Sunday 27th June,200411595العددالأحد 09 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "تحقيقات"

( الجزيرة ) تستطلع آفاق التنمية الزراعية بمنطقة مكة المكرمة ( الجزيرة ) تستطلع آفاق التنمية الزراعية بمنطقة مكة المكرمة
تخطيط مليون دونم للمشاريع الجديدة وأنشاء 4 سدود جديدة

** متابعة مسيرة التنمية الزراعية في المملكة تجعلنا نلاحظ الكثير من التغيرات الهيكلية في هذا القطاع بخاصة في العقدين الأخيرين وهي التي جاءت مواكبة لأهداف استراتيجية بأحداث تغيير حقيقي في البنية الاقتصادية تنويعاً في الانتاج وزيادته مع استغلال أمثل للموارد الطبيعية وتهيئة القطاع الزراعي للتعامل والمستجدات المحلية والاقليمية والدولية..
** ويمثل القطاع الزراعي في بلد كالمملكة دوراً مهماً في منظومة الاقتصاد الوطني وذلك ما أعطى الدعم المتواصل لزيادة انتاجيته في مختلف النواحي..
** في هذا الموضوع الذي يتناول الشأن الزراعي في منطقة مكة المكرمة مدنا ومحافظات، سهولا وأودية وقرى تكون توضيحات الرؤية مختلفة لأسباب متعددة.. وذلك بمعرفة ظروف شح المياه وندرتها مع وجود مساحات زراعية شاسعة ولا يمكن التصور بأنها تسقى بمياه التحلية أو الاكتفاء باشجار الشوك في انتظار المطر!!
ثم الاتجاه إلى استخدام مياه الصرف الصحي في البدائل الأمر الذي كان محاطا بالكثير من الأسئلة..
** (الجزيرة) التقت المهندس جابر محمد الشهري مدير عام الزراعة في منطقة مكة المكرمة وشمل الحوار عددا من الأمور الخاصة بالسياسات الزراعية في ضوء المرحلة الأمنية وطموحات المستقبل..
** اطلالة على واجهة نشاط مديرية الزراعة جاءت من خلال المسؤول توضيحا للجهود العملية التي لم تعد مستقرة على (التوجيه والارشاد) للمزارعين وتجاوزت بالتفعيل المباشر إلى متابعة الاستثمارات الضخمة بمساحة مليون دونم للمشاريع الزراعية ومثلها للمستثمرين في الاستزراع السمكي..
* وإلى تفاصيل هذا الحوار..
*****
الزراعة بمنظور الجدوى اقتصادياً
- بداية كان المهندس جابر متفائلاً وهو يتحدث عن الوضع الزراعي حيث يعتبر منطقة مكة واعدة بمستقبل مشرق بإذن الله..
- والسؤال من واقع شح المياه والاتجاه في ري المزروعات بمياه الصرف الصحي.. علامة استفهام حائرة بوجود هذه الظروف في إجابته يقول:
** منطقة مكة المكرمة, تقع ضمن نطاق تكوين الدرع العربي والمعروف بأنه فقير في المياه العميقة.. ولكن مياهه السطحية متجددة.. ثم وان المنطقة معروفة منذ القدم بانتاجها الزراعي في الامتداد الساحلي الغربي من جنوب القنفذة إلى بدر ومستورة في شمال رابغ.. والشريط الساحلي عبارة عن أراض خصبة تزرع (بعليا) على مياه الأمطار الموسمية مع دخول الشتاء في اكتوبر سنويا, ويعني هذا التوقيت بالتقريب التهيؤ لزراعة محاصيل مختلفة (ذرة, دخن, سمسم) وهذه الأصناف تتميز بها سهول تهامة من جازان إلى شمال المملكة, طبعاً إلى جانب البطيخ والشمام (الخربز) ومن مزايا المحاصيل التي تسقى بمياه الأمطار جودتها العالية خاصة وان الزراعة البعلية لا تخضع لمعالجات كيماوية باضافة أسمدة أو رش بالمبيدات..
مع ذلك فإن تفاوت سقوط الأمطار أو انقطاعها يؤدي إلى انخفاض مستوى الانتاج..
ولمعالجة هذه الظروف أولت الدولة اهتماما كبيرا بتهيئة الساحل الغربي زراعيا وكانت الخطط في هذا المجال تتفاعل في النظرة للمستقبل بالجدوى المتاحة وهي أرض خصبة..
ومنطلقا من هذه القناعة قامت الوزارة بتخطيط عدد كبير من المساحات لتكون في وضع الجاهزية انتظارا لبدء الاستثمارات الزراعية في هذه المواقع وفق اشتراطات معينة وإلى جانب تسهيلات كبيرة لقيام المشاريع التي توضح دراسات الجدوى الاقتصادية لها أفقاً كبيرا من الايجابية وهي متاحة للمستثمرين من شركات ومؤسسات وطنية أو أجنبية.. وبالتالي سوف يكون المجال متاحا لزراعة محاصيل مختلفة تتناسب وظروف المنطقة بيئيا مع الأخذ في الاعتبار توجهات المستثمر اختياريا بشكل يرتبط باحتياجات السوق المحلي أو التصدير..
الأبحاث تؤكد ان المناسب زراعته في هذه المواقع لمحاصيل شبه استوائية كالمانجو والجوافة والباباي والموز خاصة بعد نجاح زراعة هذه الأصناف في جازان والتي دخلت السوق منافسة للمستورد..
يواصل المهندس الشهري فيقول بان التنمية الزراعية في هذه المناطق تكاملت بمشاريع وزارة المياه المتمثلة في إنشاء السدود فقد اعتمد حديثا وبدئ في انشاء عدد منها مثل (سد رابع) و(سد المرواني) في خليص, و(سد الليث) و(سد حلى) في القنفذة.. وهذه السدود مجال مساند بفاعلية مباشرة للمشروعات الزراعية القادمة لانعكاسها على التكوينات المائية.. والتصور العام وفقا إلى ذلك يشير إلى عملية تكاملية في الاستعداد بالامكانات اللازمة للتوسع أفقيا في الزراعة..
الجانب الآخر هو ان المنطقة واعدة فعلا وهي تستشرف مستقبلا تنمويا ناجحا على المستوى المحلي والاقليمي والدولي أيضا بوجود الخطط التي تراعي كافة الظروف وبالابحاث والدراسات العلمية اللازمة.. والأمثلة من الواقع الفعلي ما يتم في مجال استزراع وانتاج الاسماك, وإقامة مشاريع الدواجن فقد كانت منطقة مكة بمدنها ومحافظاتها ومراكزها إلى قريب الأولى في انتاج الدواجن وبنسبة تصل إلى (30%) على مستوى المملكة من الدجاج اللاحم.. (105) مليون دجاجة في العام الواحد..
كما ان المشاريع الضخمة بلغت (45) مشروعا للدجاج البيّاض واللاحم...
لماذا مياه الصرف الصحي؟
- ما الذي يمكن توضيحه حول الري بمياه الصرف الصحي، والموضوع يثار بالتشكيك في صلاحيته وإضراره على المحاصيل؟
** أولا فإن الفرصة سانحة للاستفادة من مياه الصرف الصحي المنقاة.. وليس لها أضرار على الاطلاق في حال استعمالها -فقط- من انتاج المرحلة الثالثة لمحطات التنقية, والمياه الواردة منها جيدة المواصفات للزراعة وتعرف بالمياه غير المقيدة..
والآن وزارة المياه في طور انشاء عدد من محطات المعالجة الثلاثية في كل من مكة وجدة.. أما في الطائف فقد انتهى المشروع قبل فترة ويستخدم هذا الانتاج المائي للزراعة في الطائف وما جاورها..
وخلال عام واحد تكون محطة المعالجة في مكة جاهزة وبعد حوالي سنتين بإذن الله تنتهي محطات المعالجة, حسب ما علمنا من الأخوة في وزارة المياه في جدة بانتاج يصل إلى أكثر من (400) ألف متر مكعب..
أيضاً.. فإن وزارة الزراعة بصدد الانتهاء من اعداد دراسة شاملة لإقامة مشاريع للري الوطني.. وننتظر في القريب وصول فريق عمل من الوزارة للتنسيق مع مديرية الزراعة في منطقة مكة المكرمة لتحديد المواقع التي يتقرر ضخ مياه التنقية إليها وبالتالي إدراجها في ميزانية الوزارة, وفي حال اعتمادها من وزارة المالية سيتم تنفيذ هذه المشاريع..
وضمن هذه الخطة يتوقع ايصال المياه للمحافظات القريبة من مكة وجدة خاصة تلك المناطق الزراعية الخصبة التي كانت معروفة بانتاجها الوفير من المحاصيل الزراعية مثل وادي فاطمة وخليص وعُسنان..
وستعود لها الحياة الزراعية مرة أخرى بوصول المياه المعالجة لتستعيد حيويتها الخضراء والوصول بها للأفضل في ظل توفر عوامل كالوسائل الحديثة والمكينة الزراعية..
وليس من شك في ان التنمية الزراعية مرتبطة بتوفير مصادر المياه الصالحة للزراعة فمتى ما تحقق ذلك فان السياسة الزراعية للمملكة تصل إلى أعلى مستوى في انجاز أهدافها.. فالماء في بلد كالسعودية غالي الثمن, ويجب استخدامه بدرجة علمية في الحكمة بما يحقق الأهداف الزراعية والمائية أيضاً, فالماء المنتج من التحلية يكلف الدولة الكثير, وبالتالي فان تدويره بعد استخدامه في الشرب والأغراض المنزلية وتنقيته ثم ضخه مرة أخرى إلى المزارع هو المتاح والمناسب خاصة وان الاستفادة منه عودة للحياة لمحافظات ومراكز عانت من شح المياه وتعرضت الزراعة بها إلى تدهور خطير.. وهذا التطبيق في غاية المثالية..
والترشيد مطلب وطني يتحمل مسؤوليته الجميع حتى في المجال الزراعي وبالنسبة لنا فالتنسيق في ذلك مع وزارة الزراعة يتم بشكل مدروس ومتكامل..
إيقاف المنح الزراعية مؤقتاً
* لماذا تم إيقاف منح الأراضي الزراعية وهل يتاح المجال مرة أخرى بالعودة الى ذلك.. خاصة وتقولون ان الخطة تشجيع الاستثمار الزراعي؟
** المنح الزراعية تم ايقافها بأمر سامٍ كريم اعتباراً من 25-12-1423هـ لمدة خمس سنوات بهدف إتاحة الفرصة لوزارة المياه للانتهاء من رسم السياسة المائية..
وهذا له أهمية خاصة لاعتبارات كثيرة فلا بد من وضع التصورات المتكاملة معتمدة على الواقع فيما يخص الكميات المتوفرة من المياه بمصادرها المتعددة وكذلك ما ينبغي أو ما نحتاج له من محاصيل زراعية مناسبة.. وهي سياسة تدرس الابعاد المختلفة للوضع المائي والزراعي في آن واحد ليس للمرحلة الوقتية الراهنة فقط ولكن للمستقبل..
وكان لابد من استراتيجية محكمة تستوعب جميع الظروف والاحتمالات والتوقعات في هذا الجانب..
وبناءً على طلب من وزير المياه تمت هذه الموافقة بعدم منح أراض زراعية حتى انتهاء المهلة المقررة وبعد ذلك سوف تكون الأوضاع مختلفة عن السابق بكل تأكيد.. سواء من حيث الشروط المؤهلة للمنح الجديدة أو الأراضي الزراعية الممنوحة في السابق وهذه أيضا سوف تخضع لدراسة الجهات العليا من ناحية وضعها كاستمرار من عدمه في نطاق الاجراءات الشاملة لتنظيم كل ما يتعلق بها..
والفرصة متاحة في هذا المجال للاستفادة من التجربة السابقة باعداد التقييم في جوانبها السلبية والايجابية..
وكل هذا يرتهن باكتمال دراسة السياسة الزراعية التي يجري اعدادها حاليا بالتعاون مع جامعة الملك سعود (معهد الأمير عبد الله للبحوث والدراسات الاستراتيجية)..
الإحباط بمنافسة المستورد!!
- ربما يكون هناك تردد في الاقبال على الاستثمارات الزراعية وهو جانب الجدوى الاقتصادية والمنافسة بالاستيراد.. فهل يعني ذلك استمرار الإحباط للمزارعين والمستثمرين محليا في هذا المجال؟
** دعني أكن واقعيا معك في الحديث عن هذا الجانب.. فالمملكة تستقبل المنتجات والمحاصيل عبر جميع المنافذ.. ولميناء جدة الإسلامي النصيب الأكبر, كونه يمثل حجما هائلاً في الاستيراد على مستوى المملكة, فهو يستقبل (المواشي) بنسبة (60%) من واردات اللحوم الحية وهذا كمثال قبل منعها عن طريق ميناء جازان عندما ظهرت حمى الوادي المتصدع, وبالتالي ارتفعت النسبة لتصل إلى (70%) من جدة وتتوزع على الأسواق الداخلية..
أما بالنسبة للفاكهة والخضار فهي تصل عن طريق موانئ المملكة وأيضاً في مقدمتها ميناء جدة الاسلامي وبرا عن طريق المنافذ الشمالية للمملكة..
لكن وزارة الزراعة في التعامل مع هذه الأمور أخذت بنهج تسعى من خلاله إلى حماية الانتاج المحلي وهو ما يسمى ب (الرزنامة الزراعية) أو التقويم الزراعي والذي يهدف قدر الامكان إلى توفير حماية للانتاج المحلي من المحاصيل الزراعية..
وتوضيحا في المثال عندما يكون التزامن مع موسم لمحصول معين في المملكة وخلال فترة محددة بشهر أو شهرين فان الاجراء المتبع هو منع دخول واستيراد محصول من نفس النوعية في هذه الفترة الزمنية..
مع ذلك فالحقيقة تشير إلى وجود خلل داخلي وقد لا تستطيع الوزارة التحكم فيه لأسباب تتعلق بحركة المزارعين أنفسهم وتسويقهم للمنتجات وهو ما يتم بدون تنسيق مسبق لعدم توفر شركات تسويق او جمعيات زراعية لهذا الغرض..
والأمثلة كثيرة.. منها ان نفترض انتاج كميات من المحاصيل من جازان ويأتي الاتجاه الطبيعي في الظرف الآني إلى أقرب سوق لهذه المنتجات في عسير أو منطقة مكة.. بمعنى أنهم لا يفكرون بالتصدير لأسواق المنطقة الوسطى أو الشرقية لأن تكلفة النقل عالية إضافة لتعرض المنتج خلال فترة الشحن للتلف..
وهذا ما يعني تأثير المناطق الزراعية داخل المملكة بعضها على الآخر.. فتجد أحياناً محصولاً معيناً في منطقة مكة سعره منخفض جدا وبالمقارنة مع مدينة الرياض في نفس اليوم والفترة ونفس المحصول يكون السعر مرتفعاً بشكل كبير.
كل هذا يكشف بأن عملية التوزيع للمنتجات الزراعية تخضع للعفوية وظروف المزارعين.. ويؤثر فيها بعد المسافات بين مواقع الانتاج ومراكز التسويق.. ولعدم وجود شركات أو جمعيات تهتم بهذه الناحية بحيث تتولى الضخ للأسواق حسب حاجتها التقريبية في وقت واحد ويؤدي ذلك كما يحدث حاليا إلى استقبال الأسواق أحيانا لمحاصيل أكبر من الاحتياج بمعنى ان يكون العرض اكثر من الطلب في بعض المناطق.. وفي نفس الفترة نقص المعروض ووجود احتياج وطلب في مناطق أخرى!!
أصل معك إذاً إلى الإجابة حيث سوء التوزيع غير المقصود.. والمحكوم بظروف المنتجين وطبيعة التوزيع للمحاصيل الزراعية وأساليب نقلها للأسواق مما يؤدي فعلا إلى ان يكون المزارع ضحية هذه الظاهرة والحالات الراهنة شاهد على ذلك..
ومن ناحيتي شخصيا أشعر بالاسف لما يحدث من خسائر للمزارعين في بعض المواسم فكثيرا ما يتم بيع منتجاتهم باسعار متدنية جدا وهم محكومون بظروف السوق حيث الانحراف بالمنتجات المستوردة من جهة ثم وتحكم الدلالين في أسواق الخضار المركزية..
هذا لا يمنع من وجود امكانيات لمعالجة الوضع والأمل معقود في ذلك بتعاون المزارعين وتكاتف جهودهم نحو انشاء جمعيات زراعية تسويقية تعينهم بإذن الله على تجاوز وحل المشكلات والعوائق التي تواجههم حاليا.
أما وزارة الزراعة فهي من جانبها تدعم وتشجع هذا التوجه والبنك الزراعي يقدم المساعدة المادية الكفيلة بتحقيق هذا التطلع بتفاؤل كبير لأنه الحل العملي لواقع تسويق المنتجات الزراعية في المملكة بشكل مدروس..
التقويم جزء من الحل
- وهذه المشكلة في حال اعادة النظر إلى الأوضاع أو بتفعيل دور الرزنامة الزراعية.. هل يمكن التغلب عليها؟
** أولا فإن الرزنامة الزراعية (التقويم الزراعي) لها دور في حل ومعالجة المشكلة جزئيا وهي معممة على جميع مناطق المملكة بكافة تفاصيلها وأيضا معمول بها منذ سنوات كما انها أسلوب أو طريقة فعالة ونأمل ان يأخذ الالتزام بها شيئاً من الحزم والاستمرار خاصة بدخول المملكة إلى عضوية التجارة العالمية قريبا وهو شأن معني بفريق العمل المشارك في المفاوضات من جانب الزراعة حتى تدرج مسألة حماية الانتاج الزراعي المحلي في المنافسات لخدمة الأهداف الوطنية.
التدريب مستمر والسعودة كاملة
- إشارتكم إلى مساحة اكبر زراعياً وفتح المجال للاستثمار قد يعني الفرص الوظيفية, كيف تنظر إلى هذا الجانب إذا افترضنا امكانية التأهيل بالتدريب أيضاً؟
** يجيب مدير عام الشؤون الزراعية بمنطقة مكة المكرمة فيقول بالنسبة للكوادر الفنية لدينا فهي بشكل كامل من أبناء الوطن.. مهندسون زراعيون وأطباء بيطريون وغيرهم وهناك عدد محدود جدا من الخبراء الأجانب يعملون في المختبر المركزي من أصحاب التأهيل العالي جدا.. وهذا لا يعني ان فريق العمل بالمركز يعتمد عليهم فقط, فإلى جانبهم خبرات سعودية مؤهلة وبنفس المستوى أيضا..
ووزارة الزراعة ومنها المديرية العامة بمنطقة مكة في مركزها الرئيسي بجدة تعتمد خطة السعودة وقد أثبت العاملون لدينا كفاءة وجدارة كبيرة في أداء العمل والقيام بمهماتهم على الوجه الأكمل..أما بالنسبة لمجال التدريب فالوزارة لديها عدد من المراكز في مناطق مختلفة بالمملكة ووضعت بعد دراسات وبناء على ما اقتضته الحاجة في هذا المجال.. وفي منطقة مكة لا يوجد مركز ولكنه لا تعني غيابنا عن إقامة الدورات فهذا النشاط مطلبنا لذلك تعقد الدورات اللازمة ويتم في مجال التدريب الاستعانة ببعض المراكز العلمية في الجامعات والخبرات المتخصصة من الداخل والخارج..
وتستقطب المديرية الشباب لهذا المجال فلدينا حاليا متدربون في تخصصات مختلفة حوالي (40) متدرباً وهو مجال للتأهيل بالخبرة فإذا وجدت شواغر وظيفية لدينا فهم الأولى بها أما في غير ذلك نكون أعطيناهم هذه الخبرة والمقدرة العملية للعمل في قطاعات مناسبة بالقطاع الخاص أو غيره.
كما تقوم الوزارة منذ القديم بتدريب المزارعين وأبنائهم حيث هناك جهاز مركزي يؤدي هذه المهمة وهو إدارة التطوير الإداري وإدارة الارشاد والخدمات الزراعية وتتولى هذه الإدارات إعداد برامج خاصة لتحسين أداء المزارعين وتوعيتهم وتوجيههم..ونحن في مديرية الزراعة بمنطقة مكة كما هو الشأن بكل فروع الوزارة وقطاعاتها المختلفة نبذل قصارى الجهد وبحرص كامل على التدريب على رأس العمل وزيادة المزارعين في الحقول وتقديم الارشاد اللازم في مختلف مراحل الدورات الانتاجية للزراعة من التقليم والحصاد والزراعة اليومية والتسميد ورش المبيدات الكيماوية عند الحاجة لها..
وهذا جزء من أعمالنا اليومية.. كما أعتقد أن له الجدوى والفعالية الأكبر في طبيعة الإرشاد والتوعية عمليا في الحقل وبشكل مباشر..
كما أننا ندرك أهمية الدورات للفنيين بمختلف تخصصاتهم والتي تخضع لمنهج محدد لطبيعة المهمات المختلفة ويتم تحديد أهدافها بشكل مدروس.. ونحرص من خلالها أيضا على اشتراك العاملين بالمديرية لتجديد المعلومات والأخذ بالجديد والحديث في التخصصات الزراعية ووسائلها المختلفة.
الثروة السمكية ضمان المستقبل
- الشأن الزراعي في التطوير والتنمية لابد وان له علاقة مباشرة بالثروة السمكية، فما هو مستوى الاهتمام بهذا الجانب؟
* يقول المهندس جابر الشهري موضحا حول هذا المجال: يحظى قطاع الثروة السمكية باهتمام الدولة -رعاها الله- ممثلة في وزارة الزراعة كغيره من القطاعات الزراعية الأخرى فالمملكة بحمد الله تعالى تملك اطلالة واسعة على كل من الخليج العربي والبحر الأحمر وعلى شواطئ هذه البحار تقع مدن عديدة ومرافئ مجهزة لصيادي الأسماك، هؤلاء الصيادون يحظون باهتمام الدولة فتقدم لهم المساعدات المختلفة عن طريق البنك الزراعي من خلال قروض ميسرة في سبيل تمكينهم من ممارسة مهنهم بحرفية أكبر وتمكينهم من زيادة محصولهم من الصيد وبالتالي ارتفاع العائد المادي كما تقدم لهم المشورة الفنية والارشادية وكافة التسهيلات الممكنة والتي تتيح لهم ممارسة مهنهم بيسر وسهولة ومنها رخص الصيد واستقدام العمالة من خارج المملكة وإقامة مرافئ الصيد في المحافظات والمراكز الواقعة على ساحلي البحر الأحمر والخليج العربي..
وفي منطقة مكة المكرمة فالسهول الساحلية تمتد لمسافة تقدر ب (850)كم وهذه السواحل واعدة بمستقبل مشرق في مجال الاستثمار السمكي وقد قامت وزارة الزراعة بتخطيط عدد من المواقع وبمساحات شاسعة بهدف تسليمها لمستثمرين لإقامة مشاريع استزراع سمكي.. وقد بلغ عدد هذه المواقع (8) مواقع مساحتها الإجمالية (230) ألف دونم جاهزة للتسليم.
في حين سبق وان قامت الوزارة بتسليم (19) موقعا مساحتها الاجمالية (200) ألف دونم لعدد من المستثمرين ومنهم على سبيل المثال لا الحصر (شركة الروبيان الوطنية) والتي رعى افتتاح مشاريعها في العام الماضي صاحب السمو الملكي ولي العهد النائب الأول الأمير عبد الله بن عبد العزيز... هذه الشركة تعتبر من أكبر الشركات المستثمرة في مجال الروبيان على مستوى العالم وباستثمارات تفوق ألف مليون ريال ويتوقع ان يصل انتاجها عند اكتمال مراحل المشروع المختلفة إلى حوالي (30) ألف طن..
ونتمنى لها ولكافة المشاريع الزراعية بالمملكة النجاح والتوفيق فهي نموذج خلاق للاستثمارات الوطنية المدروسة بعناية..
وهناك عدد من المشاريع أقل حجماً ولكنها تبشر جميعاً بمستقبل مشرق للاستثمار السمكي إلى جانب الصيد بالطرق التقليدية أو عن طريق شركات الأسماك وكل هذه المشاريع وبحالات الانتاج المماثلة تعتبر رافداً من الروافد التي يعول عليها في تشغيل الكفاءات الوطنية وتدريب الشباب السعودي وتأهيلهم للانخراط في هذه المهن الشريفة والحد من ظاهرة البطالة وخفض نسبة الهجرة من الريف إلى المدن الرئيسة..
وفي منطقة مكة المكرمة يبلغ عدد مراكب الصيد 4287 مركب منها (10) مراكب صناعية والباقي تقليدي كما يبلغ عدد الصيادين (4968) صياد يشتركون في صيد (4.2) ملايين كجم من الاسماك سنوياً في حين يبلغ انتاج مشاريع الروبيان حوالي (10) ملايين كجم أخذاً في الزيادة مع توسعة المشاريع القائمة وانشاء مشاريع جديدة.
التعامل مع الصيادين
- ولكن الحقيقة حسب الصيادين حاليا تقول بان المردود ضعيف.. فهل يعني ذلك القبول بالمناخ فقط، خاصة ومن يقول منهم بالحد من نشاطهم؟
** الدولة تقف دائماً إلى جانب الصيادين تعينهم مادياً وتقدم لهم كافة التسهيلات من أجل تحقيق أهداف وطنية عليا ولم تكن الدولة في أي وقت سبباً في خلق صعوبات أو عوائق للصيادين وإذا كان ما تقصده حظر صيد بعض أنواع الأسماك في فترة معينة ومحدودة فإن هذا من أجل مصلحة الصيادين أنفسهم ويهدف هذا الحظر إلى اعطاء بعض انواع الاسماك وهي الناجل والطرادي الفرصة للتكاثر وهذا يسري لمدة شهرين فقط هما شهرا ابريل ومايو من كل عام وهذا يتيح لهذه الاسماك التكاثر وزيادة أعدادها وأوزانها وبالتالي يحقق الصيادون صيداً وفيراً بعد انتهاء فترة الحظر كما أنه يحمي هذه الأنواع من التهديد بانخفاض أعدادها بشكل كبير.. والوزارة في هذا الصدد تقوم بتوعية الصيادين إلى أهمية هذا الحظر وأهدافه وأؤكد ان معظم الصيادين أصبحوا مدركين لفوائد الحظر وتولدت لديهم القناعة والثقة فيما تقوم به الوزارة من اجراءات..
المركز علمي وعالمي
- وبالنسبة لمركز ابحاث الثروة السمكية، هل يكتفى حتى الآن بالروبيان؟
** مركز أبحاث الثروة السمكية يعتبر الرائد في مجال انتاج (أمهات الروبيان) وأيضا بعض أنواع الاسماك من أجيال متعددة.. فهو يعمل على تهيئة انتاجه بشكل مطور كما أنه الوحيد في المملكة حاليا.. والمركز قام بتزويد مشروع الروبيان الوطني والذي يعتبر من المشاريع الضخمة وقام المركز بتزويده بعدد من الامهات للروبيان..
والمركز خضع للتطوير مؤخرا في استزراع أنواع أخرى غير الروبيان مثل النوع المعروف ب(البلطي) وهو من الاسماك التي تعيش في المياه العذبة, واستطاع المركز من خلال البحوث والتجارب التطبيقية عمليا تكييف تكاثره في مزارع المياه المالحة ونجحت هذه التجارب بشكل كبير..وفي الوقت الراهن تتم دراسات أخرى على سمك (الناجل) والذي يمثل أولوية لدى نسبة عالية من المستهلكين لما يتمتع به من جودة نوعية.. والتطبيق في هذه التجارب ضمن محاولات لها طرقها العلمية المدروسة للوصول إلى نتائج أفضل في تكاثره بالمزارع السمكية والتعرف على المناخات المناسبة لحياته.
كما ان (الناجل) عادة يوجد في مياه البحار المفتوحة, ولكن النجاح المتوقع يتمثل في انتاجه في اماكن مخصصة للاستزراع ويتم تغذيته صناعيا..وبعد التطوير والتحديث في مركز أبحاث الثروة السمكية أصبح المجال مفتوحا لتجارب أخرى ومنها المتعلق بسمك (الكشر) الذي يعرف بالهامور وتحقق تقدم ملحوظ في توفير البيئة المناسبة لانتاج أصناف من (الهامور) وثبت تحملها لظروف المزارع السمكية بالتكاثر والتأقلم بكميات كبيرة.
أما عن الجديد في المركز فهو تجهيز المعامل بالوسائل والامكانات المتطورة جدا لتوفير متطلبات البحث العلمي في مجال الاسماك.
البحر الأحمر فقير الأسماك!!
- نعود مع المهندس الشهري إلى واسطات الصيد في البحر الأحمر والأقل منها (12) حديثة.. فهل يعتبر العدد قليلاً مقارنة بـ(850) كيلو متر؟
** اختيار وسائل الصيد والوسائط المستخدمة لذلك راجع لقناعة ورغبة وإمكانات الصيادين أنفسهم والمراكب التي أشرت إليها تقليدية ولا يقصد من ذلك أنها غير حديثة بل في الواقع معظمها مجهز بأجهزة حديثة للصيد ووسائل الاتصال ولكن مع ذلك فإنها محدودة الحجم وإمكاناتها لا تسمح لها بالصيد في أماكن بعيدة ومعظمها يعمل داخل الحدود الاقليمية ولا يتوفر لديها إمكانات كبيرة للحفظ أو التغليف والتجهيز.
وعموماً فإن البحر الأحمر من البحار الفقيرة نسبياً في كميات الاسماك فهو ليس كبعض البحار والمحيطات الغنية بثرواتها السمكية وبالتالي يجد الصيادون أو الشركات دافعاً لجلب مراكب صيد أو سفن كبيرة مجهزة لهذا الغرض.. لكن مع ذلك فإن أنواع الاسماك في البحر الأحمر ذات جودة وصفات عالية ومرغوبة بدرجة عالية من قبل المستهلكين ويعود انخفاض كميات الاسماك في البحر الأحمر إلى محدودية ساحته وأنه محاط بعدد كبير من البلدان التي يمارس سكان سواحلها الصيد إضافة إلى أن الصيد في هذا البحر من قبل جميع الدول المحيطة به يجري بكثافة عالية سيؤدي إلى استنزافه كما أنه يتم دون قيود او أنظمة هذه الفوضى في استنزاف إمكانات ومقدرات هذا البحر لها عواقب وخيمة على بيئته وفي مقدمتها الاسماك على المدى القريب..


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved