مذبحة المسلمين في تايلاند

في جنوب شرق آسيا، وفي أنحاء أخرى من العالم نجحت بعض وسائل الإعلام، خصوصاً الغربية، في وصم المسلمين بالإرهاب، وصار ينظر إلى أي مسلم نظرة الريبة والشك، وانتهزت بعض الأنظمة هذه الصيغة الكاذبة لتبرير سياسات قمعية ضد بعض السكان، وقد جاءت المذبحة الأخيرة في تايلاند في أجواء الاتهامات الجائرة بالإرهاب على عموم المسلمين.
غير أن مذبحة الإثنين ليست الأولى في تلك البلاد فقد سبقتها قبل عدة أشهر مذبحة وقعت في جنوب تايلاند، حيث تسكن أغلبية مسلمة، واتخذت تلك المذبحة التي نفذها عسكريون من مسجد في المنطقة مسرحاً لها حيث تمَّ قتل العشرات من المسلمين.
وبصرف النظر عن طبيعة المشاكل السائدة في الإقليم التايلاندي وتلك التي يعاني منها المسلمون، فإن وقوع مذبحتين تفصل بينهما عدة أشهر، لا بد من أن يلفت أنظار العالم أجمع إلى ما يجري في تلك البلاد، والكيفية التي يتم بها التعاطي مع المطالب والمشاكل التي تهم أعداداً كبيرة من السكان.
ومن المؤكد أن مسلمي العالم في هذا الشهر الفضيل الذي ينبغي أن تتواتر فيه مكارم الأعمال وتتعزز فيه عمليات التواصل الإنساني بين المسلمين، يسوءهم أن يتعرّض مسلمون لهذا الأذى الشديد، وأن يتم قتلهم بهذا الشكل الجماعي المريع.
إن الدوائر التي يهمها تلطيخ صورة المسلمين بكل ما هو شائن، هي التي تعمل على تطبيق هذا النموذج البشع أينما تواجد المسلمون، وهذه الدوائر رغم تباين مشاربها في أنحاء العالم إلا أنها تتفق على كراهية الإسلام والمسلمين.
ففي الغرب حيث الهيمنة الصهيونية على مراكز القرار السياسي، وحيث السطوة الإعلامية لهم، فإن هذه الكراهية تغذيها بشكل خاص الرغبة في الإعلاء من شأن إسرائيل والحفاظ على ما اغتصبته من أراضي العرب وضمان تفوقها من جهة التسليح على كل دول المنطقة بغرض إخضاعها لمرئياتها وحجب تأييدها الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
ولأن الهمّ الإسلامي، هو واحد فإن المسلمين في كل مكان يتجاوبون ويتفاعلون مع ما يحدث لأي مجموعة منهم، وهم يسوءهم كثيراً ما حدث في تايلاند، كما تؤلمهم المذابح اليومية التي يتعرَّض لها الفلسطينيون من قِبل قوات الاحتلال الإسرائيلية، وينظرون باهتمام إلى المصاعب التي تتعرَّض لها الأقليات المسلمة في جميع انحاء العالم.
وسيكون مفيداً للعالم أجمع أن يتم النظر إلى هذه المصاعب نظرة متجردة عن الغرض، وأن يتم عزها من المزاعم التي ترددها الدوائر المتربصة بالإسلام والمسلمين والتي لا تفتأ تصمهم بالإرهاب، وغيره من النعوت التي تتناقض وسماحة الإسلام وروحه الطيبة التي تعلي من شأن الإنسان في كل مكان، وتحض على التعاون الإنساني لخير البشرية جمعاء.