إصرار على العدوان

لم تشأ إسرائيل الاخلال بالايقاع السريع لمذابحها في قطاع غزة، خصوصا وانه يتناهى إلى سمعها -وهي في غمرة عمليات القتل والتنكيل- تصريحات أمريكية تتوعد باستخدام الفيتو في مجلس الامن ضد من يقدم على محاولة ادانة هذه المجزرة التي تتواصل من حوالي الاسبوع في مخيمات تعاني من الفقر المدقع ومن جور العدوان الاسرائيلي المقيت.
وتشن اسرائيل عدوانها تحت ذريعة وقف اطلاق صواريخ القسام باتجاه المستوطنات، وعندما بادر الفلسطينيون بالاستعداد لاسكات هذه الصواريخ فإن اسرائيل سارعت إلى رفض العرض، حتى وان كان يتفق مع هدفها المعلن المتمثل في وقف هجمات الصواريخ، ومن
الواضح ان اسرائيل تتطلع إلى اكثر من اسكات تلك الصواريخ والاستمرار في هذه المذبحة التي تجيء في اطار سعيها المستمر لاخضاع الشعب الفلسطيني لتصوراتها القاصرة بشأن التسوية، فضلا عن رغبة مستمرة في الانتقام من المقاومة التي تزداد صمودا كلما انزلت بها إسرائيل المزيد من الضربات ما يؤجج مشاعر الغضب في نفوس الإسرائيليين الذين يستكثرون على المقاومة هذا الصمود في وجه اعتى آلة عسكرية وحربية في المنطقة.
الاصرار الإسرائيلي على العدوان يتيح لاسرائيل الهروب من استحقاقات السلام وطمس أية محاولة جديدة او قديمة بهذا الصدد، وترى إسرائيل انها -حتى وهي تتهرب من السلام وتمعن في نهجها العسكري- لا تزال تحظى برضا أمريكا التي تبارك ما تقوم به وتنظر اليه على انه دفاع عن النفس، قائلة في كل مرة ان لإسرائيل حق الدفاع عن نفسها بالطريقة التي تراها.
أما الطريقة التي تراها إسرائيل بل وتفضلها فهي إزالة كل ما هو فلسطيني على الأرض الفلسطينية بما في ذلك النساء والاطفال بل وحتى هذه المنازل والمزروعات التي تشع منها روح الفلسطينيين.
اذ يبدو أن حالة من الرهاب (الفوبيا) تعتري إسرائيل من كل ما هو فلسطيني اعتبارا من الحجر وحتى الانسان الذي يرمي هذا الحجر.
وفي كل مرة ترتكب فيها إسرائيل جولة من هذه الفظائع فإنها تحرص على الوصول بها إلى ذروة الوحشية، خصوصا وانها تتطلع إلى اعطاء الفلسطينيين نموذجا لما تكون عليه الجولات القادمة من بشاعة وفظاعة، أي باختصار فإنها تريد توجيه درس لا ينسى للفلسطينيين، لكن سرعان ما يرد الفلسطينيون بدرس على طريقتهم الخاصة وهو في الغالب يزلزل الكيان الاسرائيلي بسبب الاسلوب المفاجئ والموجع للضربات الفلسطينية، فهذه الضربات تظل دائما تنطوي على عنصر المفاجأة التي تنزل بمثابة الكارثة على اسرائيل، لكن اسرائيل لا تتعلم من الدرس وليس هناك من يساعدها على استيعاب حقائق الاوضاع، حيث ان الحقيقة الاهم هي ان الشعب الفلسطيني لن يتخلى عن حقوقه مهما تكالبت عليه قوى البطش والعدوان الاسرائيلية وغيرها.