Monday 26th July,200411624العددالأثنين 9 ,جمادى الثانية 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الثقافية"

هل من تأسٍّ بالتجربة الماليزية؟! هل من تأسٍّ بالتجربة الماليزية؟!
الدكتور محمود شاكر سعيد

ضمن سلسلة (إضاءات تربوية) صدر الكتيب السادس من منشورات مكتب التربية العربي لدول الخليج يحمل عنوان: (تربية المستقبل.. التجربة الماليزية).
وقد عرض (الكتيب) من تجارب التربية الماليزية:
أولاً: تدريس مادة (الاختراعات) في المرحلة الثانوية ابتداءً من عام 1995م في سبيل تخريج عمالة متميزة ومتطورة تقنياً. و بعبارة أخرى: تخريج عمال وفنيين لديهم من المعرفة التقنية ما يجعلهم ليسوا فقط أكفاء في أداء عملهم، ولكنهم أيضاً قادرون على الإسهام في العالم الصناعي كمبتكرين ومبدعين.
ويضم مقرر (مادة الاختراعات) مادة دراسية قائمة على التكنولوجيا، إلى جانب كونها مادة متعددة الجوانب يتداخل معها العديد من المناهج والتخصصات، رغبةً في إعداد الطلاب وتزويدهم بالقدرة على الابتكار والإبداع والمهارات الخاصة في حل المشكلات، من خلال تطوير منتج يُجمِّل قيمة الجدة والابتكار، بالإضافة إلى قيمته الاقتصادية أو التجارية.
ويشمل مقرر (مادة الاختراعات) تدريب الطلاب على:
- مشروعات لإنتاج اختراعات.
- التصميم باستخدام الحاسوب.
- التسويق.
- حقوق الملكية الفكرية.
- توثيق الاختراعات.
ويُكلَّف كل طالب في هذه المادة اختراع منتج ما (مستغلاً في ذلك قدراته الإبداعية وإمكاناته المادية والفكرية)، وأن يقدم مع المنتج (الاختراع) حقيبة ملفات مصاحبة تمثل توثيقاً دقيقاً للمشروع الفردي الذي على أساسه وبناءً على حقيبة الملفات تتم عملية تقويم الطالب في نهاية الفصل.
ولضمان تحقيق أهداف هذه المادة تقوم الإدارة التعليمية بإعداد دليل المعلم، ودليل النماذج للمعلم، ونماذج التصميم باستخدام الحاسوب (أوتوكاد)؛ لضمان وضوح الفكرة ووضوح الهدف ووضوح آلية التنفيذ وأسلوبه.
وقد حقق تدريس هذه المادة في ماليزيا نتائج نجاح تراوحت في السنوات الخمس الماضية بين 100% 95%؛ مما أهل الطلاب الذين درسوا المادة للالتحاق بالتخصصات الملائمة لاهتماماتهم؛ مثل: التصميم الهندسي أو التكنولوجي في الجامعات المحلية.
ثانياً: تقويم المنهج
لمتابعة مدى قدرة (مادة الاختراعات) على تحقيق أهدافها جرى تقويم المادة من جميع أبعادها (المنهج، أساليب التدريس، أدوات التنفيذ، الإمكانات المتاحة، أساليب التقويم، مخرجات التعليم) من خلال عدة قنوات، هي:
- إجراء زيارات منتظمة من قِبَل العاملين في مركز تطوير المناهج لمراقبة المدارس ومقابلة المعلمين ومديري المدارس.
- عقد لقاءات تنسيق سنوية بين مركز تطوير المناهج وكافة الإدارات والأجهزة التربوية الحكومية؛ حيث تقوم الأخيرة بمراقبة المدارس على مستوى الولايات.
- إعداد تقارير من هيئة الإشراف على المدارس.
- مراجعة القرارات والتوصيات التي تصدر عن الاجتماعات والندوات التي تعقد حول مادة الاختراعات، سواء على المستوى القومي أو على مستوى الولايات.
- وغالباً ما يُستفاد من التغذية الراجعة في التطوير المهني للمعلمين ودعم الموارد والوسائل اللازمة لتدريس المنهج. وتعمل التغذية الراجعة على تيسير مهمة اتخاذ القرارات اللازمة والخطوات الملائمة لتنفيذ المشروع وتطويره؛ إذ غالباً ما تتضمن توضيحات ونصائح عملية ومفيدة، كما أنها تتيح الفرصة للجهات المسؤولة لكي تجعل الإجراءات الإدراية أبسط وأكثر سهولة.
ثالثاً: المرجعية القومية والتقويم الشامل للمناهج
رغبةً في المتابعة الموضوعية للمناهج اتبعت ماليزيا منذ منتصف عام 1999م عملية مراجعة قومية وتقويم شامل لكافة المناهج الدراسية؛ للعمل على تطوير العمل التربوي ورفع مستوى مخرجات العملية التعليمية، بحيث يحقق التعليم تخريج قوى عاملة مدربة، ولديها إلمام جيد بأحدث المستجدات العلمية والتكنولوجية، ويكونون قادرين على المنافسة في إطار بيئة العمل.
وأجريت عمليتا المراجعة والتقويم بناءً على مخطط شامل للمنهج الخاص بكل مادة على حدة، بدءاً من المرحلة الابتدائية، وانتهاءً بما بعد الثانوية.
وقد كان الحرص شديداً على أن يكون التقويم الشامل ومخطط التطوير نابعاً من الاحتياجات الوطنية، مع الأخذ بعين الاعتبار الاتجاهات التربوية الحديثة والتطورات العلمية والتقنية والمتغيرات الإقليمية والدولية (لأنه لا يستطيع أحد اليوم أن يعيش في جزيرة منعزلة عما يجري في العالم من تطورات وأحداث وتقدُّم في مجالات العلوم والاتصالات).
وقد اتبعت الاستراتيجية الماليزية للتطوير المراحل التالية:
* الأولى: تقويم الواقع التربوي وتحديد عناصر التغيير ومتطلباته.
* الثانية: تغيير المناهج وتطويرها.
* الثالثة: الإعداد والتنفيذ.
* الرابعة: التنفيذ.
رابعاً: تكنولوجيا التعليم
ولما كانت التكنولوجيا تلعب دوراً مهماً في المدرسة فقد بدأت ماليزيا تطبيق نظام (المدرسة الذكية) القائم على حسن استخدام التكنولوجيا في المدرسة ضمن الأساسيات التالية:
أ - أن تكون التكنولوجيا ذات صلة بالاحتياجات الفعلية للطلاب والمعلمين وغيرهم من العاملين في المؤسسات التعليمية (لا ترفاً ولا مظهرية زائفة دون استعمال ولا حاجة).
ب - أن تكون متاحة ومن الممكن الوصول إليها بيسر وسهولة.
ج - أن تكون الأجهزة والمعدات المستخدمة قابلة للتعديل والتطوير، ولا يكون هناك قيود على عمليات التطوير والتحسين المحتملة في المستقبل.
د - أن تكون ملائمة ومهيأة للقيام بالعديد من المهام.
هـ - أن تكون مضمونة وآمنة من خلال استمرار عمليات الصيانة والتحديث، وذلك في سبيل تحقيق ما يلي:
- تشجيع النمو والتطور المطرد للطلاب متعددي المواهب والاهتمامات.
- تعزيز فرص الطالب لتطوير ملكاته ومواهبه وقدراته الخاصة.
- توفير القوى العاملة مطوَّرة التفكير والقادرة على استخدام التكنولوجيا التي يتطلبها سوق العمل.
- توفير فرص متكافئة بين الطلاب للوصول إلى المعرفة المناسبة والتعليم الملائم.
- تعزيز مشاركة جميع المعنيين بالعملية التربوية، وضمان تحقيق النتائج والمتطلبات والحاجات التي يحتاجها لكل من الطالب والمجتمع.
وبعد:
فهل يحظى الميدان التربوي في بلادنا بالتوجه إلى الاقتداء بالتجربة الماليزية والتأسي بأساليب التعليم فيها وأهدافه في هذه الظروف التي تؤشر إلى التأسيس لانطلاقة تعليمية مطورة؟!
وهل يمكن أن نضع هذه (التجربة) أمامنا ونحن نرسم ملامح الطريق لمستقبل تربوي في عالمنا العربي في سبيل إنجاح الخطط الرامية إلى الخروج من دائرة الرتابة والعادية والتقليد التي اكتشفناها أخيراً في ميداننا التربوي؟!
وما من شك في أن (التجربة الماليزية) تشكل دافعاً قوياً إلى الأمام ونحن نتطلع إلى تطوير (مناهجنا وأساليب تعليمنا بما يحقق حاجاتنا ويرضي طموحاتنا ويسعى إلى تحقيق (تعليم أفضل) لدى أبنائنا الذين نعدهم للمستقبل).
ويبقى من حق مكتب التربية العربي لدول الخليج علينا أن نشيد بجهوده المشكورة في مجال متابعة كل جديد في إطار (التطوير التربوي) الذي يأتي في مقدمة اهتماماته، سواء من خلال إصداراته ومنشوراته أو سائر نشاطاته وإنجازاته.
والله ولي التوفيق


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved