Wednesday 20th October,200411710العددالاربعاء 6 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

كلمة الأمير.. اعتدال في الطرح وشمولية في المضمون كلمة الأمير.. اعتدال في الطرح وشمولية في المضمون
عبدالله سعيد بن محفوظ

تابعت كلمة صاحب السمو الأمير تركي بن محمد بن سعود الكبير - وكيل وزارة الخارجية المساعد للشؤون السياسية مدير عام المنظمات أثناء الدورة الستين للجنة الدولية لحقوق الإنسان.
وجاءت الكلمة- التي بثتها القناة السعودية ومعها العديد من القنوات الفضائية الأخرى - مصدراً لفخري واعتزازي وإعجابي، حيث قدمها أمير أكاديمي هو أمير دكتور أو دكتور أمير لا فرق، كما أنها لخصت سياسات المملكة في هذا المحفل تجاه حقوق الإنسان المستمدة من كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
براعة الاستهلال كانت أحد ملامح القوة في كلمة سمو الأمير تركي إذ أنه بعد أن شكر من يستحقون التقدير لجهودهم بيّن بوضوح موقف المملكة واستنكارها للعمل الأليم الذي راح ضحيته أبرياء في مدريد، فالموقف يقتضي ذلك.
أليس من حق أي إنسان أن يعيش في أمان، أوليس هذا هو حكم الإسلام، فكان جديراً بالمملكة أن ترفع صوتها عالياً بالتنديد بهذا العمل الإجرامي.
ليس غريباً أن تدافع المملكة عن حقوق المظلومين والمضطهدين ولا سيما من المسلمين فهذا هو قدرها وواجبها التي شُرفت به وهذا من فضل الله تعالى وكرمه على هذه البلاد، غير أنه في ظل الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على عمل المؤسسات الخيرية توقع البعض أن لا يتطرق للحديث عن استمراريتها ودعمها، لكن المملكة العربية السعودية تعلن من ذلك المنبر في غير ما مواربة، أنها ثابتة على مبادئها مستمرة بإذن الله تعالى، في دعمها لعمل المؤسسات الخيرية مع إشراف ومراقبة دقيقة لكي لا ينحرف هذا العمل الخيري عن مقاصده النبيلة.
كما كان رائعاً من سمو الأمير أن يلفت نظر الغربيين بخاصة إلى أن دعوات الصراع ليست حكراً على فئة المتطرفين عندنا فكتاب (صراع الحضارات) هو لكاتب أمريكي رامياً بعرض الحائط كل قيم التسامح والتحاور التي يدعو إليها ميثاق الأمم المتحدة، ومرة أخرى يوّجه الأمير تركي نقداً مبطناً للولايات المتحدة عند قوله بأن الأمم المتحدة ينبغي أن تكون هي المرجع في إدارة الأزمات في إشارة إلى انفراد الولايات المتحدة بقرار حربها على أفغانستان والعراق.
حذر الأمير تركي في كلمته من خطورة أن تتحول العولمة Globlaization من نظام يحقق السلام والعدل ورخاء الشعوب إلى إدارة لغرض الهيمنة والاستبداد وإلغاء الآخر، وهو ملحظ في محله إذ إن كثيراً من الشعوب الغربية نفسها تحمل هذه المخاوف.
كثير هم أولئك الذين يشعرون بعقدة النقص أو الانهزامية أمام الغربيين ولا سيما إذا كان في عقر دارهم، لكن هيهات أن يكون من يمثل المملكة على أعلى المستويات بهذه الروح، فقد أعلن سمو الامير بكل وضوح وجلاء أن الأديان السماوية، والتي تنكرت لها المادية المعاصرة، أعطت الإنسان حقوقه من حرية وعدل ومساواة، ثم أكد أن الإسلام جاء بهذه الحقوق من قبل 14 قرناً من الزمان تالياً قول الله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ.. الآية}.
إن اعتزازنا بقيمنا ومبادئنا والتي أعلن عنها سمو الأمير في هذا المحفل لهي من أهم العوامل على احترام وتقدير الغربيين لنا.
حقاً لقد كانت كلمة مليئة بإعلان مبادئ وثوابت سياسات المملكة التي أرسى دعائمها الملك عبدالعزيز - رحمه الله تعالى - فبالرغم من الضغوط الشديدة التي تُمارس ضد المملكة للتخلي عن تحكيم شرع الله سبحانه وتعالى التي شرفها به إلا انها ما فتئت تعلن في كل مناسبة انها ملتزمة بذلك فها هو سمو الأمير يعلن أن المملكة ومن منطلق تطبيقها للشريعة الإسلامية تقوم بعملية إصلاح مستمرة في شتى المجالات بما يتناسب مع مبادئها وقيمها.. إن الإسلام لا يعارض التطوير والإصلاح بل يحث عليه في ظل الثوابت القطعية التي جاء بها الدين الحنيف وهذا ما أكده سمو الأمير في كلمته بكل وضوح وجلاء معلنا انه لا مندوحة من الاستفادة من تجارب الآخرين والأخذ بها أياً كانت ديانتهم بما لا يتعارض مع مصالحنا الوطنية.
مشيراً إلى أن هذه الإصلاحات نابعة من داخل حسبما ما تمليه احتياجاتنا وليس الإصلاحات إملاءات تفرض علينا فرضاً من خلال نظريات لا تأخذ بعين الاعتبار هوية وثقافة الشعوب المراد إصلاحها، موضحاً سموه أن هذه الإصلاحات أيضا تمر بمراحل، وهذا ما يقتضيه المنطق والتجربة أيضاً.
إن كان لي أن أصف كلمة سمو الأمير الدكتور تركي بن محمد بن سعود الكبير في كلمات فيمكن القول إنها كانت متزنة في طرحها معتدلة في مضمونها شاملة لعدد من القضايا الساخنة على الساحة يقدمها رجل واثق ومعتز بهويته وثقافته.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved