Sunday 1st August,200411630العددالأحد 15 ,جمادى الثانية 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

نون النسوة تمنع الأطفال من الفرح نون النسوة تمنع الأطفال من الفرح
ظاهر بن علي الظاهر*

منهج غريب علينا، بدأ الناس يتغذونه على طريقة التقليد والمحاكاة؛ وذلك حينما تأتيك بطاقة دعوة لحضور حفل زواج وقد كُتب عليها اسمك فقط بدل أن كان يكتب عليها اسمك والعائلة الكريمة دون استثناء وتأتي معها بطاقة أخرى صغيرة غالباً أو كبيرة مزيَّنة بالألوان النسائية الجميلة قد كُتب عليها اسم الزوجة وحدها والداعية لها والدة العروس أو كلتاهما أو العروس نفسها وفي كلتا البطاقتين تذييل واضح ب (ممنوع اصطحاب الأطفال) لم يكن ذلك إلا حينما بدأت نون النسوة الناعمة تتخذ القرارات الخاصة بإدارة العلاقات العامة المرتبطة بأشياء كثيرة تخص الأسرة.
ولا اعتراض على ذلك فلن تكون الأسرة دون مشاركة المرأة في كثير من أمورها إلا أن هناك أموراً اتخذت منهج المنافسة والتقليد بين النساء ويفعله بعض الرجال على استحياء من المجتمع وخوفاً (منها) ولكنه في النساء أكثر، كعمل البوفيه المفتوح (مثلاً تقليداً ومنافسة لفلانة) الذي يكلِّف الكثير وغالباً ولأنه تقليد دون تخطيط لا يتناسب مع عدد المدعوات اللاتي يتجاوز عددهن أضعاف العدد المخصص له الأكل، وهو ما يحتم وضع تلك الجملة حتى لا يقوم الأطفال بكشف الأستار وإظهار النقص، أو إحضار ضاربات طبل أو عازفات عود وآلات موسيقية أخرى وكل ذلك يكلِّف الكثير من المال الذي لا يعلم كم من الجهد الذي بذله العريس للحصول عليه أو والد العروس.
وما أقصده هنا هو ما وصلت إليه حفلات الزواج والسعي إلى وضع تنظيم لها من أجل المنافسة والتقليد فقط، وقد يكون بلا وعي أو إدراك وغالباً وبصراحة ذلك كله بتخطيط من الوزارة الناعمة صاحبة الدعوة (العروس أو والدتها أو أخواتها أو قريباتها).. كم من الإحراجات التي يسببها ذلك للقيادات الرجالية للأسرة التي تبدأ بالبحث عن طرق تأمين الدعم المادي لتنفيذ رغبات الوزارة الناعمة، إما بالاتجاه للاقتراض من هنا وهناك أو ببيع بعض الممتلكات الخاصة كالسيارة أو غيرها، ومع ذلك وكثيراً لا ينجح هذا العمل ويكون النقد من الحاضرات، إما في نفس الليلة أو في الصباح الباكر عبر خطوط الهاتف أو حركة التنقلات اليومية مع السائق أو الابن بين النساء وكله في الحديث عن فشل زواج فلانة البارحة.
قد تكون هذه الأسباب الداعية إلى منع اصطحاب الأطفال، وقد يكون هناك أسباب أخرى مثل أن يكون هناك مطربات (حسب التعبير) والأطفال يؤثِّرون على استمتاع الحاضرات وإنصاتهن، والكل يعلم أن أجرة صاحبات الأصوات النشاز تعادل قيمة سيارة العريس أو تعادل أجرة شهر كامل سكناً مع التغذية والتنقلات في مكة المكرمة للعروسين، ولكنها حمى التقليد..!
وليس منع الأطفال أو السماح لهم هو المشكلة ولكنها مدخل، إنما السؤال هو ما هي الأسباب التي أدت إلى ذلك؟ ولماذا تحولت حفلات وولائم الزواج إلى منافسات كالتي تحدث الآن؟
كثير من الناس نسي أو تناسى التوجيهات الشرعية في ذلك.. لماذا؟؟
ثم ألا يمكن أن نحكِّم العقل في ما يحدث؟
الآن اتخذ الزواج في بعض الأسر منحى آخر، ليلة زواج مكلفة لحضور الرجال فقط، فيها ما فيها من التجاوزات الكثيرة التي يعرفها الجميع، ثم تليها ليلة أخرى لحضور النساء وبقاء الرجال (في المنزل مع الأطفال)، ولا أظن ذلك، بل الأطفال مع السائقين (؟؟) حتى تخرج (هي) من الحفل في ساعات الصباح الأولى أو مع الخادمات في المنازل (؟؟) حتى تعود..!
وهذه الليلة يجب في نظرهم أن تكون المتميزة بكل ما لم تفعله الأسر الأخرى في زواجاتهم إما في الأكل أو الغناء والطرب أو المكان أو غيره من كل ما يجعلها ليلة لا يستطيع أحد منافستهم فيها؟
أي عقول هذه..؟ لمَ لا نتفكر في الأمم الأخرى؟ لمَ لا ننظر إلى ما حولنا فقط ولا نبتعد كثيراً ونتفكر في أحوال العالم؟
هل المنافسة في الزواجات هي الهم الأكبر لنا ولم يتبق لنا إلا هي؟ وهل هي طريقنا للسلامة من كل شيء؟
هل نجحنا في كل شيء حتى لم يتبق إلا هذا..؟؟
ثم حينما تنتهي تلك الليلة بكل ما فيها ماذا بعد..!!؟؟ نقد وتوبيخ من الحضور وفي نفس المكان!
ساعات قليلة جداً مشبعة بأشياء كثيرة لا فائدة منها ثم ماذا..؟؟
ألا يمكن أن نكتفي بتعبير بسيط عن الفرحة ينشر السعادة في قلوب الحاضرين والحاضرات، والابتعاد عن الإزعاج والترف الزائد، ألا يمكن أن يقتصر الزواج على أسر العروسين والأقارب فقط؟
ليس هذا كل شيء عن حفلات الزواج، فكل قد شارك فيها ورأى ما رأى ولكن هل نقتنع أن حفلة الزواج وليمة إعلان تدل على عقد نكاح بين رجل وامرأة يشاركهما الفرحة فيها الأقارب والأصحاب خالية من كل المحاذير الشرعية والاجتماعية والمغالاة والمنافسة والتقليد كما هو سائد الآن.
العجيب أن النقد على أوضاع الزواج في كثير من المجالس من الجميع تقريباً، وما إن يكون لدى أي أحد منهم زواج حتى يشمر عن ساعديه بدفع من نون النسوة غالباً (وليس كل النساء؛ ففيهن العاقلات اللاتي يزن عقول رجال برجاحة عقولهن وثقلها)، أو من العقلية المتشبعة لبعض الرجال بلا شيء أو بالمنافسة والتقليد أو لتناسب وضعه الاجتماعي الذي في رأيه أنه لا يدل عليه إلا هذه الطريقة لتكون مناسبتهم لا مثيل لها أو تتناقلها الأخبار في كل مكان.
ما ننتقده في الآخرين هو فينا ولكننا قد لا نشاهده..!
ختاماً ما أجمل أن يكون الزواج بسيطاً ليس فيه تميّز عن الآخرين، وما أجمل أن يحضره فلذات الأكباد، وما أجمل تلك الجملة التي تقول: (أطفالكم شموع تضيء فرحنا)، وما أجمل أن يكون خالياً من الإزعاج بكل صوره وخصوصاً تلك السماعات الكبيرة ومكبرات الصوت التي تنقلها متعهدات الإزعاج وتفجير الآذان معهن بسيارة خاصة وكأنهن لا يسمعن إلا بإيصال أصواتهن إلى جميع أركان المدينة..!
هل نحن جادون في أن نتجاوز ذلك..؟؟ الآن.. لا أعتقد.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved