Tuesday 24th August,200411653العددالثلاثاء 8 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

الجلبي ضحية العولمة السياسية الجلبي ضحية العولمة السياسية
عبدالإله بن سعود السعدون*

نسي الدكتور أحمد الجلبي الدرس الأول في سياسة العولمة الجديدة حيث يبقى التابع تابعاً ابداً لسياسة العولمة الجديدة والا يفك الحبل الذي يربطه بصقور البيت الأبيض دون اعتراض على أية سياسة جديدة خاصة بالوضع غير الطبيعي الذي يعيشه العراق حالياً ولم يخطر بباله حين دخوله الوطن بعد غربة دامت أكثر من ثلاثين عاماً ان العربة المصفحة الامريكية التي جاء بداخلها مرتدياً بفخر وزهو بدلة المارينز ومحاطاً بعدد كبير من رجال ميليشيته المسلحة ان نفس تلك المصفحة ستحتجزه وتقدمه للتحقيق بتهم عديدة جهزت له من قبل القاضي زهير المالكي المعين من قبل السفير بريمر تعتمد على مشاركة الجلبي بترويج عملة عراقية مزورة واستغلال مبان حكومية لاغراض حزبية كالبيت الصيني الذي كان من قصور رئاسة الجمهورية في عهد الرئيس صدام حسين وانذرته الحكومة العراقية المؤقتة باخلاء هذا القصر خلال اربع وعشرين ساعة.
منذ سقوط بغداد في التاسع من ابريل 2003م كان نجم الجلبي عالياً في سماء السياسة العراقية وكثرت التقارير السياسية في الصحافة الامريكية بأن الجلبي المرشح الاقوى لرئاسة الحكومة العراقية القادمة ولكن الماضي الشخصي للجلبي يبقى البصمة السوداء في تاريخه السياسي وفي أول خطاب جماهيري له في الناصرية مسقط رأسه وهو مزهواً بالبدلة الكاكي الامريكية وحوله عدد كبير من حراسه الخاصين فاجأته الجماهير الحاشدة وهي تهتف ضده (احنا أهل الناصرية ما نريد الحرامية) ونزل من منصة الخطابة محمولاً بثلة من حراسه متجهاً إلى مخيم أور الأثرية لحضور أول اجتماع للمعارضة العراقية واتهم خلال كلمته في المؤتمر بقايا البعث باثارة الشغب حين القاء كلمته ويطالب باجتثاث البعث من المناصب الحكومية وحل كافة تشكيلاته التنظيمية في البلاد.
وبدأ في هذا التجمع وكأنه زعيم العراق المنتظر ورجل امريكا القوي في تحريك السياسة الداخلية العراقية وركزت وسائل الاعلام الامريكية في تلك الفترة على تحسين صورته وتنظيم حملات تؤيده من قبل شركات العلاقات العامة التي أظهرته بالشخصية العراقية التي تحمل الحقيبة السرية الامريكية في العراق وكان يتصرف مع مؤيديه ومعارضيه أيضاً بأنه السياسي العراقي الوحيد الذي يؤثر على قرارات البنتاجون وان الوزير رامسفيلد صديقه الشخصي ويدعمه ويؤيده لكي يصبح الحاكم الفعلي للعراق الجديد.وكان دوره واضحاً في اختيار العديد من أعضاء مجلس الحكم وقد تدخل في ابعاد شخصيات وطنية عراقية بحجة أن لهم جذورا بعثية قديمة او من اصدقاء بعض رموز العهد السابق، وقد احرج اعضاء مجلس الحكم باعلانه يوم سقوط بغداد بالعيد الوطني وان يكون عطلة رسمية وبعد جدل دام فترة طويلة اكتفى بأن يكون ذلك اليوم عطلة رسمية وان يكون يوم الرابع عشر من تموز العيد الوطني.
ومن نتائج الحملة الاعلامية التي أظهرته بالقرب من صانعي القرار الامريكي ان حزبه المؤتمر الوطني سيكون حزب الحكومة تزاحم منافقو السياسة طالبو المناصب بالانتساب لهذا التكتل السياسي بانتظار تسلم الجلبي مسؤولية تشكيل الحكومة المؤقتة الا ان حساب البيدر اختلف كثيراً حين ظهر التوجيه الامريكي باختيار الدكتور اياد علاوي زعيم الوفاق الوطني بأغلبية اصوات مجلس الحكم وحصد الحلبي الهواء لأنه لم يع الدرس جيداً واخذ يشاكس المستر بول بريمر ويتحداه في قراراته المالية ويطالب بمحاسبته على بعض المصاريف العامة التي يدعي الجلبي أن مبالغها بلغت مليارات الدولارات ونسي أن بريمر الأصل والجلبي صورة غير مصدقة من البيت الابيض حيث وجهت له تهمة تسريب معلومات استخباراتية إلى ايران وعند شعور الجلبي بخطر تحول الصقور الامريكيين عنه ترك الاتجاه الليبرالي العلماني الذي كان الاطار السياسي لحزبه واتجه نحو البيت الشيعي ليصبح عضواً فاعلاً من خلاله ويلتزم الطائفية اطاراً لسياسته الانتخابية في مستقبله السياسي.وفي أول ظهور دولي للدكتور الجلبي حاول ان يترأس الوفد العراقي لعرض السياسة الخارجية للعهد الجديد من خلال اجتماعات مجلس الامن الدولي وكان يشاركه عضوية الوفد السفيرة عقيلة الهاشمي والدكتور عدنان الباجه جي وحاول الجلبي جاهداً ان يترأس الوفد بالقاء الخطاب العراقي امام المحفل الدولي إلا أن السيد كوفي عنان بتوصية من ممثله السفير الأخضر الابراهيمي فضل الدكتور الباجه جي لرئاسة الوفد وألقى الخطاب السياسي العراقي أمام مجلس الامن مما أثار عدم الرضا لدى الجلبي عن موقف الباجه جي من جهة وبينه وعقيلة الهاشمي من جهة أخرى لتأييدها الباجه جي في رئاسة الوفد باعتباره وزير خارجية سابق ودبلوماسي مخضرم عمل في الامم المتحدة لأكثر من دورتين مما حدا بالجلبي الايعاز للسانه الاعلامي انتفاض قنبر بشن حملة تشهير بالسفيرة عقيلة الهاشمي واتهامها بتأييد البعث حين عملها مستشارة دبلوماسية لطارق عزيز وبعد ذلك بفترة قصيرة تم اغتيال السفيرة الهاشمي عضو مجلس الحكم بظروف غامضة بهجوم سيارة مفخخة على سكنها الخاص!ومن الملفات الجاهزة لتحديد نشاط الجلبي السياسي وقد يكون أهمها:
الحكم الجنائي بالسجن اثني وعشرين عاماً على الدكتور أحمد الجلبي لتسببه بافلاس بنك البتراء وضياع حقوق مساهمي البنك بسبب الادارة غير المسؤولة للدكتور الجلبي عندما كان مديراً عاماً له وهربه من عمان قبل ابلاغه بالحكم الغيابي بمساعدة احد اصدقائه الذي اخفاه بصندوق سيارته الخاصة والذي يحظى بالصفة الدبلوماسية بالأردن وأصبح هذا الحكم كابوساً يؤرق منام الجلبي وسيفاً مؤجلاً بيد اعدائه السياسيين في عمان وبغداد.
ان الجلبي سقط سياسياً في واشنطن قبل بغداد حيث اعتمد في مركزه السياسي في العراق على شبكة الصراع بين صقور البيت الابيض والمسؤولين عن تنفيذ سياسة وكالة الاستخبارات الامريكية وجعله المستر جورج تينت ضحية التقارير غير الصحيحة عن وجود أسلحة الدمار الشامل العراقية التي كان يزودها للوكالة الدكتور الجلبي عندما كان متعاوناً معها، وحسب مبدأ الخير يعم افراد العائلة الواحدة فالشر ايضاً يعم فالسكاكين التي قطعت الدكتور الجلبي توجهت لصدر ابن أخيه المحامي سالم الجلبي المسؤول عن المحكمة الجنائية المختصة بمحاكمة الرئيس صدام حسين ورموز عهده بتوجيه القاضي زهير المالكي تهمة التحريض باغتيال مدير عام وزارة المالية الذي حرك ملف تزوير العملة وتهريبها خارج الحدود للدكتور أحمد الجلبي وابن أخيه المحامي سالم الجلبي.وتزامنت عودة الدكتور أحمد عبدالهادي الجلبي رئيس حزب المؤتمر الوطني إلى بغداد ومقر حزبه ومسكنه الخاص القصر الصيني مغلق بأمر الحكومة العراقية لأن هذا القصر من أملاك الدولة والجلبي استولى عليه منذ سقوط بغداد.
ان الدوائر ضاقت على رقبة الجلبي وترك المجال الدولي كساحة لنشاطه السياسي واتخذ من البيت الشيعي طريقاً نحو طهران معتمداً على لعبة الصراع الايراني - الامريكي في الساحة العراقية.ان أوراقاً كثيرة ستتساقط مع رياح الخريف القادم بحلول الانتخابات العامة ان أجريت!

*محلل اعلامي - عضو جمعية الاقتصاد السعودية


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved