Monday 9th August,200411638العددالأثنين 23 ,جمادى الثانية 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

الرئة الثالثة الرئة الثالثة
نريد مناعةً ضد إدمان الراحة
عبدالرحمن بن محمد السدحان

جاء في نبأ طريف بثته بعضُ وسائل الإعلام قبل حين من الدهر أن حكومة اليابان تدرسُ فكرةَ افتتاح مراكزَ نفسية لعلاج المدمنين من شبابها على العمل،
وقد أملى لي هذا النبأُ خاطرةً ما برحتُ أعجبُ لها ومنها!
كيف؟
* عجبتُ أولاً أن يكونَ في اليابان شباب يهوى العملَ حتى الإدمان.. وقد يقدمُ أحدهم نفسه (قُرباناً) إذا فشل، ثم يبلغُ أمرُ هذا الإدمان حداً يحرضُ الحكومةَ اليابانيةَ على التفكير في التعامل معه.. بالعلاج النفسي!
***
* ثم عجبتُ مرةً أخرى أنّ بلداناً أخرى، كبلادنا، تُبذلُ فيها الجهودُ.. وتُنفقُ الأموال، وتكِلُّ الألسنُ والأقلامُ حثاً للشباب على العمل، فلا يقبل عليه بعضُهم إلاّ وهُم كارهون له، بعد أن (أدمنوا) الراحةَ.. ويعللون ذلك.. تارةً بندرة فرص العمل.. وأخرى بسبب الموقف التنافسي للوافد، وثالثة بسبب مزاجية (الانتقاء) من قبل الشاب لفُرص العمل المتاحة، مكاناً وزماناً وأجراً وكيفاً!
***
وهناك من قد (يُسقط) على الطقس سبب القُعود عن العمل.. لأنُه في تقديره (غير المتواضع) إمّا حار جداً، أو باردٌ جداً، (فيضطرّ) إلى ارتياد البر أو البحر، أو امتطاء متنَ السفر.. ابتغاء الراحة!
***
وهناك من قد يجد في شهر رمضان المبارك (واحةً) من الأعذار.. للقُعُود أو التراخي في الأداء، مع أنّ الشهر الكريم مناسبة ربانيةً لجهاد النفس.. وترويض الهوى، واصطياد فُرصِ العُلا، تقرباً إلى الله بالعبادة، وتزكيةً للروح بالعمل المفيد!
***
ومهما يكن من أمر، أود التعليق على النبأ (الياباني) المشار إليه بما يلي:
أولاً: لا نريدُ لشبابنا أن يدمنوا العمل إفراطاً، إلى حد يجعلهم ينكرون الراحة أو ينسونها، فيظلموا أنفسهم، ويكرهوها بالكلل مللاً من العمل، وإرهاقاً للجسد، وبواراً للروح!
***
ثانياً: لا نريدُ الشابَ أن يدمن الراحةَ تفريطاً، فيحرم نفسه مما منحه الخالقُ، وما اكتسبه هو عبر السنين، ثم تحوله البطالةُ الإرادية إلى ما يُشبه بهيمة الأنعام.. بل قد يكونُ أضل منها سبيلاً!
ثالثاً: نريدُ من شبابنا أن يعملوا وأن يشقوا جهداً وجداً وجودةً، نريدهم أن ينتجوا ويفرحوا بما أنتجوا عطاءً ومردوداً.. ثم لينالوا بعد ذلك من الراحة ما تُمليه فطرةُ النفس.. وحاجةُ البدن!
***
رابعاً: وأخيراً، لسنا في حاجة إلى الاقتداء بالإنسان الياباني أو غير الياباني، فنستورد منه اخلاقياتِ العمل وعاداته وضوابطه! لأن ديننا الحنيف حافل بالقيم والضوابط والمُثُل الكريمةُ التي تحض على العمل، وتحببُ فيه، وتدعو إليه، والراسخون في العلم يدركون


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved