Thursday 28th October,200411718العددالخميس 14 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الثقافية"

ارتكز على سُنَّةِ التغيير بالنفس ارتكز على سُنَّةِ التغيير بالنفس
الصحفي العراقي يضيء للأمة طريق الأمل
الكتاب يتطرق للامكانات التي تمتلكها الأمة ولم تستغلها

صدر للكاتب الصحفي الأستاذ رضا محمد العراقي كتاب جديد بعنوان (الطريق إلى التغيير)، يطرح من خلاله رؤية شاملة ونظرة ثاقبة حول إمكانية إحداث تغيير شامل في إطار الإمكانات المتاحة للأمة العربية. والجديد الذي يحمله الكتاب أنه لم يتطرق إلا للإمكانيات التي تمتلكها الأمة ولم تستفد منها بعد.
ويوضح المؤلف أن التغيير في النفس سُنَّةٌ كونية لا يدركها الكثيرون ولا يعمل بها إلا القليلون.. مشيرا إلى أنها سُنَّة مغيَّبة في كل برنامج إصلاحي أو تعديل استراتيجي، وهي سُنَّة مستبعدة من كل الأطروحات الفكرية والفلسفية والايديولوجية، رغم أنها الأساس والأهم في أي تغيير يقصد أو أي تعديل يحدث؛ فبدونها لا يستقيم التفكير ولا يتكامل التغيير ولا يتعاظم التنظير!!
ويؤكد العراقي في كتابه أن الله قد أهدى هذه الأمة وتلك المنطقة نعما كثيرة بدءا بموقعها الجغرافي المتميز، ومرورا بالكنوز التي تمتلئ بها جوف الأرض وانتهاء بالطاقة والقوة البشرية الهائلة، لكننا لم نحسن استخدام هذه النعم وتلك الخيرات، بل أهدرنا الكثير منها، وما زلنا، حتى صرنا أضعف أمم أهل الأرض، وطمع فينا القاصي والداني.
ويرى رضا العراقي أن الأمة مطالبة الآن، وليس غدا، بأن تخرج من الكبوة التي وضعت نفسها فيها بقراءة ملامحها وخريطتها من أجل أن يكون لها رقم في هذا العالم وتستعيد عافيتها وهيبتها وقوتها، مشيرا الى أن ذلك لن يحدث إلا من خلال تغيير يحدث في الذات وتعديل في التفكير وتجديد في أنماط السلوك وإعادة قراءة الأهداف والطموحات حتى لا نظل نراوح مكاننا ولن نتقدم خطوة واحدة للأمام، وستظل مطالبنا رهن الأماني في الوحدة العربية أو الجامعة الإسلامية كهدف طُرح منذ انتهاء الخلافة العثمانية في بدايات القرن الماضي، فقد أضعنا عمرا نجري وراء الأحلام وننساق خلف الشعارات ولم نفكر لحظة واحدة في تغيير النفس وتبديل السلوك من أجل أن يستقيم الهدف مع الفعل والعمل مع الشعار والتخطيط مع الطموح.
ويتساءل المؤلف، في سياق عرضه لما بعد المقدمة: كيف لدولة كالهند، فقيرة اقتصاديا بدأت بنجاح في منافسة الولايات المتحدة الأمريكية في صناعة الإلكترونيات ونظمها، وأنشأت القرية الذكية التي بدأت تتبوأ مكانة دولية مرموقة لدرجة يتوافد عليها الأمريكيون أنفسهم؟!! ويضع المؤلف يده على العلة في هذه الأمة من خلال مناهجها وسياستها التعليمية التي أفرزت أشباه متعلمين وأجيالا تحمل جهلا تقنيا وصناعيا واقتصاديا، إلى جانب أنها لم تنجح في تأهيل أجيال تملك الشجاعة في التباهي بثقافتهم وهويتهم مثل غيرهم من الأمم الأخرى، لكنها أفرزت في محصلتها مَنْ اقتنع بسلبية المقاومة والإذعان للاستسلام والركون إلى واقع لا يستطيع أن ينتشلهم من الواقع المرير.
ويصرخ المؤلف: ما كنا نخشاه بالأمس حدث اليوم، والتساؤل الذي كان مستبعدا في الماضي حضر وأطل برأسه اليوم، وأصبح الآن وجودنا وهويتنا وقيمنا وثقافتنا ووجهة نظرنا في الكون موضع تساؤل أمم أخرى، وقبل أن تتساءل هذه الأمم، بدأنا نسأل أنفسنا تلك الأسئلة المحرجة: ماذا قدمنا للأمم الأخرى في العلوم والاقتصاد والسياسة والتقنية؟.. لذلك كان لابد للحديث عن التغيير والمستقبل والتعرض لأشكال الحكم والعلاقة بين السلطات ومدى حرية الفرد وشكل المؤسسات الاجتماعية ودور القيم في ضبط حركة المجتمع، ومن ثَمّ لن يحدث التغيير إلا عن طريق تغيير المؤسسات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وقواعد وقيم السلوك السائدة.
الكتاب يقف عن كثب على المؤهلات التي وهبها الله لهذه الأمة ولم تستغلها فحق عليها العقاب بأن أصبحت في ذيل الأمم وتأتيها المبادرات من قوى دولية خارجية لتحقيق مصالحها.
ويستلهم الكتاب المنهج الرباني في التغيير.. وعبقرية المكان الذي يطل عليه العالم العربي وسط قارات العالم، ورغم ذلك لم تستفد المنطقة إلا بمشروع واحد هو شق قناة السويس التي ربطت بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر واختصرت مسافات وأزمانا طويلة للتجارة الدولية.. ولم تستفد الدول من الجوار الجغرافي والخصوصية الثقافية في العلاقات التجارية مع بعضها البعض.. إضافة لعدم توظيف أكثر من 280 مليون نسمة في التنمية والنهوض على الرغم من أنه يمكن أن يكونوا هدية ديمغرافية لتلبية تطلعات الأمة ورفاهيتها.
ويستدعي المؤلف مقولة الدكتور طه حسين حينما قال (يقولون: إننا في مرحلة انتقالية، وأن النهضة آتية، وأنا أرى أن هذه المرحلة قد طالت أكثر مما هو مقدر لها، وأن النهضة قد تأخرت أكثر مما ينبغي).
ويرى العراقي أن معجزة انتشالنا من حالة العجز والوهن يمكن تحقيقها لكن بشرط أن تبدأ بالإنسان وتنتهي بالإنسان؛ لأن أصل التنمية والتقدم في أي مجتمع هو الثقافة الجماعية للمجتمع، فالفرق بين الإنسان المتقدم والإنسان النامي أو المتخلف هو ثقافته وقدرته على الخروج من مسببات الأزمة بفكر واعٍ وثقافة واسعة.
ويخلص المؤلف إلى ضرورة ترسيخ مفهوم أو فكرة الثقافة الديمقراطية وهو مصطلح معني بتعزيز الشورى الديمقراطية من خلال التعريف بقيمها والإعلاء من شأن هذه القيم والدعوة إلى الممارسة الديمقراطية واكتساب عاداتها، وهي عادات تؤدي إلى التشاور والتعاون من أجل المشكلات العامة وتحقيق الازدهار المهم.
فسيظل النمو الاقتصادي يعتمد على الموارد والقدرات البشرية، وتحتاج المجتمعات لكل طاقاتها البشرية لكي تكون ناجحة وصالحة للعيش، وعليها أن تبذل كل ما في استطاعتها للاستفادة من هذه القدرات والعمل على ضمان توظيفها على الوجه الأمثل.. وهذا ما هدف إليه الكتاب من أول صفحة حتى آخر صفحة.
الكتاب يستحق أن يُقرأ.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved