Friday 27th August,200411656العددالجمعة 11 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

كيف أرثيك؟ كيف أرثيك؟
أمل بنت صالح بن عبدالرحمن الشثري - رحمه الله-.

كم هي شاقة ومبكية وقاسية حياة تخطف السعادة من أحلامنا.. ورغم يقيني أن الحياة ليست أصداء ضحكة متواصلة.. إلا أنه الأمل في الشفاء.. والحلم الجميل الذي كان يداعب عيوني كل مساء بأن تحملنا تباشير الصباح إليك فنلقاك كما نلتقي بالأعياد.
آه يا أبي فاحت رائحة الفراق فأجدها تملأ المكان وتشغل كل الأوقات ولا أجد في داخلي من يتحدث إلا اضطرابات أمواج متضاربة أراك في ثناياها فأبتسم.. ويعود الأمل.. وتظل التساؤلات تجول في مساحات داخلي تتخبط وتنكسر عند جدار إيماني وعند هذا فقط يخرج ألف دعاء ودعاء.. ولكنك لبيت نداء ربك.
بين أضلعي دوت صرخاتي فما اجتمع الصراخ والدعاء في مكان واحد إلا في صدري..
ها أنت يا أبي تغادر كل أمسياتنا التي تحمل روعة وجودك فتمطر أيامنا ألماً وحزناً نداريه مصدرين عفواً عن كل احزاننا أمام والدتي المتعبة.
كيف أرثيك يا واحتي الخضراء؟ كيف أرثيك وأصداء حزني لا تزال تستوطن كل خلاياي.. تتردد بين أضلعي ألماً لفقدك؟ كيف أرثيك يا أبي ويد الفقد تقبض على قلبي..؟ كيف أرثيك وعيناي لا تزالان تبحثان بين الجموع عن قسماتك الدافئة..؟
كيف احتمل فراغ هذا الوجود منك؟ كيف سيبدو الصباح بدون ان أحتسي ابتساماتك واسمع همهمة دعواتك..؟
كيف احتمل الزوايا والأماكن بدون أن اشتم عبق حنانك..؟ ولكنه القدر ومشيئة الله التي لا ترد..؟
وما أن أعود إلى ذاكرتي حتى استقبل آلاف الأحداث والصور ثم أعلقها على شجاعتي لاستعرضها كل يوم.. يا لها من مشاهد تخترق ذاكرتي تحولني إلى ميلاد وفجر جديد ثم أعود إلى واقع افتقادك فأنزف ألماً.
كم أحن إلى قسماتك الحنونة عندما تطغى كل الوان البشر فتتعكر رؤيتي فتكون أنت الأمل في نقاء الزمن ووضوح الرؤيا حتى إذا أغمضت عيني ورأيتك امتلئت ارتياحاً.. ها أنت يا روعة الدنيا تغادر بعد أن أشعرتنا برقي إنسانيتنا وبأننا نحمل في دواخلنا عطراً عتيقاً يستنشقه كل من حولنا بسلوكياتنا.. وبعد أن أيقظت في وجداننا كل معنى للحياة الدافئة.. بعد أن كنت كالسحابة تهمي زخاتها بحنان وحب.. تهدهد قلوبنا تمنحها الحياة.. بعد أن احتويت كل لحظاتنا ونحن نأتي إليك ونهطل حروفاً مبعثرة نحلم معك بكل ما هو جميل فنراك تحضنها حبا يورق بين جنباتنا مذكراً إيانا أننا دائماً مع من نحب كسواد العين وبياضها.. تغادرنا بعد أن كانت ملامحك الباسمة ترشدنا في كل مكان إلى رياض المشاعر المعشبة والتي حينها فقط تورق الحياة وترسم لنا زهوراً بكل ألوان الحب ونداه..
أبي.. رؤيتي لك في دعاء الناس وثنائهم عليك ميلاد لملايين الكلمات التي تزدحم على باب قلبي لتكون النتجية صمتا روحه دعاء أعلم أنك تسمعه... اللهم اجمعنا وإياك في مستقر رحمته...


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved