Sunday 6th June,200411574العددالأحد 18 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الثقافية"

قراءة في أمسية قصصية قراءة في أمسية قصصية
عبدالله سالم الحميد

* كان مساء الاثنين الحادي والعشرين من شهر ربيع الأول موعدنا مع السرد القصصي لكاتبين من كتاب القصة هما: محمد صالح القرعاوي، ومنصور العتيق ، وكان حضوري هذه الأمسية تلبية لدعوة (الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون) التي تنام شهوراً وتصحو أياماً يسيرة لتحتضن عشاق الإبداع مثل كلّ الفعاليات الثقافية في بلادي التي لا تحظى من الدعم سوى بنذر يسير لا يتناسب مع طموحات المحترفين لهذه المهنة الرائعة، وهكذا أعلن بكل شفافية وصراحة انني حضرت لكي التقط كل بوادر الايجابية والسلبية في هذه الجمعية التي افتتحت في الوقت نفسه نافذة للإبداع في مدينة (تبوك) لالتقاط أنفاسها المتقطعة في اثني عشر مدينة في المملكة، ولكن نشاطها مجتمعة دون المستوى المأمول. هذا هو الحافز الأول لحضور هذه الأمسية التي لا تستقطب غالبا شخصيات الوجاهة الثقافية لعدم توافر (الأسماء المعروفة) ولضآلة الاهتمام بالمواهب الأدبية من تلك الشخصيات ومن القنوات الإعلامية باستثناء (الإذاعة) التي تحرص على الحضور في كل الفعاليات الثقافية.
والحافز الثاني هو الالتقاء بالصديق الأستاذ محمد الشدي رئيس الجمعية الذي يحتضن النقد برحابة صدر وسعة أفق وهو المدرك لمدى تقصير كل القنوات الثقافية والإعلامية نحو المواهب الثقافية والعناصر الأدبية حيث لا رابطة لهم ولا حوافز ذات ايجابية واقناع، واللقاء بنخبة من أصدقاء الكلمة من الأدباء والقصصيين الذين لا يكاد يجمعنا بهم سوى هذه السوانح النادرة، أما الحافز الثالث: فهو رغبة الاستمتاع بتجليات الإبداع عبر القاء السرد القصصي، وقد كدّر صفو المتعة أمران: أولهما: كثرة الأخطاء اللغوية، والنحوية بالذات، وثانيهما: الارتجال والارتباك في الالقاء.
* وبرغم انني لا أعشق الاستماع إلى السرد القصصي أو القاء القصص إلا ان فنَّ الالقاء له أثره وتأثيره عندما تجتمع في القصة القصيرة الصياغة المبتكرة والهاجس الشعري بايقاعاته ولفتاته النابضة الواعية، وذلك ما شهدته متوافرا في قصص نخبة من كتّاب القصة أمثال محمد علوان، جارالله الحميد، عبده خال، عبدالعزيز المشري، عبدالحفيظ الشمري، عبدالعزيز الصقعبي، غير ان الالقاء المعبّر له دوره في التأثير والتفاعل، وهذا ما تضاءل في أمسيتنا القصصية ذلك المساء، ولعلّ مما ضاعف البؤس وأجهض فاعلية الانسجام والاستمتاع ذلك التراكم الغريب في الأخطاء النحوية وخاصة لدى القاص محمد القرعاوي الذي كان الأولى به أن يشكل كلماته ويعرضها على أحد الأساتذة قبل ان يواجه الجمهور بهذا الخلل الفنّي المعيب في التجربة الإبداعية الذي لا يمكن التغاضي مهما كانت المبررات، وقد حاول القاص محمد أن يبرره بأنّه غير مختص في اللغة، وأؤكد له هنا انه إذا لم يتمكن من الإلمام بالصياغة اللغوية السليمة، والالمام بأبجديات النحو فينبغي ان يتخلى عن كتابة القصة لأن اللغة أساس وليست شرطاً ثانوياً أو هامشياً يمكن أن يستهان به، أو يدارى بالمجاملة ورغبة التشجيع، وقد أسهم غياب هذا الشرط الأساس في تواضع تجربة الصياغة القصصية المحكمة لدى محمد القرعاوي بالإضافة إلى التقليدية الباهتة التي لا ترتقي إلى مستوى الإبداع القصصي الناضج، فقصصه بدائية باهتة لا تحمل إضافة ابتكارية معبرة مهما كانت المبررات غير المقنعة.
اما تجربة القاص محمد العتيق فهي تجربة ثرية ملأى باللمحات الفنية، واللفتات النابضة بالرؤى والاحتمالات الواعية، وكل قصة من قصصه تحمل أبعادا رائعة وتحمل معالجة معبّرة بأسلوب مختلف ونظرة واعية ومصداقية تقترب من الواقعية، وتتخلّل في أعماقها ممتزجة مع أحداثها وتفصيلاتها المتواشجة، ولو أن القاص منصورا توشح بومضات الرمز وانطلق في انفلاتات الخيال لكان أقرب إلى الابتكار من الارتكان إلى المباشرة والشفافية في أشتات من مغامراته القصصية التي لا تخلو من اللمحات المعبّرة.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved