Friday 27th August,200411656العددالجمعة 11 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "عزيزتـي الجزيرة"

حقاً أنهم لا يطبقون على أنفسهم ما يكتبون حقاً أنهم لا يطبقون على أنفسهم ما يكتبون

أعجبني كثيراً ما كتبه الأخ أحمد خالد العبدالقادر بعدد الجزيرة (11643) المعنون (سؤال للكتّاب: هل تطبقون ما تكتبون على أنفسكم أم أنها المثالية؟).. لقد أجاد صاحبنا وأصاب ووفق في حسن اختياره ومناقشته للموضوع، ولقد صدقت بكل كلمة حبرتها وكل عبارة سطرتها.. نعم أمة قدر أن تكون أقولها مخالفة لأفعالها وأمة تميزت بحبك الكلام بعيداً عن ترجمته إلى أفعال حتى سمي العرب ظاهرة صوتية..
بعض من رجالات الثقافة والفكر وأصحاب الأقلام والإعلام الذين نالوا شهرة واسعة وسلطت الأضواء عليهم ووصفوا بالنخبة والصفوة بين أوساط المجتمع، كشفت الأيام والأحداث والنوازل حقيقتهم وفضحت أمرهم، كانوا يصنفون أنهم أهل قدوة وأصحاب رأي ومشورة يستنار بأفكارهم ويؤخذ من كلامهم، إلا أن الوقت فضحهم فهم يقولون ولا يفعلون ويتحدثون ولا يطبقون يدّعون المثالية وواقعهم أبعد ما يكون عن المثالية.. جرهم بريق الشهرة ولمعان الأضواء وخدمهم الحظ أو العلاقات لتجعلهم كتّاباً بارزين ونقاداً مشهورين تصدروا صفحات المطبوعات أو مؤخراتها، يكتبون بشكل يومي أو أسبوعي يحبكون الكلام الجميل وينتقون الجمل المؤثرة بنقد واقعي وجريء، نستمتع بما يكتبون ونؤيد ما يقولون، ولكن نصطدم عندما نجدهم لا يتلزمون بما ينادون به ويفعلون خلاف ما يقولون، فهم ممن يأمرون بالمعروف ولا يأتونه وينهون عن المنكر ويأتونه وكأني بقول الشاعر:
لا تنهَ عن خلق وتأتيَ مثله
عارٌ عليك إذا فعلت عظيمُ
ولتأكيد القول وإثباته فقد كتب أحد الكتّاب خلال الشهر المنصرم بإحدى الصحف المشهورة وبعموده اليومي مقالاً بمنتهى الروعة والجمال وبوصف دقيق ونقد جريء لمن شدّوا الرحال وربطوا الحبال للاستمتاع بمناظر الجبال ومجاري الأنهار وظلال الأشجار في بلاد عربية أو غربية تحت عرف الاصطياف وبرامج السياحة من أجل الهروب من الحر اللافح إلى البرد القارس، وكاتبنا الغيور تحدث عن المخاطر وأنواع الابتزاز الذي يلقاه السائح الخليجي وما يترتب عليه من هدر اقتصادي كبير.. حقيقة سعدت بطرحه وسرّني نقده وأعجبني غيرته لوطنه، لكنني صدمت وذهلت عندما علمت أنه شدّ الرحال بصحبة أسرته الكريمة وغادر وطنه ومنطقته من أجل الاستمتاع والاستجمام ببلد الجبال ومناظر الأشجار وشواطئ البحار!!..
نعم إنها الحقيقة فبالأمس يطالب بالسياحة الداخلية ويحذر من مخاطر السياحة الخارجية قولاً لا فعلاً، واليوم وقد ذهب إلى هناك يتنعم هو وأسرته بأجواء لطيفة ومناظر خلابة ومآكل طبيعية.. وقد يقول قائل: هو حُرٌّ يذهب أينما يشاء، أقول: نعم هو حر، لكن الحر هو الذي يترجم أقواله إلى أفعال، ويلتزم بما يكتب أو يلتزم الصمت فهو أفضل له.. القارئ ليس إنساناً ساذجاً تنطلي عليه تلك المثالية التي يتغنى بها هذا الكاتب وأمثاله، ظناً منهم أنهم النخبة والصفوة وما عداهم فهم بسطاء وسطحيون يمكن تمرير المقالات والكتابات دون تمييز أو تفريق للمقبول والمفروض والصحيح والخاطئ.. أجزم أن كاتباً يسير على هذا النمط سوف يفقد مصداقيته وقيمته في أوساط المجتمع خصوصاً أن نسبة عالية من أبناء الوطن على درجة عالية من الثقافة والعلم والمعرفة والتميُّز بين الغث والسمين.
خاتمة
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ*
كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}.

ناصر بن عبدالعزيز الرابح/حائل


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved