التضامن مع المملكة

جدد الحادث الإرهابي الشنيع العزم الدولي على محاربة الإرهاب، وأظهرت موجة التأييد والتضامن الدولية مع المملكة الرفض العالمي للإرهاب والغضب مما حدث والإصرار على تعزيز العمل المشترك للتخلص من هذا البلاء.
صحيح أن الإرهاب قد يروّع الآمنين لبعض الوقت لكنه يخلف إحساساً عارماً ضده وتعاطفاً مشتركاً مع ضحاياه، وأحد مظاهر هذا التعاطف موجة التضامن الدولية الحالية مع المملكة.
وفي المقابل فإن الإرهابيين يسجلون تراجعاً مستمراً فيما يتصل بوضعهم الإنساني، فهم يُصنفون حالياً خارج مرتبة البشر لأن أعمالهم تدل على الافتقار إلى أي إحساس إنساني في دواخلهم، فالذي يقتل - هكذا وبدم بارد - طفلاً في طريقه إلى المدرسة، هو شخصٌ مجرد من المشاعر الإنسانية، وهو في عُرف البشر العاديين مخلوق شاذ يتعيَّن استئصاله من المحيط الإنساني.
ولا يكتفي الإرهابيون بمجرد القتل، إذ يحلو لهم أيضاً استعراض قائمة ضحاياهم والجنسيات التي طالتها أيديهم الآثمة، لكن في استعراضهم الأخير لم يتطرقوا إلى ما حملهم على قتل طفل يتوجه وأخته إلى المدرسة.
وإذا كان الإرهابيون استهدفوا الأجانب في المملكة، فهم فعلوا ذلك من قبل، لكنهم لم يحققوا ما أرادوا من هذا الاستهداف، ولم تشهد المملكة تراجعاً في عدد أبناء الجنسيات المُستهدفة، كما لم تتأثر النشاطات الاقتصادية في البلاد بهذه الجرائم، لأن الإرهابيين هم قلة لن تستطيع بأي حال من الأحوال التحكم في وقف هذا النشاط أو ذاك، رغم أنهم قد يتمكنون من التسلل إلى موقع ما وقتل بعض الناس، وهم خلال تنفيذ جرائمهم لا يجدون من يؤازرهم أو يعينهم فيما يفعلون.. إنهم أناس معزولون، ولهذا تصدر عنهم أعمال تُعبِّر عن هذه العزلة.. فالشذوذ هو السمة المميزة لأعمالهم.
لقد انحسرت الأعمال الإرهابية في دول عديدة، وبعضها عربية، بعد أن اعتقد الناس لبعض الوقت أن الإرهاب هو السائد في تلك الدول، وقد كان زوال تلك الجرائم أو انحسارها بسبب قناعة القائمين بها، أنهم إنما يحرثون في البحر، وأنهم لا يحققون أي شيء سوى زيادة النقمة عليهم وأنهم يفقدون مبررات وجودهم في مجتمع لا يحتمل أُناساً على شاكلتهم في محيطه.. ومع ذلك فهم لا يتعلمون ولا يتعظون، ويصرون على تكرار نفس الخطأ، مع أفق ضيق يجعل أفكارهم تدور في ذات الحلقة، حلقة الموت والدماء والدمار، وغياب الاستشراف لمستقبل واعد.
المملكة تتحرك باتجاه القضاء على الإرهاب من منطلقات ديننا الحنيف الذي يأبى مثل هذه التصرفات التي تتيح لقلة مجرمة حمل القانون بيديها، وسحل الناس، وقتلهم دون أي مبرر، ودون أي محاكمة، ودون أي تفويض، فهذه فوضى يرفضها ديننا القويم الذي جاء أصلاً لترتيب شؤون العالم وفق تعاليم سمحة تُعلي في البدء من شأن الإنسان وتحرم بشدة الاعتداء عليه أو قتله دون وجه حق، ومع ذلك فهؤلاء القتلة لا يتورعون عن الظهور بمظهر المسلمين محاولين تحوير التعاليم الإسلامية السمحة لتتفق مع منطلقاتهم الشاذة.