Saturday 9th October,200411699العددالسبت 25 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

الوسطية في استعمال الحق الوسطية في استعمال الحق
عبدالله بن عبيد بن عباد / عضو هيئة التدريس بكلية الملك خالد العسكرية

قد يتبادر إلى أذهان بعض الناس أن الشيء المشروع أو المباح أو حتى الواجب - أي حق لهذا الشخص - أن له استيفاءه ومزاولته بقطع النظر عن أي متعلقات ذات صلة بهذا المباح أو المشروع أو الواجب.
وهذا الظن ليس بصحيح على إطلاقه، فقد جاءت الشريعة المطهرة بالعدل والإحسان في استيفاء الحقوق وممارسة المشروع، وليس أدل على ذلك من آية القصاص التي ذكر فيها جزاء قتل النفس بغير حق وهو من أعظم الحقوق وأبينها، وجميع الدواعي متوفرة للإساءة في استيفاءه ومع ذلك يأمر الله المؤمنين بالمعروف في الطلب والإحسان في الأداء، قال الله تعالى {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} (البقرة: 178). فإذا كان الله تعالى يطالب ولي المقتول الذي رضي بالدية بأن يطلبها بالمعروف ويطالب القاتل بأداء الدية بإحسان إلى ولي الدم فكيف بالحقوق والواجبات التي دون ذلك، فضلاً عن المباحات والمشروعات.
ومن هذا الهدي القرآني الكريم يتضح لنا أن من يتعسفون في استعمال الحق الجائز له ويحملون الآخرين تبعات ذلك أنهم مخطئون من حيث ظنوا أنهم مصيبون.
والإخلال بهذا المبدأ يقع كثيراً اليوم في الكثير من ميادين العمل المختلفة وينتج عنه من السلبيات والآثار ما يفقد تلك الميادين حيويتها وإنتاجيتها، فتحل البغضاء بدل المودة والوهن بدل النشاط، هذا فقط عند إساءة استعمال الحق المشروع، فكيف إذا كان التعسف بغير وجه حق فلا شك أن الأمر سيزداد سوءاً وهي مرحلة تقتضي التدخل المباشر من جهة الإشراف وإقامة العدل والإنصاف لمنع من يريد الإساءة في استخدامه للسلطة التي في يده لا سيما في هذا العصر الذي كثرت فيه المسؤوليات وتنوعت درجاتها وليس كل أحد يحسن القيام بوظائفها.
ونحن المسلمين نملك من القواعد والمبادئ الكلية العامة الكفيلة بأن نكون مميزين في تحقيق هذه الآداب والأخلاق الكريمة في التعامل مع الآخرين ولكي يتحقق هذا الأمر لا بد من الأخذ بالأسباب ومن أهمها تقوى الله، ثم التدريب الجاد، والسعي الدؤوب للتطوير، وتحديد الصلاحيات ومعرفة الواجبات معرفة دقيقة والفصل بين المهام في كافة ميادين العمل، ثم المتابعة والمحاسبة بعد ذلك.
وأعتقد أن مؤسسات التوجيه والإرشاد الديني والنفسي الموجودة في القطاعات الحكومية والأهلية تقع عليها مسؤولية مباشرة حول التوعية بهذه المسألة وجعلها من بديهيات الأمور التي يتقنها ويحسنها العاملون على اختلاف درجاتهم.
كذلك أدعو معهد الإدارة العامة إلى عقد دورات تتناول الجوانب الأخلاقية والأدبية في عالم الإدارة والوظائف، وأن تكون عامة لجميع المستويات مما سيعود بالخير على مجتمعنا ويكون سبباً في إزالة التقصير والخطأ، وهو أمر تسعى إليه قيادتنا الرشيدة وتحث عليه دائماً، وفق الله الجميع لكل خير.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved