فورة استيطانية بتأييد أمريكي

تستعر وبشدة حمى الاستيطان في الأراضي الفلسطينية بتشجيع قوي ومباشر من الإدارة الأمريكية التي أعلنت صراحة موافقتها على بناء المزيد من المساكن في أراضي الضفة من أجل توسيع مستوطنة مبررة ذلك بمساعدتها آرييل شارون لتنفيذ خطته للانسحاب من غزة، ومستخدمة التعبيرات نفسها التي تحاول بها إسرائيل تشريع الاستيطان بالقول: إن المباني الجديدة تتم في إطار النمو الطبيعي للمستوطنات.
أي أن الانسحاب من غزة سيتم تعويضه من خلال التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية التي يفترض أنها ستضم الجانب الأكبر من الدولة الفلسطينية إلا أنه مع هذه التوسعات الجديدة إضافة إلى الجدار العنصري لن يكون هناك متسع من الأرض لإقامة الدولة الفلسطينية التي ترى خارطة الطريق المرسومة أمريكيا أنه ينبغي أن يتم تطبيقها العام المقبل 2005، وتعكس المواقف الأمريكية مزيدا من التناقضات بين الخطط والأفكار والواقع، وبينما يطبق الإسرائيليون تصوراتهم على الأرض فإن الأفكار بشأن المستقبل الفلسطيني تظل مجرد أماني معلقة، فهناك دولة فلسطينية كفكرة لكن على الأرض هناك مستوطنات لا تتيح مجالا لتطبيق تلك الأفكار.
وفي عام الانتخابات الرئاسية الأمريكية يتعين على الساعين إلى الفوز بالبيت الأبيض ليس مجرد الاكتفاء بتأييد إسرائيل بل التوجه بشكل عملي لمساعدتها على تنفيذ خططها خصوصا التوسعية، فإسرائيل تهتم أكثر بقضم المزيد من الأراضي العربية وإقامة المستوطنات عليها وفقا لسياسة الأمر الواقع، ومن ثم فإن على الرئيس الأمريكي أن يبحث عن الثغرات التي تتيح له تقديم ذلك الدعم.
وفي الحالة التي أمامنا فإن إدارة بوش تتذرع بأنها لا تدعم سياسة إسرائيلية توسعية تمتد خارج مساحة المستوطنات، وإنما هي فقط تدعم التوسع العمودي في المستوطنات.
ولا تشعر الإدارة الأمريكية بأي حرج إذا كان الدعم الذي تقدمه لإسرائيل يتعارض مع التزاماتها بخريطة الطريق التي هي أحد مهندسيها، فتلك الخريطة تتحدث صراحة عن وقف جميع الأنشطة الاستيطانية، بينما أمريكا تدعم كل الأنشطة الاستيطانية.. ومن يتبرم من هذا الخرق الفاضح للالتزامات من قبل الولايات المتحدة عليه أن يتبرم فقط، فلا سبيل لمنازلة أمريكا في المحافل الدولية كمجلس الأمن أو غيره، فهي غير معنية بالمحاسبة أمام هذه الساحات، وهي أيضا غير معنية بمن ينتقدها فهي تفعل فقط ما يحقق لها مصالح ضيقة، والأحرى أنها تتصرف وفقا لمصلحة إسرائيلية تنعكس بطريقة أو أخرى على مصلحة الساعي للإقامة في البيت الأبيض أكثر من مصلحة الشعب الأمريكي ككل، وإلا فهل من مصلحة الشعب الأمريكي أن يعادي شعوب العالم أجمع من أجل تأييد كيان مجرم مغتصب مثل الكيان الصهيوني. ؟؟