Tuesday 24th August,200411653العددالثلاثاء 8 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الاقتصادية"

شيء من المنطق شيء من المنطق
حتى لا تضيع أحلام الشباب السعودي
أ.د. مفرج بن سعد الحقباني

مع قرب بداية العام الدراسي الجديد تبدأ الأسر السعودية مراجعة واقع الحال لأبنائها وبناتها خشية أن يكون قطار الأمان قد فات وخشية أن يكون الواقع قد خلف لديهم ابناً أو بنتاً بلا مقعد دراسي يحميه من تداعيات الفراغ ومغريات الانحراف الفكري والسلوكي، ويزاد الشعور بالخوف حدة لدى الأسر الفقيرة التي أصبحت تعي صعوبة الحصول على فرصة عمل في سوق العمل السعودي ولا تستطيع في نفس الوقت تحمل تكاليف تأهيل أبنائها خارج إطار التعليم الحكومي المجاني مما يجعلها تواجه مستقبلاً مخيفاً قد يكون هذا الابن أوتلك البنت أحد متغيراته الصعبة التي تسبب الإزعاج ليس فقط للأسرة ولكن أيضاً للمجتمع والسلطات الرسمية.
ولعل هذا الشعور بالخوف قد بدأ يعمق جذوره لدى الشعور الأسري بعد أن أصبح من معطيات الواقع العجز الملحوظ للأجهزة الحكومية المعنية بسوق العمل عن اتخاذ إجراءات عملية تسهم في تعديل أو تغير مسار المتغيرات الحاكمة لقوى السوق مما أبقى معظم هذه الإجراءات في حدود النداءات العاطفية والتحذيرات المتكررة التي تتلاشى بمجرد اصطدامها بمكونات الواقع الصعبة التي تحظى بحماية صاحب المشروع والمستثمر السعودي، وربما السبب في ذلك يعود إلى عدم قدرة المستثمر السعودي على استشعار الجوانب الأمنية والاجتماعية والفكرية المترتبة على التباطؤ في عملية إحلال العامل السعودي مكان العامل الأجنبي وتركيزه فقط على الكيفية التي يستطيع من خلالها تعظيم ربحه المادي من خلال نشاطه الاستثماري.
فهذا المستثمر لا يرى أنه مسؤول عن الجرائم المرتكبة من قِبل العمالة الأجنبية ولا عن الجرائم التي قد يرتكبها الشاب السعودي العاجز عن الحصول على فرصة عمل ولا يلقي بالاً للمتغيرات الفكرية والاجتماعية المرتبطة بوجود العمالة الأجنبية متذرعاً بالمقولة المشهورة (ما في السوق إلا أنا، والخير لي والشر على الجميع). كما أن استمرار المستثمر السعودي في النظر إلى الأيدي العاملة السعودية على أنها خيار له بديل قد حدَّ من قابليته لعملية الإحلال وزاد من صعوبة تطبيق القرارات والأنظمة لكونها في نظره تمثل تدخلاً سافراً في قراره الاستثماري وتعدياً على مكونات حريته الاقتصادية، وهذا يعني أننا لا نواجه متغيرات حسية فقط، ولكن أيضاً متغيرات معنوية يأتي في مقدمتها ثقافة المستثمر الاقتصادية التي تكونت خلال سنوات الوفرة الاقتصادية بمعطياتها ومتغيراتها المختلفة مما يعني ضرورة التعامل مع المتغيرات المعنوية بحساسية وشفافية عالية حتى نستطيع توفير البيئة الملائمة لتعديل الواقع إلى مستقبل يوفر لمجتمعنا الأمن الاجتماعي والاقتصادي والفكري، وبالتالي فإنني أرى أن القرارات الفردية ذات الدلالة البلاغية العالية قد لا تستطيع لوحدها تجاوز المشكلة إذ يجب أن يصاحبها عمل جاد في مجال كشف حقيقة الحرية الاقتصادية وحدودها التي نسعى لحمايتها وفي مجال كشف دور الأيدي العاملة الأجنبية في صناعة القرارات الإستراتيجية للمستثمر السعودي، لابد أن نعي أن الواقع بمعطياته الأمنية والاجتماعية والاقتصادية لا يسمح لنا أن نستمر في المناورة حول حمى الحلول الفاعلة دون أن يكون لذلك نتيجة ملموسة على أعداد العمالة الأجنبية التي يزداد تدفقها إلى سوق العمل السعودي على الرغم من التزايد الكمي والنوعي في أعداد العاطلين من أصحاب الحق المشروع في العمل، فهل نرى في المستقبل استراتيجية وطنية متدرجة لها حتمية التطبيق تسهم في تطهير بيئة العمل من
شوائب سنوات الوفرة وتحمي الكينونة المجتمعية من الانحرافات الفكرية والسلوكية؟ أتمنى ذلك عاجلاً.

DRMOFA@YAHOO.COM


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved