Sunday 27th June,200411595العددالأحد 09 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

« الجزيرة » تتجول في سجن تبوك وتحاور نزلاءه.. «الحلقة الأولى» « الجزيرة » تتجول في سجن تبوك وتحاور نزلاءه.. «الحلقة الأولى»
السجين عاشق: تهريب المخدرات جريمتي.. وأمنيتي رؤية أولادي وتعويضهم عن غيابي

*حلقات من سجن تبوك أعدها -عبد الرحمن العطوي
عندما تلقينا خطاب مدير إدارة سجون منطقة تبوك العقيد سعد بن نوار الثبيتي بموافقة سعادة مدير عام السجون في المملكة اللواء الدكتور علي بن حسين الحارثي على السماح لصحيفة (الجزيرة) ممثلة في مكتبها في تبوك بزيارة مقر سجن تبوك والالتقاء بشريحة مختلفة من السجناء الذين يقضون عقوباتهم الشرعية لارتكابهم قضايا مختلفة، حرصنا على القيام بمثل هذه الزيارات لنقل الصورة الحقيقية عن السجناء والسجن.
وقبل أن نبدأ في تفاصيل هذه المادة التي سننشرها على شكل حلقات متصلة وكشهادة لله - عز وجل - فإن فضيلة رئيس محاكم منطقة تبوك الشيخ عبد العزيز بن صالح الحميد والقضاة في المحكمة الكبرى في تبوك يولون قضايا السجناء سرية وتمحيصاً دقيقاً ويستمعون لكل ما لدى السجين من أقوال ودفاع عن نفسه ويعطونه الفرصة الكافية لإحضار أدلته ومساعدة المحكمة له في مخاطبة الجهات الحكومية والخاصة لأجل إحضار ما في صالح هذا السجين، وكانت لمواصلة تعقيبات إدارة سجون منطقة تبوك التي تحمل (سري وعاجل سجين) لكل سجين ومتابعة قضيته دون حاجة من يقوم بمتابعة معاملة السجين من أسرته أو ذويه، فالسجون هي من تتولى الحرص على ذلك؛ لذلك ف(الجزيرة) ومن هذا المنطلق تريد أن توضح للجميع ماذا يحدث داخل سجون المملكة، ولذا التقينا في بداية جولاتنا في هذه الزيارة بأحد السجناء وهو أردني الجنسية يبلغ من العمر 40 عاماً حيث قال: قضيتي هي تهريب كمية من الحشيش المخدر مع مجموعة آخرين حيث قبض علينا رجال حرس الحدود والتابعون لقطاع حرس الحدود في حالة عمار، والسجين اسمه عاشق خ. ح.
* كم مكثت في السجن؟
- مكثت في السجن ما يقارب تسعة أعوام حيث قبض عليّ ورفاقي عام 1416هـ على الحدود السعودية - الأردنية.
* وهل صدر بحقك حكم شرعي؟
- نعم كانت قضيتي ومن معي تنظر من قبل أصحاب الفضيلة القضاة وعددهم ثلاثة قضاة في المحكمة الكبرى في تبوك وجلسنا جلسات طويلة وكان هناك المدعي العام الذي يتبع (مكافحة المخدرات) في تبوك وبعد سماع الدعوى وأجوبتي والاطلاع على اعترافي المصدق شرعاً صدر عليّ حكم شرعي بسجني ثلاثة وثلاثين عاماً وستة أشهر أمضيت منها - كما ذكرت لك - تسعة أعوام.
* هل استفدت من مكرمة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - بأن من يحفظ القرآن الكريم كاملاً تسقط عن نصف مدة المحكومية؟
- أولاً أحب أن أشكر الله - سبحانه وتعالى - على ما هيأه لهذه البلاد من نعمة الإسلام والأمن والأمان، فوالله إنني استفدت استفادة كبيرة من وجودي في السجن؛ فأولا أنا إنسان أُمي فلا أقرأ ولا أكتب، وقد وجدنا في السجن أناساً حريصين على الاستفادة من وجودنا وعمل شيء ينفعنا في آخرتنا فأنا أحفظ الآن 27 جزءاً من كتاب الله الكريم، وسأواصل - بإذن الله - حفظ القرآن الكريم كاملاً؛ فهناك مشايخ - جزاهم الله كل خير - يحضرون لنا في السجن ويزودوننا بالأشرطة الصوتية الخاصة بحفظ القرآن لمن هم مثلي من الذين لا يقرأون ولا يكتبون، إضافة إلى الدروس الدينية والندوات والمحاضرات والمعاملة الحسنة من الضباط والأفراد والجنود وعلاقتنا كسجناء مع بعضنا البعض.
* ماذا يمثل لك السجن؟
- السجن هو إصلاح وتهذيب ومراجعة للنفس ومحاسبتها على تقصيرها واندفاعها وراء هواها. ولكن ما يحز في نفسي هو أنني متزوج من امرأتين وهما في الأردن ووقت القبض عليّ قبل تسعة أعوام كان لدي طفلان كنت أحبهما حبا جماً ويملآن حياتي وكانت زوجتاي تحملان في أحشائهما مولودين, فقد رزقت بطفلين آخرين وأنا في السجن أعمارهما الآن ما يقارب تسعة أعوام ولم أرهما طوال حياتي.
أما طفلاي السابقان فقد كبرا الآن وأنا في شوق ولهفة لرؤية أولادي واحتضانهم وتعويضهم عن بعدي عنهم وفتح صفحة جديدة في حياتي بعيداً عن السير في درب الخطأ وأحمد الله أنني طوال فترة وجودي في السجن لم أرتكب أية مخالفة وأحظى باحترام المسئولين في هذا السجن، وأقول عبر جريدة (الجزيرة): أشكركم وأعجز عن الوفاء تجاهكم من مدير هذا السجن وضباطه وجنوده فلهم الشكر والعرفان وجزاهم الله عنا كل خير.
* هل يزورك أحد من أهلك أو أقاربك في السجن؟
- لا، والله منذ لحظة دخولي السجن فأنا لم أرَ أحدا زارني، فكما تعلم هم يقيمون في الأردن وتحديداً في جنوب الأردن ورغم قرب المسافة بين مدينة تبوك والأردن إلا أن الظروف قد تمنع وصولهم، فالله عوضني عن ذلك بتوفير الاتصال الهاتفي الذي تسمح لنا به إدارة السجن وأقوم بالاطمئنان على أسرتي مرة كل أسبوعين.
* هل من كلمة أخيرة تود أن تختم بها هذا اللقاء؟
- كلمتي هي عبارة عن نصيحة أوجهها لكل إنسان ضل الطريق الصحيح بأن يعود إلى جادة الصواب ولا ينحرف إلى طرق الهاوية والغواية؛ فوالله فإن المخدرات دمار على كل إنسان، وقد أدت إلى دمار البيوت وتشتت الأسر وارتكاب الجرائم، وقبل كل ذلك هي معصية لله - عز وجل - فأنا إنسان أتحدث من واقع تجربة خضتها وجنيت ثمارها فما أصعب أن تبتعد عن أسرتك وأطفالك وتترك أهلك في أسى وحزن عليك، كما لا يفوتني أن أدعو الله أن يحفظ على هذه البلاد نعمة الأمن والأمان وأن يبعد عنها يد الإرهاب القذرة وأن يهدي ضال المسلمين.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved