إسرائيل خارج المساءلة النووية

لم يقل رئيس الوكالة الدولية للطاقة النووية محمد البرادعي إنه جاء لإسرائيل للضغط عليها بخصوص برنامجها النووي، فالرجل يعرف حدود دوره، وهو لا يتصرف كعربي وإنما كموظف في تلك الوكالة التي يفترض أنها تأتمر بما يمليه عليها ضميرها الدولي لكنها تتصرف وفقاً لأهواء الدول المسيطرة في العالم..
فاللغة التي استخدمها في إسرائيل هي لغة مهادنة، فهو يقول إنه يتمنى أن تنضم إسرائيل إلى معاهدة حظر الانتشار النووي وأن توقع على بروتوكول إضافي يلزمها بتقديم معلومات عن أيِّ صادرات لها صلة بالمجال النووي، بينما رأيناه فيما يتصل بإيران يتهدد ويتوعد بالعقوبات بين كل جملة وأخرى..
ولذلك فإنه من الصعب تبيُّن السبب الحقيقي لهذه الزيارة، التي أكدت مجدداً أن إسرائيل كما هي خارج المساءلة فيما يتصل بعدم انصياعها للقرارات الدولية بشأن التسوية في فلسطين فإنها أيضاً تبقى خارج المساءلة فيما يتصل بامتلاكها أسلحة محرمة دولياً، وإنها تبقى غير مطالبة بإزالة تلك الأسلحة التي يعرف العالم كله أنها تمتلكها على الأقل من خلال ما كشفه الفني النووي الإسرائيلي مردخاي فانونو قبل 18 عاماً حيث ثبت من قرائن ما قدمه من معلومات أنها تمتلك 200 قنبلة نووية.. ومع كل ذلك فإن إسرائيل تسعى لتجريد الآخرين من برامجهم النووية السلمية وليس العسكرية فقط..
وهكذا فقد تجاهلت إسرائيل مجمل مهمة البرادعي فيها وطلبت منه أن يوفر جهوده هذه لإيران، وبدا وزير الخارجية الإسرائيلي وكأنه يوضح المطلوب من البرادعي قائلاً: (إذا كان علينا أن نفعل شيئاً مع البرادعي، فهو أن نطلب منه متابعة ما يقوم به لدفع الإيرانيين إلى وقف جهودهم لتطوير السلاح النووي).
أي إن البرادعي جاء إلى إسرائيل لمجرد سماع وجهة نظرها فيما يتصل بالبرنامج النووي لإيران، وقد تثبت نتائج الزيارة ذلك، والأحرى أنه لن يتمكن من الاطلاع على فحوى البرنامج الإسرائيلي الذي يتركز بشكل خاص في مفاعل ديمونة.
ومن جانبه قال وزير الخارجية الأمريكي كولن باول الذي كان ونظيره الإسرائيلي يتحدثان في مؤتمرصحافي واحد: (إن الولايات المتحدة ستواصل التشديد بكل الوسائل الممكنة، وسنستخدم الطرق الديبلوماسية وطرقا أخرى في حوزتنا، حتى تدعم المجموعة الدولية الجهود المبذولة لمنع إيران من تطوير برنامجها النووي، أو امتلاك سلاح نووي).
وعلى كلٍّ فهذا هو المنطق الذي يحكم عالم اليوم، وهو يتيح فقط للذين يقبعون تحت المظلة الأمريكية التمتع بكامل امتيازات الحماية عما يرتكبون من مخالفات مثل امتلاك إسرائيل لوحدها في المنطقة لترسانة نووية تكفي لإبادة العالم دون أن تتعرض للمساءلة كما أن تلك الامتيازات تتيح ارتكاب المذابح واستمرار احتلال الأراضي دون أن يتحرك مجلس الأمن لفرض العقوبات.