Monday 19th July,200411617العددالأثنين 2 ,جمادى الثانية 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

الرئة الثالثة الرئة الثالثة
(الأجنداء) الخفية.. في العملية التربوية !
عبدالرحمن بن محمد السدحان

* كرمني (ملتقى أبها الثقافي) لهذا العام 1425هـ بالدعوة لإدارة إحدى جلسات ندوة هامة بعنوان (المنهج الخفي) في العملية التربوية، وقد بدأت الندوة أعمالها صباح يوم الثلاثاء الموافق 18-5-1425هـ، وكان فارس الجلسة الأولى التي شُرفت بإدارتها الأستاذ الدكتور حمزة بن قبلان المزيني، الأكاديمي والكاتب المعروف، حيث قدم ورقة قيمة بعنوان: (المنهج الخفي.. المفهوم والآثار السلبية)، وحاوره حول هذه الورقة كل من الدكتور علي عيسى الشعبي، عميد كلية الأمير سلطان للسياحة والفندقة، والأستاذ خالد السيف، المحاضر بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
***
* وقد ازدانت الندوة تألقاً وهيبة بحضور صاحب السمو الملكي الأمير الأديب خالد الفيصل، أمير منطقة عسير، حيث ارتجل سموه حفظه الله في ختام أعمال الندوة كلمة مدوية لخّص من خلالها الكثير من هواجس القيادة والوطن حيال الحالة الأمنية الراهنة في البلاد، مشدداً على أنه لا غفوة بعد اليوم أمام عبث العابثين بسيادة هذه البلاد وأمنها واستقراراها، وكانت كلمات سموه الكريم، بليغة التعبير، صادقة المعنى وقوية المغزى، وكانت بحق عطر الختام!
***
* وقد قدمت ورقة الدكتور المزيني بمداخلة قصيرة، اقتبس منها بعض ما جاء فيها، حيث قلت:
أولاً: إن من أبرز مظاهر الصحوة الفكرية التي تشهد سناها بلادنا هذه الأيام هي محاولة تأصيل ثقافة الحوار تعبيراً عن الرأي.. والرأي الآخر، رغبة في تحرير الخطاب التنموي من سلبيات الرؤية الأحادية لدى بعض الأفراد والجماعات.
***
ثانياً: وفي ضوء هذه الحقيقة المضية، بات (الحوار الوطني) تقليداً (مؤسسياً) جميلاً على مستوى الوطن كله، بعد ان وضع حجر الأساس له ورعاه غرساً وثماراً وحصاداً صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء أيده الله، بإنشاء (مؤسسة الملك عبدالعزيز للحوار الوطني)، بغية إرساء بنية حضارية في التعامل مع (ظاهرة الاختلاف) في مجتمعنا: توجهات وانتماءات ومواقف.
***
ثالثاً: ولقد كان من أبرز ثمار هذه البنية الثقافية الرائدة تنفيذ ثلاثة لقاءات فكرية على مستوى الوطن كله خلال أقل من عام تقريباً، استقطبت رموزاً مضيئة من نخب هذا الوطن، رجالاً ونساء، ينتمون إلى أطياف متفرقة من الفكر، يجتمعون تحت قبة واحدة، ويتحاورون على نحو يؤلف ولا يؤلب، ويجمع ولا يفرق، ويبني ولا يهدم، وصولاً إلى صيغة من الرأي يستفيد بنتائجه الوطن كله في سعيه الملح بحثاً عن الأفضل في حاضره وغده.
***
* رابعاً: ان الاهتمام بتقويم وتطوير المناهج لن يستقيم أو يؤتي ثماراً ما لم يستصحب معه موضوع تقويم المعلم تأهيلاً ومسلكاً وأداء، أقول هذا اقتناعاً بأن المعلم هو (القناة) التي يعبر من خلالها النص الصامت إلى عقول النشء، وفيها تتم عملية (التمثيل التربوي) لمواد المنهج، متاثرة ب(عصارات) فكرية وانطباعية (يصبّها) المعلم في قوالب (مسبقة الصنع) من السلوك والقيم والقناعات والإيحاءات المباشرة وغير المباشرة، وبذلك يسهم المعلم بأكثر من وسيلة في تشكيل و(أدلجة) عقل ووجدان الطالب، ورسم العديد من الخيارات السلوكية له، قولاً وعملاً، اقتداء به، واهتداء، النص المكتوب وحده لا يعنى ولا يغني شيئاً ذا نفع إلا إذا كانت وسيلة (تمريره) إلى أذهان النشء سوية الفهم، مستقيمة الوسيلة، نقية الغاية.
***
* خامساً وأخيراً: إن مبلغ فهمي لمصطلح (المنهج الخفي) أو ما أسميه ب(الأجندا الخفية) في العملية التربوية هو أنه ضرب من (الخروج على النص) المكتوب من لدن (المعلم) أو (المعلمة) وفق حيثيات تصوغها وتكيفها قناعاته وقراءاته فهماً وتأويلاً وسلوكاً، وعندما يصبح هذا المعلم (مؤدلج) العقل، (مفخّخ) الخاطر بقناعات لا تتلاءم مع المضمون التربوي أو الغاية الوطنية المنشودة، فإن النتيجة ان النشء قد (يتلبس) سلوكياً هذه القناعات بعلم أو بدونه، خاصة عندما يقرن المعلم (خروجه على النص) التربوي أحياناً بأدوات (ترغيب) أو (ترهيب) للطلاب، وصولاً إلى ما يريد!
***
* باختصار، الضجّة التي تردد صداها في الشرق والغرب وما برح حول (تقويم المناهج) التربوية لا تعني شيئاً ما لم تقترن بجهد حصيف وعادل لإصلاح المعلم، تقويماً وتأهيلاً ومتابعة، لأن المعلم في آخر المطاف، هو الداء.. وهو الدواء!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved