Sunday 27th June,200411595العددالأحد 09 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

حكيم خلف الشمس حكيم خلف الشمس
نوال النقي - الرس

على السرير الأبيض.. يرقد جسدي الذي أثخنته الجراح.. أصرخ توجعاً.. وفؤادي يشكو الألم.. تتبعثر الحروف في فمي.. لا أستطيع جمعها.. وهذا الطبيب يسأل عن تباطؤ هذا المريض في وصف حالته.. يصطبغ هذا السرير الذي يسكوه البياض بلون دماء جراحي.. جراح جريئة.. وعلى ذات السرير أتوسل مولاي أن أجد على يد هذا الطبيب شفائي.. لا صوت في الحجرة إلا أنين متقطع أحكي به الألم الذي أتجرع مرارته.. والحسرة تقتل صبري أن لا أمل في الشفاء.. بصيص من أمل أفتح عليه عيني بعد إغماءة أسى.. خطواته هادئة.. حكيم خلف الشمس.. غاص في بحور الحكمة.. واستخلص مكنوناتها.. وضع يديه المضمخة بدماء الرحمة على جبيني.. نادته جراحي فأجاب النداء .. كانت دمائي تخضب أنامله.. تقطر أنامله.. تقطر على ردائه الأبيض.. وهو يلهث بحثاً عن ضماد لجراحي.. لم يدرك على ما أوتي من الحكمة أن ضماد هذه الجراح في يده.. حكيم خلف الشمس.. يذهب بي الألم بعيداً عن هذا الوجود وجسدي أمامه دون روح.. لكن صوته وحده من يعيدني إلى محيطه ثانية.. وكأغرب ما يكون.. أتحدث له عن كل جراحي بعد أن قهرت كبرياءه بصمتي الطويل.. أحكي له عن براكين الرهبة التي تلتهب في ذاتي بمجرد إحساسي بأن ذاك الشعاع وحده من سيختطفني من واحة أمني.. رغم كوني أؤمن تماماً بأن هذا الشعاع أمن لمست أناملي دفئه.. وغمرني ضياؤه وأنا من كنت أخشى نوره.. ولست أعلم لِمَ هذه الخشية والخوف؟.. حكيم خلف الشمس.. يترجم كل مفردة تلفظها شفاهي.. ويحكيها فؤادي.. يصف لي العلاج ويخضع كبرياء جراحي.. وهي رهن إشارته.. تتماثل للشفاء سريعاً.. لكنها جراح عنيدة تعود ثانية.. ويتهالك جسدي.. ثم أرحل إليك.. حكيم خلف الشمس.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved