Friday 27th August,200411656العددالجمعة 11 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "زمان الجزيرة"

23 ذو الحجة 1391هـ - الموافق 8-2-1972م العدد 377 23 ذو الحجة 1391هـ - الموافق 8-2-1972م العدد 377
أضواء على النقد الأدبي
بقلم: عبدالله بن سعد الرويشد

النقد الأدبي هو ميزان العدالة في تحليل ودراسة الآثار الأدبية والحكم عليها من حيث وجهة قوتها أو ركاكتها، وللنقد الأدبي عدة شروط وقواعد وأحكام يقوم عليها، وأهمها هي:
الغاية والفكر والتعبير.
الغاية:
تفهم الغاية الأدبية من كل أثر أدبي بعد دراسة البيئة التي قيل أو كتب فيها ودراسة الدوافع التي دعت لوجوده وموافقة ذلك الأثر لمتطلبات بيئته، هذا مع مراعاة نزعات الأديب النفسية ومراعاة مبدأه الفكري العام الذي ينطلق من خلاله للكتابة والتعبير عن رأيه.
الفكرة:
إن الفكرة هي الناحية الرئيسية التي يجب أن ينظر إليها حين النقد الأدبي، فالكاتب أو الشاعر لا يستطيع إثارة اهتمام القارئ إلا من حيث جدة فكرته وقوة مغزاها وطرافة تفاصيلها، ولكي تكون الفكرة مقنعة لا مآخذ نقدية عليها يجب أن تسندها البراهين والشواهد، حين يكون الموضوع بحثاً أدبياً أو علمياً، كما يجب أن تكون مترابطة بتسلسلها في الموضوع لا نشوز أو طفرة فيها كما لا تكون ذات تطويل ممل بشرحها، والنقد لا يكون واضحاً صريحاً فيها إلا حين يأتي بالشواهد التي تثبت قوتها أو ركاكتها.
التعبير:
إن الطريقة التي يتبعها الكاتب أو الشاعر بالتعبير عن فكرته هي التي تجعل له صفة خاصة يتميز بها عطاؤه الأدبي عن عطاء وإنتاج الآخرين.
وهذه الطريقة تشمل اختيار الألفاظ وسبكها في جمل وترابط تلك الجمل بتسلسل معانيها ومطابقة تشابهها حين يكون التعبير أدبياً، ودقة الملاحظة مع سهولة الفهم حين يكون التعبير علمياً موضوعياً.
ولكي يتمكن الناقد الأدبي من إعطاء حكم مجرد نزيه وجب عليه أن يكون واسع الاطلاع غنياً بالمعلومات حول الموضوع الذي يريد نقده، كما يجب عليه ألا يتحيز لصاحب الأثر الأدبي أو ضده، وحين الانتهاء من التحليل والدراسة يستحسن دائماً أن تعطى نتيجة موجزة لرأي الناقد في القطعة المنقودة ولم يكن للنقد الأدبي وجود في العصر الجاهلي سوى التحكيم بين الشعراء في أسواق الأدب كأسواق عكاظ ومجنة وذي المجاز، ذلك التحكيم هو الذي كان يفضل قصيدة على أخرى أو خطبة على خطبة، ولكن بعد الإسلام أصبحت تعقد مجالس أدبية، وفي تلك المجالس كان يعطى الرأي ببعض الآثار.. وفيما يلي أقدم لك أيها القارئ الكريم - مثالاً لإحدى الجلسات الأدبية في صدر الإسلام.
اجتمع بالمدينة راوية جرير وراوية جميل وراوية نصيب وراوية الأحوص فافتخر كل منهم بصاحبه، وقال صاحبي أشعر فحكموا سكينة بنت الحسين بن علي بينهم لما يعرفونه من عقلها وبصرها بالشعر فخرجوا يتهادون حتى استأذنوا عليها فأذنت لهم فذكروا لها الذي كان من أمرهم، فقالت لراوية جرير: أليس صاحبك الذي يقول؟


طرقتك صائدة القلوب وليس ذا
وقت الزيارة فارجعي بسلام

وأي ساعة أحلى من الطروق؟
قبح الله صاحبك وقبح شعره، ثم قالت لراوية جميل أليس صاحبك الذي يقول:


فلو تركت عقلي معي ما طلبتها
ولكن طلابيها لما فات من عقلي

فما أرى بصاحبك من هوى إنما يطلب عقله قبحه الله، ثم قالت لراوية الأحوص أليس صاحبك الذي يقول:


من عاشقين تراسلا وتواعدا
ليلاً إذا نجم الثريا حلقا
باتا بأنعم ليلة وألذها
حتى إذا وضح الصباح تفرقا

فقال راوية الأحوص: نعم، فقالت سكينة: قبحه الله وقبح شعره ألا قال تعانقا بدلاً من تفرقا؟
ثم قالت لراوية نصيب أليس صاحبك الذي يقول:


أهيم بدعد ما حييت فإن أمت
فواحزنا من ذا يهيم بها بعدي؟

فما أرى له هماً إلا فيمن يتعشقها بعده، قبحه الله وقبح شعره ألا قال؟


أهيم بدعد ما حييت فإن أمت
فلا صلحت دعد لذي خلة بعدي؟


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved