Tuesday 28th September,200411688العددالثلاثاء 14 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "حدث في مثل هذا اليوم"

فشل الوحدة بين مصر وسوريا فشل الوحدة بين مصر وسوريا

في مثل هذا اليوم من عام 1961 انتهت الوحدة بين مصر وسوريا.
فمع نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 وهو العام نفسه الذي شهد ولادة الجامعة العربية أو ما بات يعرف بالنظام الإقليمي العربي، تنامت الدعوة للوحدة وظن كثيرون من مريديها ودعاتها أنها قابلة للتحقيق.
وفي الخمسينيات انتقل دعاة الوحدة من الظن إلى ما يشبه اليقين - خاصة مع نجاح ثورة يوليو المصرية ورفعها لشعار الوحدة، وهو نفس الشعار الذي رفعه حزب البعث الذي تشكل في سوريا عام 1947.
وتحول شبه اليقين إلى واقع فعلي مع إعلان دولة الوحدة بين مصر وسوريا في 22 فبراير 1958، وبفضل نظرية الدومينو والمد القومي الكاسح وشخصية جمال عبد الناصر الكاريزمية وبرنامجه الذي حقق نجاحات لافتة في مصر، اعتقد كثيرون وقتها أن دولة الوحدة من المحيط إلى الخليج ليست سوى مسألة وقت.
لكن وبعد ثلاث سنوات وسبعة أشهر انهارت دولة الوحدة بين الإقليمين الشمالي والجنوبي في 28 سبتمبر 1961، واللافت أو المضحك أن حزب البعث القومي كان أحد المشجعين على هذا الانفصال والداعمين له!
وفي الستينيات تلقى المشروع الوحدوي الضربة القاصمة بهزيمة يونيو 1967، وانتهى العقد ودولتا القلب العربي تسعيان لمحاولة استرداد اراضيهما المحتلة، كان الشعار المرفوع (إزالة آثار المعركة) ما يعني تأجيلا لكل شيء سواه.
وفي 28 سبتمبر 1970 رحل جمال عبد الناصر ليتلقى دعاة الوحدة ضربة جديدة، ومن الصدف الغريبة أن يوم وفاته صادف نفس يوم الانفصال الأمر الذي اعتبره كثيرون الموتة الأولى لناصر قبل أن تعصف به كارثة يونيو.
ولم تأت تجربة الوحدة بين مصر وسوريا من فراغ , ولم يكن قيام دولة الجمهورية العربية المتحدة إلا حلقة في سلسلة طويلة ومتصلة تشكل رباطا تاريخيا قدريا وحتميا يربط بين مصر وسوريا ويصنع ملامح وتفاعلات العلاقات بين البلدين , وقد طغي هذا الرابط التاريخي علي الفاصل الجغرافي بين البلدين إلى الدرجة التي بدا معها وكأنه قد تلاشى.
وإذا كان العالم قد شهد علي مر العصور قيام دول وأفول أخرى , إلا أن دولة الوحدة كانت بمثابة تجربة فريدة في العصر الحديث حري بنا أن نضعها في إطار تحليلي واقعي بعيدا عن الأهواء والأحقاد , ليس لأنها تتناول مرحلة مهمة في تاريخ دولتين بوزن مصر وسوريا , وليس لأنها قد مثلت في حينه تغييرا جذريا بما أوجدته من إطار هيكلي وتنظيمي جديد يحكم العلاقات المصرية السورية، ولكن لأن الظروف والأبعاد التي في ظلها قامت دولة الوحدة لم تزل قائمة حتى الآن وإن تغيرت الملامح والرتوش، وإذا كان أفول دولة الوحدة قد مثل في حينه أقصى درجات الجزر بعد المد الأقصى في العلاقات المصرية السورية فإن الطبيعة الحيوية والديناميكية لهذه العلاقات وما تتسم به من خصوصية وروابط حتمية سرعان ما أدت إلى تجاوز هذا .
لذلك لم يكن بمستبعد أن يلي ذلك محاولات أخرى لإعادة صنع إطار تنظيمي آخر يحكم العلاقات المصرية السورية مثل ميثاق 17 إبريل 1963 وهو ما سمي باتفاقية الوحدة بين مصر وسوريا والعراق , وكذلك اتفاقية اتحاد الجمهوريات العربية الموقعة في بنغازي أيضا في 17 ابريل 1971 بين مصر وسوريا وليبيا وإذا كانت هذه التجارب لم يكتب لها النجاح , فإن المغزى الواضح منها هو تأكيد أهمية العلاقات المصرية السورية كعلاقة حيوية ومحورية إزاء التحديات المشتركة على الساحة الإقليمية والدولية .


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved