Monday 9th August,200411638العددالأثنين 23 ,جمادى الثانية 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

يارا يارا
من لغو الصيف
عبدالله بن بخيت

اعتدت في هذا الوقت من السنة أن أكتب اشياء تقع بين المتعة والفائدة، مثل بعض الخبرات المتعلقة بصنعة الكتابة نفسها، مسائل تقنية (تكمن قيمتها في قدرتي على إقناعكم بأهميتها) في مطلع حياتي تعلمت الكثير عن الكتابة: فنياتها، أساليبها، متى تكتب وكيف تجرى البحوث الصغيرة، كيف تستخدم الأدوات التي تساعد على الكتابة، أقلد الكتاب الغربيين في تنظيم الأمور. كان هدفي إكساب معرفتي بهذه الصنعة الطابع العملي المنظم بدلاً من التطور العشوائي. نحوت نحو التطور القابل للقياس.
بعض الأشياء تتجه إليها بنفسك وأشياء أخرى تفرضها عليك الظروف.
في السنة الأولى من انخراطي بالعمل المباشر في الصحافة عملت في جريدة الرياض كمسؤول عن الصفحات الثقافية، كان كل شيء رائعاً من الناحية الثقافية. أكبر أزمة واجهتها كانت مع موظفي الصف ومخرج الجريدة. كان خطي هيروغليفياً مكسراً. لا يمكن أن يقرأه مكتشف الهيروغليفية نفسه، ففتحنا خطاً ساخناً بيني وبين المخرج للاستفسار والتصحيح واستمررنا على هذا فترة من الوقت ولكني شعرت أن الجميع بدأ يطفش. جاملوني كثيراً وأخيراً قررت أن أتعلم الطباعة. اشتريت آلة طابعة صغيرة وبدأت الضرب عليها مزعجاً كل من يمر من حولي. مر أكثر من شهر لم أخرج من صف الارتكاز (كمنتاسشيبا). شعرت بالخيبة فقد اقتربت نهايتي كمحرر صحفي وككاتب. كنت في السنة الأولى من حياتي الصحفية. سنة واحدة في الكتابة لاترشح لجائزة نوبل أو لاجتياح التاريخ. أحزنتني أمتي العربية التي سوف تخسر كاتبا لا يعوض.
وأثناء تخبطي في اليأس تنبه الشعب الأمريكي لهذه المأساة التي سوف تحل بالشعوب العربية والإسلامية، فأوعز لشركة أبل سرعة اختراع كمبيوتر ماكنتوش وتعريبه ثم تصديره على جناح السرعة إلى المملكة العربية السعودية كان هذا في بداية الثمانينات. عندما دققت في لوحة المفاتيح عرفت أن الشعب الأمريكي جاملني أكثر مما يجب، فتعلم الطباعة على هذا الجهاز لا يستغرق أكثر من أسبوع، إنه جهاز سهل وممتع كلفني ثلاثة عشر ألف ريال دفعتها عداً ونقداً. لو شريت بها قطعة أرض في ذلك الحين لعوضتني عن كل دخلي في الكتابة منذ ذلك الحين إلى يومنا هذا. بالمناسبة هذه هي طريقة تفكير أبناء جيلي. كلما جلسنا نسولف في الماضي تسمع من يقول: والله يا جماعة سافرت إلى مصر وخسرت عشرين ألف ريال لو أني حاطها في أرض ونسيتها كان هالحين تسوى لها نص مليون.
لا أريد أن انكأ الجراح القديمة. نعود إلى الماكنتوش. كان برفقته برنامج المعالج العربي ثم استبدل ببرنامج أكثر تطوراً يسمى برنامج نصوص. لا تتعدى قوته قوة (NOTEPAD) برنامج الكتابة الصغير الذي يأتي مع الويندوز ولكنه في حينها كان في غاية التقدم والتقنية. كان أكثر من رائع كنت أعده فتحا في عالم الكتابة، تعلمت الطباعة في اسبوع فقط عدت إلى الكتابة والعمل في الجريدة مزهوا بنفسي مبيضا وجه الشعب الأمريكي. انتصرت على اصحاب الخطوط الجميلة من الزملاء كنت أستخدم كل الخصائص المتوفرة في البرنامج فصارت كتاباتي لها نكهتها الخاصة. كنت أول سعودي يكتب أعماله على آلة كاتبة، لم أخبر الزملاء أني اكتب على الكمبيوتر خشية أن يصابوا بجلطات متنوعة فكلمة كمبيوتر في ذلك الحين تعني العبقرية، وكما لا يخفى عليكم معظم الأدباء والكتاب توجهوا إلى الأدب لأنهم سقطوا في الرياضيات. والكمبيوتر مربوط في أذهان الناس بالرياضيات والرياضيات مربوطة بالذكاء. والأهم كيف أشرح لهم أن الكمبيوتر يكتب مقالات فالكمبيوتر في أذهانهم يعني الحسابات والأشياء الرقمية المعقدة. والله المستعان.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved