Sunday 27th June,200411595العددالأحد 09 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "عزيزتـي الجزيرة"

تجاهل الدارس للدعوة الإصلاحية لمصطلح (الوهابية) تجاهل الدارس للدعوة الإصلاحية لمصطلح (الوهابية)
أمنية أنَّى لها أن تتحقق!!

كتب الأستاذ الفاضل منصور بن إبراهيم الدخيل - من مكتب التربية العربي لدول الخليج- كلمةً قيِّمَةً عن (دعوة التوحيد ومصطلح الوهابية)، في جريدة الجزيرة العدد 11587 الصادر في 1-5- 1425هـ، يتمنى فيه ألا يتحدث المدافعون عن تلك الدعوة من خلال اسم هذا المصطلح؛ لأن استخدامه يعد خدمة تقدم للخصوم، إذا أخذ في الاعتبار أن عامة الناس لا يكلفون أنفسهم قراءة منهج الدعوة.. وفي هذا الكلام الكثير من الحق والصواب.. ولكن.. هل لو تجاهلنا استخدام هذه الكلمة أو حاولنا أن نجاري رأي استاذ فاضل آخر بأن نحمل تلك الكلمة (الوهابية) إلى الدعوة الصوفية، التي انتشرت في القرنين الثالث والرابع الهجريين، وهي الدعوة المسمَّاة (بالوهابية) أيضاً، سيكون ذلك محققاً لأمل اختفاء تلك الكلمة وانمحاء ذلك الاسم الخاطىء للدعوة الإصلاحية؟ أظن أن ذلك سيكون مستحيلاً مع الاعتراف بأن كلمة (وهابية) قد استخدمت من خصوم الدعوة قديماً وحديثاً وتم تحويلها إلى مصطلح مشروع مذهبي.
وكانت تلك الكلمة أطلقت أول ما أطلقت محلياً وبسوء نية، وفي إطار محاولة إلزام صاحب الدعوة بأن ما يدعو إليه هو مذهب لمخالفته لما ألفوه.. باعتبار أن المذاهب ليست ديناً، وإنما هي اجتهادات، وأطلقت النسبة على الجد (عبدالوهاب) والمراد به الابن، وهذا شائع ومألوف من حيث قواعد اللغة.. مثل إطلاق كلمة حنبلي أو شافعي على مذهب أحمد بن حنبل أو محمد بن إدريس الشافعي.
لذلك رأينا حرص الشيخ محمد بن عبدالوهاب وتلامذته ينصب على نفي المذهبية أكثر مما تحدثوا به عن التسمية؛ لأن الدعوة نفسها هي دين وملة وليست موضوعاً من الموضوعات القابلة للأخذ والرد.. فهي دعوة إلى توحيد الله في عبادته في القصد والطلب.. وإلى توحيده في المعرفة والاثبات، مما هو متاح لكل مسلم، ومدون في تراثه.. إلا أن ظروف التخلف في العالم الإسلامي حملت لها الكثير من التحريفات والتشويه فالتسبت بالفهم الصحيح في ممارسات كثير من أبناء المسلمين الدينية، فكان الصدام المحتوم بين هذا الداعية والمؤسسات الكثيرة الضالعة في الاستفادة من حراسة ممارسات تلك التحريفات الدخيلة.. وكان التركيز بادىء ذي بدء على نفي المذهبية في هذا التوجه الكريم!
وأكد صاحب الدعوة لمن حوله أنه لم يأت في دعوته بشيء جديد مما يدعى فلسفة أو أيديولوجية خارجة عن النطاق الإسلامي.
وإطلاق كلمة (وهابية) على نموذج هذا الفكر، وإن كان غير مرغوب، فهو اسم لا يقدم ولا يؤخر ما دام لا يتجاوز التعريف بما يدعو إليه، بل إن في إنكاره أو التنصل منه إيحاء للآخرين بأن هناك ما ينبغي اخفاؤه وهناك تراجع وإعادة نظر في النهج وفي المنهاج.
ولذلك لم تنل تلك التسمية من علماء الدعوة ما يدل على الرغبة في إقصائها أو التنصل منها بقدر ما حاولوا الافصاح عن معنى ما يدعون إليه وإيضاحه.
وفي هذا الإطار رأينا بعض المثقفين الكبار لا يستنكفون عن تلك التسمية ما دامت تعني الانتماء الصحيح إلى الإسلام.
فالشيخ سليمان بن سحمان -أحد المدافعين عن الدعوة الإصلاحية وشرح أهدافها- في عدد من المؤلفات نثراً وشعراً أطلق على أحد مؤلفاته وهو مجموعة من الرسائل التي تتضمن خلاصة رأي دعاتها.. فسمى ذلك المؤلف (الهدية السنية والتحفة الوهابية)، وعلماء آخرون سمى بعضهم كتابه (الثورة الوهابية)، وآخر هو الشيخ محمد رشيد رضا سمى كتابه (الوهابيون والحجاز)، وآخر من المتحمسين للدعوة الإصلاحية ألَّف كتاباً اسماه (أثر الدعوة الوهابية).. وقد استقبلت تلك المؤلفات بالترحيب وطبعت ووزعت في كثير من البلاد الإسلامية وقتها.
ولا أعتقد -كما يقول الأستاذ الفاضل- أن الكتابة من خلال كلمة (مصطلح منهج التوحيد)، سيكون أكثر تمكيناً وجاذبية للآخرين ممن لم يقرءوا عن هذه الدعوة في فهمها والتأثر بها والدفاع عنها من كلمة (الوهابية)؛ فنحن في زمن القراءة والتمحيص، وقد تجاوز الناس في العالم كله الاعتماد في الفهم على المسميات دون أن يكلفوا أنفسهم معرفة كل الحقائق.
والحقيقة التي ربما تلفت نظر الدارسين والكُتَّاب في هذا الزمن عن الفكر المسمى ب(الوهابية)، هي قوة التأثير السياسي والاجتماعي الذي استطاعت أن تحققه تلك الدعوة خلال مئات السنين دون أن تكون قد وضعت من صاحبها في تصور محدد النقاط والمواد، وإنما من خلال دعوة بسيطة مفهومة محددة الأهداف.. تضمنتها كتيبات منشورة متداولة.. ليس في واحد منها مطلب سياسي أو فكري.. لماذا؟ لأنها فقط تنتمي إلى الإسلام، وهذا كافٍ أن تحقق ما استطاعت تحقيقه.

عبدالرحمن بن سليمان الرويشد


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved