياة وصحة، ألم يقل الحكيم هذه الحقيقة:-
(ومن ينفق الساعات في جمع ماله
مخافة الفقر فالذي فعل الفقر)
أمثال هؤلاء هم الذين تذهب حياتهم في لحظة، كما قد تذهب أموالهم خلال دقيقة، فهم التعساء دنيا وربما الأشقياء أخرى.!.
** أما بعد:-
(اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا)
**
**حكمة بالغة..
قال صلى الله عليه وسلم: (من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة همه جمع الله له أمره وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا راغمة). حديث شريف.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved